قضايا وآراء

هل ينقذ أوباما نفسه… فالإرهابيون ليسوا ملائكة..؟!

عبد السلام حجاب : 

ليس لأسباب تتعلق، فقط، بمصالح حزبه الديمقراطي الانتخابية بل أيضاً، لأن خيارات الاستراتيجية الأميركية المعلنة باتجاه سورية ومناطق أخرى في العالم، وما يمثله الكيان الصهيوني فيها من دور ووظيفة تفرض على الرئيس الأميركي أوباما مواصلة سياسة مزدوجة المعايير ضمن خيارات ضيقة يعرف جيداً من خلال معطياتها ودلالاتها أن الإرهابيين ليسوا ملائكة، ولن يكونوا كذلك وإن تبدلت تسمياتهم وجرى إخضاعهم لبرامج تدريب على مسطرة الاستخبارات الأميركية والصهيونية في تركيا والأردن والسعودية وقطر، لكون الإرهابيين أداة قذرة لتنفيذ مصالح أشد قذارة يما يجعلها معضلة شائكة ماثلة في سياسة أوباما تنوس بين إنقاذه لنفسه وهو احتمال غير مرجح وبين سياسة تصنيع إرهابيين «ملائكة» افتراضيين والوقائع نقيض ذلك تماماً..!؟
وإذا كانت رسائل أهالي المواطنين الأميركيين وغيرهم من الأوروبيين الذين أعدمهم «داعش» الإرهابي لم تأخذ مكانها من اهتمام أوباما، ولم تكن كافية، فإن الدراسة التي نشرتها مؤخراً جامعة هارفارد الأميركية وأكدت أن هذا التنظيم الإرهابي سمح لعناصره بأكل لحوم البشر في فتاوى صدرت مؤخراً.. فإنه لابد لهذه الدراسة وغيرها الكثير في هذا السياق، أن تؤشر إلى حقيقة أن طابخ السم لابد أن يتذوقه، وأن الذين يقترفون جريمة تصنيع الإرهاب بالسر أو العلن لن تدون أسماؤهم في سجل الأبرياء آخر المطاف..!؟
لا شك أنه ليس هناك ما يشير إلى أن واشنطن قررت ترك منصة الخداع وازدواجية المعايير والتخلي عن بازارها المفتوح مع العثماني السفاح أردوغان وحكام آل سعود بشأن اعتماد الإرهابيين أداة تناسب تنفيذ مشاريعها، ما أفقد المبعوث الدولي إلى سورية، دي ميستورا، بفعل السطوة الأميركية، إمكانية الحسم بين ضرورة حشد الجهود الدولية للتعاون مع سورية لمحاربة الإرهاب على قاعدة القانون الدولي، وبين أن تتحول مهمته إلى جسر لعبور مصالح خبيثة كجزء من إستراتيجية أميركية على حساب سورية وحقوقها السيادية التي قدمت في سبيلها التضحيات الجسام، ما يجعل التساؤل ممكناً بشقين يستندان إلى احتمالين لا ثالث لهما.
1 – هل تواصل واشنطن سياستها العدائية ومعاييرها الانتقائية على سورية ومحورها المقاوم، عبر المراهنة على الإرهاب بمسمياته المختلفة وأشكاله القائمة والافتراضية ولاسيما أن الوقائع السياسية والميدانية لا تشي بغير هذا الاتجاه، ما يجعل المنطقة عامة في مواجهة احتمالات خطيرة تفرض واقعاً مغايراً لمهمة دي مستورا السلمية والسياسية؟
2 – أم إن العالم يؤكد تغيّره فعلاً، بدخوله منطقة الحوارات المتكافئة والنزيهة في ضوء الاتفاق النووي مع إيران الذي فتح باباً عريضاً من الأمن والاستقرار وحماية القانون الدولي والالتزام العملي بقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بمحاربة الإرهاب، وما يعكسه واقع الانتصارات الميدانية والسياسية السورية وليس رهانات حلف الإرهاب ضد سورية؟
لعله من المبرر أن يقرأ مراقبون شيئاً من التفاؤل في لقاء الوزير الروسي لافروف في الدوحة مع نظيره الأميركي كيري، أو ذلك المحتمل قبيل أو أثناء اللقاء التشاوري السوري- السوري بنسخته الثالثة في أيلول القادم، وفق ما أعلنه بوغدانوف نائب الوزير الروسي مشيراً إلى احتمالية حضور دي ميستورا لهذا اللقاء ولأن المسألة ليست في تشاؤم أو تفاؤل. فإن الحقيقة التي لابد من أخذها بالاعتبار مردها إلى الموقف الأميركي الذي يحمله الوزير كيري إزاء الموقف السوري، وفقاً لواقعيته المبدئية وتصاعد إنجازاته السياسية والميدانية وما حدث من متغيرات بعد جنيف 1، وليس بحسب خلفيات وأجندات ثبت انفصالها عن الواقع ورهانات تأكد له فشل ذرائعها السياسية وسقوط أدواتها الإرهابية.
واستنتاجاً يمكن القول إن محاولات واشنطن إجراء مساومة على حساب سورية مع العثماني السفاح أردوغان بغية إخراجه من واقعه المأزوم داخلياً وخارجياً، قد توفر فرصة إضافية انتخابية لأوباما في خدمة الكيان الصهيوني سوف تجر تلقائياً حكام آل سعود. لكنها تبقى بمنزلة حلول دامية بواسطة إرهاب منظور وغير منظور لا دين له ولا حدود ولا وطن. ما يضع تلك المحاولات المنفصلة عن الواقع، والواقعية السياسية في معالجة القضايا الساخنة في سورية وجوارها وفي المنطقة عامة أمام شبكة أوسع من التحديات والمخاطر التي تهدد الجميع من دون استثناء.
لقد أوضحت سورية بلسان قائدها الرئيس بشار الأسد الكلام الفصل: «بأن أي طرح سياسي لحل الأزمة في سورية لا يستند في جوهره إلى القضاء على الإرهاب هو طرح لا معنى له»، ما يعني أن سورية حسمت خياراتها الوطنية سياسياً وميدانياً في محاربة الإرهاب، آخذة بالاعتبار مختلف الرهانات السياسية المعادية وتوجهاتها العنصرية والإرهابية المحتملة التي تقودها واشنطن وفقاً لإستراتيجية أميركية تستهدف النيل من سورية والهيمنة على المنطقة بأسرها.
ولا شك بأن السوريين جيشاً وشعباً معنيون أولاً وقبل كل شيء بالدفاع عن وطنهم وحماية وحدتهم الوطنية وحقوق سورية السيادية والقضاء على الإرهاب. مؤكدين قدرتهم على عدم السماح لأحد اللعب على هوامش إنجازات الجيش والشعب التي تحققت على الأرض، سواء سعى أوباما وحلفاؤه إلى تمثل الواقع أو أنه بقي معلقاً برهانات فاشلة لإستراتيجية منفصلة عن الواقع ولا تفهم متغيراته، ما يعني أن المعادل الموضوعي الذي يعبر عن إرادة السوريين وتضحياتهم لا يكون فقط بتقليم أظفار الإرهاب والإرهابيين، إنما بتحقيق النصر على الإرهابيين واجتثاثهم من كل بقعة سورية، وكما أكد الرئيس الأسد: «فإن الجيش العربي السوري رمز الوحدة الوطنية والمدافع عن سيادة وكرامة الوطن».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن