ثقافة وفن

سعدو الذيب بعد رحلة في عشق الفن والوطن في رحلته الأبدية … عاشق الكلمة والنغم وخلود الربابة

| إسماعيل مروة

يتكلل جبل حوران بالغيم لأجلك
لم يشأ أن تغادره دون غيم
لم يقدر على فراقك دون دمع
لمثلك تهطال دمعه
لك خير مطره العميم
انعقد الغيم عمامة على قمته
ليقف معك الموقف
ليودعك كما لم يفعل الآخرون
ليحوط جسدك المنتمي إلى المرقد
ليغمرك بخير يسوع الذي أحببته
عشت غريباً عمرك
اغترب جسدك عن وطنك
عشت بعيداً عن سهل حوران
وحين عدت انزرعت
فكنت دمعاً ينسرب في التربة
أصيلاً كنت
كريماً كنت
بل أجرؤ أن أقول متلافاً كنت
أتلفت كل شيء على أرضك
وفي الخاتمة أتلفت كبدك
حوّلته إلى مزق من حب ووله
كنت سعداً وسعدو
كنت ذئباً ضارياً على حدود حب
كنت سعداً وأباً لحاتم
لم يكن حاتماً عبثاً
فالطائي منارة
وحاتم مثال
فكان حاتماً وكنت أباه في الكرم
وكانت سفّانة!
أمن عبث كان وكانت
سفّانة التي خاطبها النبي:
إن أباها كان يحب مكارم الأخلاق
فكنت الأب
وكنت الجد لسفّانة
ها أنت ترحل يا سعدو
ها أنت تغادرنا يا أبا حاتم
الأصايل تذرف دمعها عليك
والربابة تقطع أوتارها حزناً
قالوا الصقيع
قالوا العمر
ولم يدر واحد أنه الحزن على فراقك
من للربابة بعدك؟
من لحزنها المنسرب من أعماق روح؟
كنت نسيجاً مختلفاً
كم أعدت إلى أرض حياة!
وكم نفثت من روحك!
كم من دخيلة عرفت!
وكم من آبق أعدته إلى الجادة!
ذرات رمل البداوة تحزن لفراقك
نفثت في حياتها الروح
كنت أول من أنصفها
قدمتها كما هي لا كما يحبون
أبا حاتم.. أبا سفّانة.. أبا..
أبا الأصالة
كانت حياة البداوة تنتظر قلمك
كتبت بمداد حبك عن الأصايل
جلوت حقيقة الدخيلة
وعلى نغمات حزن آسرة أعدت الروح لها
فكانت على يديك ربابة
من كلماتك
من جملك اللحنية
من روحك
من شامتك التي تتربع وجهك
صارت آلة فيها الحياة
صارت صديقة لخيمة ودمع أصيل
وكان فهد بلان بانتظارك
صمت طويلاً
سكت عن إعادة ذاته
وفي سهل حوران كان ينتظر
وجئت أنت
سكبت روحه في كلماتك
وزرعت روحك في جملته
وعلى رجولة صوته لعبتما في السهل
وتسلقتما الجبل
ومن سهل حوران
كانت بداية جديدة
كتبت… لحنت
وغنى فهد
فكانت حياة خلود لفهد
وطن بلا شعارات
وحب في التفاصيل..
وفي الحرب كنت
ولسورية أغنياتك
كم جبهت الحرب بكلماتك!
وكم وكم!
تزينت الشاشة بفواصلك
كلماتك لسورية لا تنسى..
أيها الراحل الكبير
أعدت للأغنية روحها
فكنت سورياً وكانت أغنيتك
أعطيتها ذوب روحك..
كم شهدت الأروقة دورانك
تبحث عن صوت وكلمة ولحن..
كم ارتاح الجميع إلى جلساتك
ليس من أحد لم يكن صديقاً لك
وليس من أحد أن يدّعي قربه
أتذكر حين كنت تنسى السفّانة
وأنت تعثر على صديق وتغيب معه!
وهي ترقبك وبحبك تكبر..
اليوم يا سعدو سيفقدك الأصدقاء
واليوم سيشتاقك البخلاء
لأنك كنت الكريم الذي لا يسأل
اليوم يا أبا حاتم ترحل
وتبقى عالبال
كما سهل حوران
بقي في وجدانك
ستبقى في وجدانه أغنية أبد..
كما رقصة ستي
وكما حوّل يا غنام
وكما سيد درويش
أهديت لحوران العظيمة
أنشودة بقاء وخلود
أنت من أعطيتها بحبك
وستبقى محباً وكريماً وباقياً..
سعدو الذيب
الموقف لا يكفيك
والصلاة ترفع لروحك
وبأنفاس يسوع ارقد
هناك وفي سهل حوران الذي أحببت
سترقد رقدة أبدك
فاطمئن واقرأ الفاتحة
ورتّل مزاميرك

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن