من دفتر الوطن

المجتمع «الطليق»!

| عبد الفتاح العوض 

عادة لا أتحدث في القضايا الاجتماعية، يقيناً أن التغيير الاجتماعي يحتاج إلى وقت طويل والصدام مع المجتمع غير مجدٍ إن لم يكن ضاراً فعلاً.
ثم إنه عندما يكون الأمر متعلقاً بعلاقة المجتمع مع الدين فإن المسألة تصبح أكثر تعقيداً.
أقول هذا لأناقش موضوع الطلاق في المجتمع السوري من زاوية صعبة جداً، وأدرك مدى صعوبتها.
في يوم الجمعة الفائت وعلى قناة سما الفضائية وفي برنامج يعده ويقدمه الدكتور خضر شحرور كانت معظم الأسئلة حول الطلاق، هذا الكم من الأسئلة أثار استغراب الشيخ نفسه كما أثار اهتمام إحدى المتصلات، وكأمثلة عن الأسئلة التي تمت الإجابة عنها حول الطلاق، ما له علاقة بحلفان يمين الطلاق على الزوجة إذا خرجت من البيت أو حضرت حفلة أو زارت أحداً ما، وفي أغلب الأحيان كانت إجابات الدكتور خضر واضحة وقاطعة وباتجاه أن هذه الألفاظ توقع الطلاق، إذا كانت بنية الطلاق.
من حيث المبدأ أكن احتراماً لعلماء الدين والموضوعات الشرعية التي يتم الإفتاء بها، هم أهل لها ولسنا في وارد مناقشة هذه الفتاوى من الناحية الشرعية، كما أعبر عن احترامي للشيخ شحرور لاتزانه وانسجامه مع ما يعتقده، لكن علينا أن نتابع هذا الموضوع من زاوية أخرى.
هل من مقاصد الشريعة أن تنهار البيوت بالطلاق بسبب اللغة والألفاظ التي نستخدمها في تعاملاتنا، في دلالات استخدام الألفاظ في أي مجتمع أهمية خاصة، والأسلوب الذي يتبعه الأزواج في استخدام كلمة طلاق يعود في الأصل إلى «التهديد» و«التخويف» ولو كان يقصدها تماماً لما تراجع عنها بهذه البساطة.
ولنفترض أن زوجاً طلب من زوجته ألا تذهب لزيارة جارتها وإن ذهبت فستكون طالقاً، ثم غيّر رأيه ووجد أنه لا مانع من ذهابها فلماذا يقع الطلاق إذاً، إذا ذهبت بعد أن يغير رأيه؟
لن أذهب أكثر من ذلك، لكن ما أود أن أقترحه هنا أن تتم دراسة شرعية وقانونية الطلاق الشفوي، والفكرة طبقت في المغرب، وتتم مناقشتها حالياً في كل من مصر وتونس.
وفحوى الاقتراح أن يتم إلغاء العمل بالطلاق الشفوي، ومن يرد أن يطلق فعلاً فعليه أن يذهب إلى المحكمة الشرعية مع شاهدين لإعلان الطلاق.
أهمية هذا الاقتراح أن الوقت الذي يقرر الزوج الذهاب إلى القاضي الشرعي مع الشهود سيكون كافياً لقراءة ثانية لقرار الطلاق، ولعل القاضي والشهود يساهمون في تعديل قراره، إن كان القرار ناتجاً عن غضب أو تسرع أو تهور.
كما تلاحظون لم أحاول أن أدخل أي آية أو حديث في مقاربة هذا الموضوع ولا حتى أي رأي شرعي لأنني لا أريد أن أتناول الموضوع من زاوية ليس لدي القدرة على مناقشتها، ونتركه لأهل العلم، لكن من الناحية الاجتماعية من الواضح أن المجتمع يعيش اهتزازات شديدة جراء الأزمة الطويلة التي نمر بها.
أضع هذا الاقتراح لمن يعنيه الأمر.
فإن كان صالحاً وممكناً شرعياً وقانونياً فلنبدأ به، وإن كان خطأ قانونياً وخطيئة شرعية فإني أتراجع عنه.

أقوال:
• إذا كان ضيوفي عقلاء فعلى المائدة ما يكفيهم، وإن لم يكونوا عقلاء فعلى المائدة أكثر مما يستحقون.
• نسيان الغاية هو أكثر الغباء شيوعاً.
• الله لا يعطينا عقولاً ثم يعطينا شرائع مخالفة لها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن