سورية

لقبول مخرجات مؤتمر الحوار.. واشنطن تتذرع بشرط إدخال المساعدات إلى الغوطة … السوريون في «سوتشي» أزالوا أشواك دي ميستورا من البيان الختامي

| سامر ضاحي

كشفت مصادر دبلوماسية في دمشق عن مساع بذلها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لإخراج بيان مؤتمر الحوار الوطني السوري في «سوتشي» الذي عقد في 30 الشهر الماضي، بعبارات تشكك بالدولة السورية والجيش العربي السوري، وأن الولايات المتحدة الأميركية اشترطت «ذرائع إنسانية» للاعتراف بمخرجات المؤتمر.
وعقد مؤتمر سوتشي يوم الثلاثاء الماضي، وصدر عنه بيان أكد أن سورية دولة ديمقراطية وغير طائفية، وشدد على الالتزام باستقلالها ووحدة أراضيها، وعلى ضرورة الحفاظ على الجيش ومؤسسات الدولة، على حين رحب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين يوم الخميس بالمؤتمر، معتبراً أنه أثبت أن العملية السياسية في سورية لا يمكن أن تبدأ وتستمر إلا بقيادة سورية ودون أي تدخل خارجي، وأن البيان الختامي للمؤتمر الذي صوت وعدل عليه المشاركون بأكثر من نقطة ليقروه بعدها بأغلبية الأصوات هو اللبنة الأساسية في المسار السياسي والقاعدة الصلبة التي سينطلق منها أي حوار أو محادثات.
وقالت المصادر الدبلوماسية لـ«الوطن»: إن دي ميستورا ومن خلفه دول «مجموعة واشنطن» حاولوا إقحام عبارات تشكك بمصداقية الدولة السورية والجيش العربي السوري في مكافحة الإرهاب.
وأوضحت المصادر، أن أسهم المبعوث الأممي توجهت تحديدا للفقرة السابعة من نص البيان وحرص دي ميستورا على أن تبدأ بجملة «بناء جيش وطني ذي مصداقية» وهو ما تصدى له بشراسة الـ1500 سوري خلال الجلسة المغلقة الثانية التي عقدت خلال الاجتماع.
وكشفت المصادر، أن المجتمعين استبدلوا العبارة الإشكالية التي احتوتها مسودة البيان الختامي بعبارة «الحفاظ على الجيش الوطني في سورية» وأزيلت كلمة «ذي مصداقية» في النسخة المعدلة للبيان، لأن من شأن وضعها التشكيك بالجهود والتضحيات التي بذلها الجيش العربي السوري خلال سنوات الأزمة في مكافحة الإرهاب «ولا يستحق هذا الجيش بعد كل ما بذله أن نكون جاحدين لتضحياته»، على حد قول المصادر.
واعتبرت المصادر، أن العبارة ليست من بنات أفكار دي ميستورا إنما من توجيهات مشغليه في واشنطن وباريس الذين اجتمعوا قبل مؤتمر سوتشي بأيام واستمعوا إلى «لا ورقة» وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون.
ووفق المصادر، يبدو أن دي ميستورا استقى عبارته من هذه الـ«لا ورقة».
وكانت باريس احتضنت في 23 الشهر الماضي ممثلين عن 30 دولة تحت مسمى «المبادرة الدولية لمنع مستخدمي السلاح الكيميائي من الإفلات من العقاب» اجتمع على هامشها تيلرسون مع نظرائه من فرنسا وبريطانيا والسعودية والأردن وهم من سموا لاحقا «مجموعة واشنطن» ليخرج بما سمي «لا ورقة» أو «ورقة غير رسمية» حول سورية تضمنت إشارات إلى وضع سورية تحت الوصاية المباشرة للأمم المتحدة، وكذلك الإشارة إلى تقسيم سورية تحت مسمى اللامركزية وتشكيل حكومات مناطقية بصلاحيات كبيرة»، وهو ما أدانته دمشق وموسكو بشدة لاحقاً.
وحول قبول الولايات المتحدة الأميركية مخرجات سوتشي أو الاعتراف بها، كشفت المصادر، أن واشنطن حاولت استخدام «ذرائع إنسانية» هذه المرة للتنكر لبيان سوتشي على اعتبار، أن تشكيكها بالبيان مردود عليها بعدما استطاعت موسكو في المؤتمر جمع مختلف شرائح الشعب السوري على حين لا يزال دي ميستورا ومشغلوه عاجزين عن القيام بذلك في جنيف، من جهة، ومن جهة أخرى حضر ممثلون عن مختلف المنصات المعارضة، وهم أنفسهم كانوا من بين المعارضين لعبارة دي ميستورا الشائكة في «مسودة سوتشي»، وبقي قسم فقط من «معارضة الرياض» لم يحضر المؤتمر لكن موسكو تركت لهم تمثيلاً في لجنة مناقشة الدستور.
وقالت المصادر: إن واشنطن ربطت مباركتها لبيان سوتشي بموافقة دمشق على إدخال المساعدات إلى الغوطة الشرقية، مشددة على أن دمشق لم تبد يوماً موقفاً معارضاً لإدخال المساعدات إلى المناطق المختلفة في سورية لكنها تشترط ضمن حقوقها السيادية على أراضيها أن يجري التنسيق معها في هذا الخصوص وهو ما لا ترغب فيه واشنطن حرصاً على الميليشيات المسلحة التي تدعمها.
واعتبرت المصادر، أن من حق دمشق أن تمنع دخول أي مواد وليس فقط الإغاثية إلى الغوطة طالما تمارس الميليشيات خروقات مستمرة لاتفاق «منطقة خفض التصعيد» في الغوطة الشرقية تزهق خلالها يوميا أرواح المدنيين في أحيائهم الآمنة.
ومن جهة أخرى تريد دمشق، بحسب المصادر، ضمانات بوصول المساعدات إلى المدنيين وليس إلى المسلحين أو الإرهابيين، لاسيما أنه كلما اندلع اقتتال بين ميليشيات الغوطة وإرهابييها يتم الكشف عن مستودعات مملوءة بالمواد الإغاثية على عكس ما يتم الترويج له بأن المواد التي تدخل يتم توزيعها على المدنيين.
وختمت المصادر حديثها لـ«الوطن»، بتأكيد أن البيان الذي نقلته وسائل الإعلام السورية هو البيان الصحيح والنهائي لمؤتمر سوتشي ولا مجال للتشكيك فيه.
وكان نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد أكد الخميس أن الوثائق التي اعتمدها المؤتمرون في سوتشي «رصيد أساسي للمضي باتجاه استعادة الأمن لسورية دون تدخل خارجي بقرارات يصنعها السوريون فقط».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن