من دفتر الوطن

قتل العقل

|  حسن م. يوسف 

يعلم قارئي المتابع، أنني لا أحب المفرقعات، ولا من يفرقعون، لقناعتي بأن المفرقع يستخدم المفرقعات لجذب الأنظار إليه، لأنه غالباً ما يكون شخصاً لا يملك من الخواص ما يلفت الانتباه! وقد تأكد لي أن الكتاب الذين يفرطون في استخدام الإثارة، كالطباخين الذين يبالغون في استخدام البهارات، غالباً ما يهدفون للتغطية على زنخ المادة التي يطبخونها.
قبل أيام تلقيت من ثلاثة أصدقاء افتراضيين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خبر اغتيال العالم المصري المهندس رفعت همام في بيروت على يد مجهولين، وما أطلق فضولي إلى آخر مداه قول أحد الصحفيين: «وتشير أصابع الاتهام إلى الموساد لرفضه التعاون معهم ولجوئه كما يبدو للتعاون مع حزب الله».
ونظراً لأن وسائل التواصل الاجتماعي غالباً ما تنشر معلومات مضللة، فقد قمت بعملية بحث دقيقة خلصت من خلالها إلى أن العالم المصري موجود حقاً وأنه قد تم اغتياله فعلاً في بيروت صباح يوم الأربعاء الموافق 3 كانون الثاني 2014.
صدمتي كانت مركبة، لأنني أعتبر نفسي من المتابعين لهموم الأمة، مع ذلك لم يسبق لي أن سمعت بهذا العالم لا حياً ولا شهيداً، وما يزيد الأمر غرابة هو الاختراعات العلمية المهمة التي تنسب لهذا المخترع، والتي ما كنت لأصدقها لو لم أرَ صور بعض منها! 1-شبكة إنذار مبكر للصواريخ. 2- سيارة طائرة تستطيع التحليق في الهواء بسرعة 280 كيلو متراً في الساعة بسعة شخصين والسير على الأرض بسرعة السيارة العادية. -3 جهاز لتحلية مياه البحر يعمل بقوة الأمواج، 4- جهاز تلقيح صناعي للمواشي،5- موتور لتوليد الكهرباء باستخدام الجاذبيه الأرضية من دون وقود.
وما يجعل الإثارة تبلغ حدها الأقصى هو أن المخترع الشهيد كان قد صرح لمقربين منه قبيل سفره إلى بيروت بأن سماسرة مصريين كانوا يضغطون عليه كي يبيع اختراعاته لشركه (إسرائيلية). والحق أن هذا الكلام ذكرني بواقعة كنت قد فكرت بكتابة سيناريو تلفزيوني حولها هي حادثة اغتيال عالم الذرة المصري يحيى المشد الذي كان يتعاون مع صدام حسين في بناء مفاعل تموز النووي، فعُثِر عليه يوم الجمعة 13 حزيران عام 1980 في حجرته رقم 941 بفندق الميريديان في باريس، مهشم الرأس تماماً. وفي هذه الجزئية رسالة تحذير رمزية لبقية العلماء العرب كي لا يفكروا باستخدام علمهم لمنفعة أمتهم.
أثناء غرقي في عملية البحث اكتشفت أيضاً أن مهندساً أردنياً يدعى موفق المومني كان قد أعلن في عام 2012 أنه « اخترع مولداً كهربائياً ذاتي التشغيل، يعمل باستخدام الجاذبية الأرضية من دون الحاجة لأي نوع من أنواع الوقود، ويكفي هذا المولد الكهربائي لإضاءة منزل يتكون من 8 غرف».
كما اكتشفت بنتيجة البحث أن مخترعاً سودانياً يدعى ياسر محمد آدم تمكن في عام 2009 من اختراع «مولد ذاتي لإنتاج الطاقة الكهربائية، حيث يعمل المولد من دون الحاجة إلى طاقة خارجية»، لكننا لم نسمع عن تحقق أي من هذين الحلمين.
صحيح أن معارفي العلمية لا تسمح لي بتأكيد جدوى المخترعات المذكورة في هذا المقال، لكنني أستطيع أن أؤكد بشكل جازم أن العالمين يحيى المشد، ورفعت همام، قد تم اغتيالهما بظروف غامضة، لدرجة الوضوح، كما تم اغتيال أكثر من ثلاثمئة عالم عراقي من الموساد منذ جريمة احتلال العراق وحتى الآن.
فمتى يجد العَالِمُ العربي من يحتضن حلمه ويحميه من القتلة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن