اقتصاد

إشكالية أولوية الإقراض

| علي محمود محمد

أصدر مصرف سورية المركزي القرار رقم 99/ ل.أ تاريخ 21/01/2018 والذي طلب من المصارف التريث في منح قروض أو تمويلات لشراء السيارات سواء للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين (عدا المركبات المستخدمة لغايات إنتاجية كالجرارات والحصادات)، ويعد هذا القرار تصويباً للقرار السابق الذي سمح بتمويل شراء السيارات الجديدة والمستعملة حيث بدأت بعض المصارف بالإعلان عن منحها لهذه القروض لاسيما بنك الشام الإسلامي.
وفي هذا الصدد يمكن القول إن إعادة الحياة الإنتاجية والصناعية للبلد (بعد هذه الحرب التي طال عمرها عن 7 سنوات) لا تبدأ بمنح قروض شراء للسيارات لما لذلك من استنزاف كبير لسيولة المصارف على ركن استهلاكي بحت في ظرف يستدعي عودة الحياة الإنتاجية للبلد وتوجيه التمويل نحو الأنشطة التنموية لاسيما المشروعات الصغيرة والمتوسطة زراعيةً كانت أم صناعية بغية تلبية جزء من الحاجات والمنتجات الاستهلاكية التي يتطلبها البلد تخفيفاً لفاتورة الاستيراد مما يساهم (مع سياسة المصرف المركزي والقرارات الخاصة بالنقد) بالحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة السورية والذي ينعكس تباعاً على المستوى المعيشي للمواطن، وبنفس الوقت يساهم بتشغيل السيولة الفائضة لدى المصارف في كافة مجالات الإقراض التنموية والمفيدة اقتصادياً والمدرة ربحاً للمصارف بضمانات كافية.
وبالتالي فتوجيه التمويل نحو العقارات المهنية والصناعية الصغيرة والمتوسطة (معامل، ورشات، مصانع) يجب أن يأخذ الأولوية خلال العام الحالي لما لهذه المعامل من أثر مباشر وسريع على إقلاع الدورة الاقتصادية أكثر من المعامل الكبرى والتي قد تتطلب العمل من الصفر، فيجب أن يكون لهذه المشاريع النصيب الأكبر من التمويل وذلك وفق ضمانات منطقية كافية تغطي كافة المخاطر التي قد يتعرض لها المصرف.
وفي هذا الصدد فإن شروط المصرف المركزي والخاصة برصيد المكوث تشكل إرهاقاً للصناعي أو صاحب المعمل في الحصول على هكذا تمويل والبدء بالعمل، فمن الجيد أن تتم دراسة تخفيف هذا الشرط أو إلغائه لبعض القطاعات التي تراها السياسة الاقتصادية العامة ذات أولوية أو ذات جدوى أكبر، ومن ثم خلال العام القادم قد يكون البدء بمنح القروض السكنية (ترميم، شراء) هو الأولوية الاجتماعية والإنسانية التالية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن