سورية

هجوم انتحاري على مركز للدرك يوقع قتيلين و24 جريحاً ومقتل جندي بلغم أرضي…تركيا على صفيح ساخن.. والأكراد ليسوا بأفضل حالاً

تتصاعد الأحداث في تركيا التي باتت تعيش على صفيح ساخن بعد هزيمة حزبها الحاكم «العدالة والتنمية» وإسقاط شطحات رئيسها رجب طيب أردوغان لتحويل نظامه السياسي إلى نظام رئاسي يتربع على عرش سلطته، ليجد أردوغان أن تفجير الأزمات الجديدة أمام توالي سلسلة الفشل وتعثر إخراج توليفة الحكومة الجديدة، قد تكون بوابة جيدة باعتقاده لدحرجة أزمته الداخلية إلى الأمام، فأعلن «حرباً» مزدوجة ضد حزب العمال الكردستاني من جهة وتنظيم داعش الإرهابي من جهة أخرى، ظناً منه أنه «يصيب عصفورين بحجر»، فالتضحية باتفاق «السلام» مع حزب العمال الكردستاني الموقع عام 2013، قد تكون ثمناً جيداً يرضي القوميين الأتراك المتخوفين من طموح الأكراد بإقامة كيان مستقل شمال شرق سورية، وبالتالي خشية انتقال العدوى لأكراد الداخل التركي، كما يظن أردوغان أيضاً أن انقلابه ضد داعش، والسماح لقوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن باستخدام قواعد بلاده العسكرية لضرب داعش، قد يكون بوابة جيدة لعودته تحت جناح الرعاية الأميركية تنهي «الانزعاج» الأميركي من مشاغباته الأخيرة خارج بيت الطاعة. ووسط هذه الدوامة، سجل العنف تصعيداً جديداً بتركيا أمس الأحد مع وقوع عملية انتحارية استهدفت مركزاً للدرك وأوقعت قتيلين و24 جريحاً ونسبت إلى متمردي حزب العمال الكردستاني الذين يتعرضون لغارات مكثفة يشنها الطيران التركي على قواعدهم في العراق. وأفادت وكالة «الأناضول» للأنباء الحكومية أن انتحارياً اقتحم بجرار مفخخ صباح أمس مركزاً للدرك في محيط مدينة دوغوبيازيد في شرق البلاد، في أول هجوم من نوعه منذ سقوط الهدنة بين المتمردين الأكراد والجيش التركي قبل عشرة أيام.
وفي حادثة منفصلة نسبت أيضاً إلى حزب العمال الكردستاني، قتل جندي تركي وجرح أربعة آخرون في ساعة مبكرة أمس عندما انفجر لغم أرضي في حين كانت قافلة عسكرية تمر على طريق في مدينة مديات بمحافظة ماردين بجنوب شرق تركيا، بحسب الأناضول. وقتل ما لا يقل عن 17 عنصراً من قوات الأمن التركية وأصيب عشرات بجروح منذ أن باشر متمردو حزب العمال الكردستاني شن هجمات يومية في 22 تموز.
من جهته ينفذ الطيران التركي يومياً غارات مكثفة على مواقع للمتمردين في جبال شمال العراق حيث يتمركزون منذ سنوات وقتل ما لا يقل عن 260 مقاتلاً كردياً وأصيب نحو 400 في هذه الغارات بحسب أنقرة.
غير أن مصير المدنيين العراقيين العالقين في قصف طائرات إف 16 التركية بدأ يثير المخاوف، وقد أعلنت سلطات إقليم كردستان العراق السبت عن ستة قتلى من السكان المحليين فيما تحدثت وسائل إعلام تركية مؤيدة للأكراد عن «مجزرة» راح ضحيتها تسعة قتلى.
وحمل الأمر رئيس الإقليم مسعود البارزاني على الرد بمطالبة حزب العمال الكردستاني بسحب مقاتليه من المنطقة «لكي لا يصبح المواطنون ضحايا هذه الحرب»، فيما تؤكد تركيا أنها تتعاطى بجدية مع معلومات من شأنها أن تعرضها لتنديد الأسرة الدولية وأن تضر علاقاتها مع قادة كردستان العراق في وقت عاد إليها الهدوء وعززت سلطات الإقليم علاقاتها الاقتصادية مع أنقرة مؤخراً. وأعلنت الخارجية التركية السبت أنها فتحت تحقيقاً وأكدت أنه «سيتم التثبت بشكل كامل من الوقائع» لمعرفة ما حصل، مشيرةً إلى أن الأهداف التي قصفت تقع في مناطق تؤكد أجهزة الاستخبارات التركية أن لا مدنيين فيها.
وكشفت ضربات أردوغان على العمال الكردستاني أن حال الأكراد في تركيا والعراق وسورية ليس أفضل من مهاجمهم، فيبدو أن أردوغان نجح في ضرب «أسفين» بينهم لتتوالى سلسلة التخلي عن العمال الكردستاني، ليس من قبل البارزاني بإقليم كردستان العراق فحسب، بل لتعلن «وحدات حماية الشعب» في سورية هي الأخرى بأنها ليست طرفاً في هذه الحرب رغم أن طيران أردوغان الحربي استهدفها في أكثر من غارة.
وأطلق أردوغان «حرباً على الإرهاب» تستهدف حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش المتهم بالوقوف خلف العملية الانتحارية التي وقعت في 20 تموز في سوروج (جنوب) وأدت إلى مقتل 32 من الناشطين الشبان الأكراد.
وعلى إثر الهجوم رد حزب العمال الكردستاني بعمليات انتقامية ضد السلطات المركزية لاتهامها بعدم حماية السكان الأكراد، ما أسقط هدنة كانت سارية منذ 2013 في نزاع أوقع أكثر من أربعين ألف قتيل في ثلاثين عاماً.
وتركزت العمليات التركية حتى الآن بشكل أساسي على أهداف لحزب العمال الكردستاني التي تعرضت لعشرات الغارات فيما لم يعلن في المقابل سوى عن ثلاث غارات على مقاتلي داعش الإرهابي في سورية.
وبحسب وكالة «الأناضول»، فإن الغارات أرغمت قيادة حزب العمال الكردستاني على الانفصال إلى ثلاث مجموعات، واحدة بقيت في جبال قنديل في العراق والثانية تراجعت إلى سورية والثالثة إلى إيران.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن