قضايا وآراء

شكوك وإحباط في خطة ترامب بمواجهة روسيا والصين

| قحطان السيوفي

أول إستراتيجية دفاعية أميركية للبنتاغون في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعتمد موقف عسكريا أكثر عدوانية من الصين وروسيا كأولوية، هذا يمثل مواجهة واشنطن مع القوى الكبرى، انسجاماً مع إستراتيجية الأمن القومي لترامب الدبلوماسية والسياسية والعسكرية، التي اعتبرت أن روسيا والصين أكبر خصوم أميركا.
المسؤول السابق في البنتاغون ديفيد أوشمانك قال لصحيفة «فاينانشيال تايمز» إن «الولايات المتحدة قلقة من أن خصوم أميركا يُضعفون من ميزتها العسكرية التقليدية وعلى أميركا أن تركز جهودها على تحديث قواتها في مواجهة التقدم التكنولوجي السريع المتزايد للصين وروسيا».
سبق لأوشمانك أن أدلى بشهادته أمام الكونغرس في العام الماضي، حول التقدم العسكري السريع الذي حققته بكين وموسكو، وقال في مقابلة مع «فاينانشيال تايمز»: «الصين وروسيا قطعتا شوطاً كبيراً في مجال التكنولوجيا، ولقد تم تطوير الآلاف من منظومات الصواريخ العالية الدقة والطويلة المدى، التي يمكن أن تصل إلى القواعد الجوية الأميركية، والطائرات المقاتلة التي يمكن أن تهدد التفوق الجوي الأميركي»، وذلك بعد أن وافق الكونغرس على أكبر ميزانية للدفاع تبلغ 700 مليار دولار في عام 2018، ويرى المحللون أن ذلك، يمكن أن يؤدي إلى سباق تسلح يجعل الحرب بين القوى المسلحة نووية أكثر احتمالاً.
دشن البيت الأبيض قبل عام خطة اقتصادية لشن حرب تجارية مع الصين لكن الرئيس ترمب لم يفرض بعد الرسوم الجمركية على الواردات الصينية التي هدد بفرضها، واكتفى بإجراء تحقيقات حول واردات الصلب والألمنيوم وممارسات الملكية الفكرية من بكين.
بعد مضي عام على تسلمه منصبه، لا يزال أي نقاش يتعلق بسياسة ترامب التجارية تجاه الصين يثير الشكوك، ومجرد نيات ترامبية من المرجح أن تتطور لاتخاذ إجراءات بحق واردات الصين.
الرئيس الصيني تشي جين بينغ في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في كانون الثاني من العام الماضي، قدم بلده الصين كبطل صديق للبيئة مؤيد للعولمة والتجارة الحرة، في وقت كان الرئيس ترامب يدافع عن الحمائية ويحتفل بانسحاب الولايات المتحدة من الشراكة عبر الباسفيكي، بالمقابل طريق الحرير الجديد، وهو مشروع صيني عملاق بقيمة 900 مليار دولار ينطلق في وقت تبدو المؤسسات والأيديولوجية الصينية أفضل من ذي قبل، بسبب النجاح الاقتصادي.
شركة إنتاج الطاقة الشمسية سونيفا رائدة في مجال التصنيع الأميركي، أشهرت إفلاسها العام الماضي، وألقت اللوم على الواردات الرخيصة الواردة من الصين، وإدارة ترامب تواقة لأن تفرض قرارات تجارية صارمة بحق الصين وغيرها.
تكشف مثل هذه القرارات الشكوك حول حقيقتين متلازمتين لسياسة ترامب التجارية: بدء سحب الولايات المتحدة من شراكتها ضمن اتفاقية الشراكة عبر الباسفيكي، ومفاوضات جديدة حول اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا الشمالية.
لم ينفذ ترامب حتى الآن تهديده بسبب الشكوك المحيطة بخططه، وبسبب تضارب المصالح المتأصل في معظم النزاعات التجارية، وعود ترامب باتخاذ إجراءات أحادية الجانب، تواجه بالشكوك والإحباط والحقيقة التي مفادها أن فرض الرسوم الجمركية بشكل أرعن، يمكن أن يؤذي المستهلكين والصناعات المحلية، ويضر حلفاء أميركا، ويعارضها فريق الأمن الوطني لترامب.
آخر تقرير عرض على الرئيس ترامب نتيجة التحقيق في واردات الصلب، يستهدف الصين، عارضه وزير الدفاع جيم ماتيس، الذي يجادل بأن هذا يخاطر بإثارة استياء حلفاء مثل اليابان وألمانيا.
يذكر أن بكين ليست الشريك التجاري الأميركي الوحيد الذي يستعد للانتقام، المسؤولون في الاتحاد الأوروبي سيردون بشأن قضية الصلب إذا أضرت بالصناعة الأوروبية، خلال أسبوعين عقد الكونغرس الأميركي في واشنطن جلسة استماع لبحث «الذراع الطويلة للصين» فقد قال رئيس اللجنة التنفيذية للكونغرس حول الصين ماركو روبيو: «محاولات الحكومة الصينية لتوجيه أو شراء أو فرض الولاء للنفوذ السياسي، تشكل تحديات خطيرة في الولايات المتحدة».
يقول الرئيس السابق لمكتب الصين في وكالة الاستخبارات المركزية والعامل في مركز الدراسات الإستراتيجية الدولية بواشنطن كريستوفر جونسون: «في هذا الوقت نبدأ بإدراك أن الصين تعتزم تحويلنا إلى اشتراكيين بدلا من أن تصبح أقرب شبها بنا».
من ناحية أخرى، ترامب شدد العقوبات الاقتصادية على روسيا التي سبق أن فرضتها إدارة الرئيس باراك أوباما لأسباب سياسية تتعلق بموضوع أوكرانيا والحرب على سورية، كما يتابع ترامب في خطته الهوجاء في مواجهة الجهود الروسية الجادة لحل الأزمة السورية ومن خلال الدعم المباشر وغير المباشر للتنظيمات الإرهابية في سورية، وأكثر من ذلك تدخل عسكري مباشر باحتلال أراض من سورية، ناهيك عن قرار ترامب الأرعن بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
المشهد العام يشير إلى إحباط وفشل لسياسة ترامب وحلفائه في الشرق الأوسط خاصة في سورية، وكل هذه المناورات هي نتيجة لرئيس يضع التجارة في صميم جدول أعماله كمالك لشركة تجارية خاصة، حسب ما قاله مؤلف تاريخ السياسة التجارية الأميركية دوغلاس إيروين، وهو يجادل بأن ترامب جلب نوعا من الحمائية الصريحة وغير المواربة إلى المكتب البيضاوي بشكل لم يسبق له مثيل منذ القرن الـ19، وكل المؤشرات تدل على أن الشكوك والإحباط تحيط بقرارات وإجراءات الرئيس ترامب الدبلوماسية والسياسية والعسكرية الموجهة نحو روسيا والصين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن