من دفتر الوطن

أين مارتن لوثر الإسلام؟

| عبد الفتاح العوض 

هل كان الصديق صاحب الأفكار المشاغبة نبيل الملحم على حق عندما كتب «الكلام عن الإصلاح الديني كالمطالبة بشواء الخروف وتركه يرعى في المراعي».
السؤال يحمل مشروعيته من تداخل الأفكار حول الإصلاح الديني بشكل عام والإصلاح الديني في الإسلام بشكل خاص.
في التاريخ لدينا قصة نجاح في الإصلاح الديني عاشه الغرب ويتبدى هذا النجاح ماثلاً أمامنا في حضارة غربية أثبت بالواقع المعيش القدرة على التقدم والقدرة على إعطاء دروس في جعل الدين في مكانه ومكانته.
ولدينا أيضاً الدين اليهودي الذي لم يتغير ولم يتجدد، بل تتعمد سلطاته السياسية التمسك بها وإعلان يهودية الدولة والتمسك بشكل صارخ بكل تعاليم التوراة والتلمود بكل ما فيه من تعصب ودموية وتطرف وجهل.
وبالوقت نفسه لدينا صيحات إصلاح ديني في الإسلام لم تجد طريقها حتى الآن ورغم أن البدايات لدعوات الإصلاح الديني في الإسلام مر عليها أكثر من مئة عام إلا أنها لم تصل بعد إلى أي نقطة نجاح تسجل لها… الإصلاح الديني في الغرب استغرق من الدعوات الأولى حتى ظهور تباشيره على أرض الواقع أكثر من قرنين ونصف القرن.. لكن لا يمكن توقع أن ينتظرنا العالم كل
هذه الفترة حتى يصبح بالإمكان رؤية نتائج الإصلاح الديني في العالم الإسلامي.
نحن نتحدث عن قضية معقدة..
كيف يكون الدين مقدساً وبالوقت ذاته نتحدث عن إصلاح المقدس؟
حتى الآن لم ينجح الإصلاحيون بإحداث فارق مهم في المجتمع ما زالت الأفكار الدينية التي تدعو للإصلاح يتيمة وبعيدة من أرض الواقع.
حتى تنجح هذه الأفكار تحتاج إلى بيئة ملائمة.
أولها أننا نحتاج للإصلاح أن يبدأ من علماء دين شجعان يمتلكون القدرة على إبداء آراء صارخة بلا انتظار التصفيق من مجتمعهم، لأن الإصلاح مغامرة صعبة ومحفوفة بعدم القبول.
لكن صدور دعوات الإصلاح من داخل المؤسسة الدينية يعتبر أمراً مهماً، وقد فعلت الأوقاف خيراً عندما أصدرت فقه الأزمة والتفسير القرآني لأنها محاولة من داخل المؤسسة، وفيها كثير من الإسلام الحقيقي من دون تعصب ولا تطرف.
ثمة تساؤل فيما إذا كنا بحاجة إلى مارتن لوثر إسلامي، فالواقع أننا بحاجة إلى أكثر من ذلك وبحاجة إلى لوثر في كل طائفة حتى نتمكن من التجديد الديني في الإسلام علما أن في الأحاديث النبوية أن كل مئة عام يأتي من يجدد هذا الدين، «يبعث الله على رأس كل مئة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها».
المناخ الملائم أيضاً للإصلاح الديني ينبغي أن يترافق مع إصلاح سياسي.
كل الفرق الإسلامية عاشت وماتت بأمر سياسي… يأتي خليفة يتبنى فرقة إسلامية لسبب أو لآخر فيدفعها نحو الواجهة ومن ثم يأتي خليفة آخر بعد زمن طال أو قصر فيدفنها لمصلحة فرقة أخرى وهكذا.
ولعل كتاب علي عبد الرزاق، وهو من المؤسسة الدينية، عن الإسلام وأصول الحكم كان صوتاً جريئاً ومهماً، لكنه بقي في حدود ضيقة على حين نمت الحركات الإسلامية المتطرفة وكل منها تولد ما هو أشد تطرفاً من سابقاتها.
آخر الكلام وفحواه أن الإصلاح الديني ممكن ولكنه يحتاج إلى بيئة تشجع على الإصلاح وهي الآن ليست متوافرة.

أقوال:
– من عجز عن إصلاح نفسه، كيف يكون مصلحاً لغيره.
– أمة تطعن حاكمها سراً وتعبده جهراً لا تستحق الحياة. «جمال الدين الأفغاني».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن