ثقافة وفن

الشهرة ما لها وما عليها

| د. اسكندر لوقــا

في كتابه «نار وغضب» يذكر مؤلف الكتاب مايكل وولف أن مساعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب سام نونبرغ سأله: لماذا تريد أن تصبح رئيساً للجمهورية؟ فأجابه ترامب: سأصبح أكثر الرجال شهرة في العالم!
وبطبيعة الحال، فإن مثل هذا الطموح مشروع، ومن حق كل إنسان يجد في نفسه الكفاءة ليكون مشهورا في بيئته أو خارجها، أن يسعى للشهرة، لا ليكون حُكما أكثر المشاهير في العالم بل ليكون وجوده في الحياة حضورا بالفعل لا بالقول.
في حالة الرئيس ترامب، من الطبيعي أن يتساءل أحدنا: ماذا عن تبعات هذه الشهرة وماذا عن تداعياتها داخل وخارج بيئته؟ وهل الشهرة كصفة تلازم البعض من الناس جديرة بالاحترام أم لا؟ في حالة الرئيس ترامب من المفيد القيام بمقارنة بينه وبين مشاهير آخرين في العالم كان لهم دورهم في توريث الأجيال اللاحقة ما يحمل أبناءها على احترامهم أم لا.
ترامب، صار عملياً الرجل الأشهر بين الرجال في عالم اليوم، ولكن ماذا عن مكانته بين رجال سبقوه لنيل هذه الصفة ممن تركوا وراءهم بصمة إيجابية، سواء في الشأن السياسي أم العلمي أو الثقافي أو الفني وسوى ذلك؟ لهذا يندرج السؤال ما الفرق – على سبيل المثال – بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبين الرئيس الأميركي ويلسون الذي قدم رسالة إلى الكونغرس وضع فيها بنوده الأربعة عشر مع طلب تأسيس عصبة أمم تعنى بحقوق الشعوب المضطهدة؟
ترامب الذي أمر بتوجيه ضربة لمطار الشعيرات، غير الرئيس ريتشارد نيكسون الذي أصدر قراراً بوقف عمليات القصف الجوي والبحري ضد فيتنام الديمقراطية، سواء أكان ذلك بدافع إنساني أم كان مرغما على اتخاذ قرار كهذا ليقينه بأن حربه على فيتنام الديمقراطية حرب عبثية أمام صمود قوات فيتنام.
في هذا السياق يمكن للذاكرة أن تستدعي العديد من الأمثلة عن رؤساء خانوا رسالتهم وآخرين شذوا وضلوا الطريق بإقناع أنفسهم أنهم سيكونون الأشهر بين مشاهير زمانهم بأي وسيلة كانت فسقطوا في الامتحان.
بين المشاهير من الرجال الذين لا يستحقون الاحترام، على الرغم من أنه جاء وقت كادوا يحتلون فيه أرجاء العالم قاطبة أمثال هولاكو وجنكيز خان وتيمورلنك وأرطغرل ونيرون. وفي العصر الحديث نقرأ عن هتلر وموسوليني وجورج بوش الأب فضلا عن مشاهير آخرين، أقل مرتبة من رئيس دولة، كالجنرال غورو وموشي دايان وأرئيل شارون واللورد آرثر بلفور وجمال باشا السفاح. هؤلاء أيضاً كانوا الأكثر شهرة بين الرجال في أزمنتهم، ولكن ماذا بقي منهم في الذاكرة البشرية إلى يومنا هذا؟ بقيت صور وتبعات أحداث الغزو والاحتلال والقتل والتدمير والاغتصاب وما شابه ذلك.
في حالة الرئيس الأميركي الحالي في الوقت الراهن، تباشير لمثل هذه الصور والتبعات التي ستبقى في الذاكرة كما يلاحظ. ومن يقرأ كتاب نار وغضب، يستنتج كم هو وزنه بين المشاهير من رجال العصور القديمة والحديثة على حد سواء. يستنتج ذلك في سياق تعليقات من قبل حتى أقرب المقربين إليه في بيته الأبيض.
في مثل هذه الحالة ماذا عن الشهرة؟ ماذا لها وماذا عليها كمبدأ؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن