ثقافة وفن

الإنسان من الذات إلى المجتمع والحياة … كتاب يرفد القارئ بطاقة إيجابية تجعل نظرته إلى الحياة جديدة

| سوسن صيداوي

الإنسان كائن اجتماعي بالطبع وبالفطرة. لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يبقى وحيداً وغريباً عما يدور حوله في مجتمعه، ومن ثم ما يدور في حياته هو انعكاس لعلاقاته الاجتماعية التي تمر بأنماط من العلاقات تترواح بين مدّ وجزر، استقرار واضطراب، هدوء وفوضى. لكنّ هذا التذبذب نتاج عملية طبيعية تكون حافزاً له على الاستمرار في المضي برسالته، ولا يمكن أن تشكل عائقاً يحول دون أداء تلك الرسالة. وللمزيد حول هذا الموضوع نضع بين أيديكم بعضاً من النقاط التي وردت في كتاب (الإنسان من الذات إلى المجتمع والحياة) للدكتور محمد نظام، الصادر عن وزارة الثقافة الهيئة العامة السّورية للكتاب، الذي جاء بـ305 صفحات تضمنت ثمانية فصول تنوعت بين تطوير الذات وإرشادات قادمة من دراسات وأبحاث لبناء حياة ناجحة، مع تأكيد أهمية الوقت، وضرورة الحوار والتواصل مع الآخر مهما كانت الحجوزات الفاصلة، مع أهمية العطاء في حياة الإنسان. إضافة إلى الكثير من النقاط والإرشادات والنصائح. ومن الكتاب إليكم بعضاً من كل.

طريقان للحياة
يقول د. محمد نظام: إن في الحياة طريقين إحداهما طريقة مطروقة موصلة إلى الحياة العادية، والأخرى هي الطريق الموصلة إلى حياة النجاح والارتقاء. متابعاً: «إنّ طيف الاختلافات في كل من هاتين الغايتين يشبه في تنوعه تنوع المواهب والشخصيات عند البشر، لكن الفرق بين هاتين الغايتين يشبه الفرق بين الظلمة والنور. إن الطريق المؤدية إلى الحياة العادية تقيّد الإمكانات الإنسانية، أما الطريق المؤدية إلى السمو والارتقاء فهي تحررها وتطلقها من عقالها، وبتعبير آخر هي عملية متواصلة من النمو المستمر الذي يبدأ من داخل الإنسان ويتجه إلى الخارج في حركة تصاعدية».

عبّر عن صوتك
عندما تقرأ في الكتاب تجد وتحت عنوان (عبّر عن صوتك) أن المؤلف يركّز على الكيفية التي حقق من خلالها عظماء التاريخ الإنجازات مساهمين بشكل هائل في تقدّم الإنسانية، معدداً العناصر بـ: الرؤية والانضباط، الحماسة والضمير. متابعاً: إن الانضباط يعبّر عن الذكاء الجسدي، والحماسة تعبّر عن الذكاء العاطفي، والضمير يعبّر عن الذكاء الروحي. مشدداً على أن كل تلك العناصر المذكورة أعلاه، تجد قاسماً مشتركاً يجمع بينها، وهو البذل المستمر وجهاد النفس في تنمية قدراتهم، أو أنواع الذكاء الأربعة بشكل هائل.

صديقك الذي تصاحبه
لا يمكن للإنسان العيش من دون أصدقائه، لكن المهم في الأمر من نصاحب ومن نصادق وكما يقال: (صديقك من صَدَقك وليس من صدّقك). إذاً يشدد المؤلف في هذه الفقرة على أن الصديق من تنشد التسلية والمتعة في صحبته، وليس هو من تلازمه أو يلازمك طمعاً في مال أو جاه، بل الصديق من تتعلم منه كيف تتخلص من العيوب والأخطاء؟

مفاتيح الحياة الناجحة
أفراد المجتمع كلهم يشتركون في رغبة التميّز وطموح التفوق والنجاح في الحياة، إلا أنهم قد يختلفون في حقيقة التفوق الذي يرغبون فيه، ويتباينون في جوهر النجاح الذي يطمحون إليه، فمنهم من يقيس النجاح بعدد المشروعات والاستثمارات وأرصدة المال، ومنهم من يعتبر أن الشهرة الواسعة وتسلّم الموقع الذي يتنافس عليه الناس، هو قمة النجاح، ومنهم من يراه في تحصيل أعلى المراتب العلمية والأدبية والفكرية وسواها. متابعاً د. نظام: «إلا أن النجاح الحقيقي، والتفوق الفعلي، يمكن أن يعبر عنه بأنه تلك المهارات والقدرات في تحقيق ما ترجو من طموحات وغايات…. إن تحقيق المزيد من الآمال والغايات يستلزم بالدرجة الأولى وجود المواهب والإمكانات، ولعل ثروتك الذاتية التي حباك اللـه بها في شخصيتك وعقلك وطاقاتك هي خير رصيد يمكنك استغلاله والاستفادة منه في تحقيق أعلى مستويات النجاح التي تطمح إليها. إن تحصيلك العلمي وما تملكه من معارف وثقافات كناتج مباشر للقراءة بما تمثله من أهمية وفاعلية في يومياتك وحياتك العامة، كما أن تواصلك الإيجابي مع الناجحين والمتميزين بخاصة، وإتقانك وتفانيك في أعمالك ومسؤولياتك وحسن إدارتك للوقت بعامة، كل ذلك يعتبر من العوامل القوية والمساعدة في تحقيق التميز والنجاح في الحياة».

القراءة قيمة ونعمة
يقول المؤلف: إن القراءة ليست مجرد هواية نمارسها متى نشأ كما أنها ليست فقط من الضرورات، بل هي مظهر من مظاهر الحياة الجوهرية ومدخل للحضارة البشرية، مضيفاً: إن الإنسان الذي حُرم أو حرم نفسه القراءة فقد حُرم شيئاً عظيماً، إذ أوصد في وجهه باباً كبيراً من أبواب الحياة وهو باب العلم والمعرفة، مشيراً إلى أن الإنسان الذي يعرف القراءة لكنه يعزف عنها، فهو كمن أعطي مفتاحاً لكنز من كنوز الدنيا فتخلى عنه وأعرض عنه طوعاً.

كيف تعيش بروح الشباب
مدى الحياة؟
عن هذا العنوان سلّط د. محمد نظام على عدة نقاط منها أن التقدم في السن بحد ذاته لا يعد سبباً أو عاملاً في الاضطرابات الجسدية والعقلية، بل الخوف من آثار تقدم العمر ربما يكون سبباً رئيساً في الشيخوخة المبكرة ومضاعفاتها، كما قال: إن التقدم في السن في جوهره عملية تغيير وخطوة جديدة إلى الأمام في طريق الحياة الذي لا نهاية له، فالإنسان يملك قوى تفوق قواه الجسدية وحواس مذهلة تفوق حواسه الخمس، مؤكداً نقطة مهمة بأنه على المرء ألا يفوّت على نفسه أي فرصة بمجرد الظن أنها لا تناسب سنه، فهذا الشعور سيؤدي أكثر فأكثر إلى التبلّد والجمود والموت الفعلي. هذا إضافة إلى الكثير من النقاط التي ركز عليها الباحث والتي بها يُغني سلوك وفكر الإنسان نحو تطوير أفضل للذات البشرية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن