ثقافة وفن

لا أحد محصّناً تحصيناً كاملاً ضد الاكتئاب

| سارة سلامة

صدر عن وزارة الثقافة- الهيئة السورية للكتاب، كتاب بعنوان: «كيف تظلّين امرأة لمئة عام؟»، تأليف أولغا ميسنيكوفا، وترجمة الدكتور غسان محسن المتني، متضمناً خمسة فصول، وكل منها يتناول موضوعات متعددة لها علاقة بالغذاء والحياة ومفاده يقول: «نتناول غذاءنا بشكل صحيح، ونحب الحياة، ولا نخاف أن نعشق، لا نأسف على أنفسنا ولا نشتكي، خمسة تمارين مفيدة جداً لصحة مفصل الورك، فهو كتاب عن الحياة، وعن الطب في بلادنا، وعن كيفية العناية بالصحة، كي لا نذهب إلى الطبيب لأبسط الأسباب، ويحمل بين دفتيه هدية، وجوهرة ثمينة، يحصل عليها كل من يرغب –كما المؤلف- أن يعيش حتى متقدم العمر، ويبقى معافى وفاتناً جذاباً».

والمؤلفة ميسنيكوفا مرشحة لنيل درجة الدكتوراه في العلوم الطبية، اختصاص الأمراض القلبية وطب الشيخوخة، وهي طبيبة ذات خبرة 55 عاماً في النشاط العلمي.

جمال الطب

وجاء في مقدمة الكتاب كلمة للدكتور ميسنيكوف عن والدته حيث قال: «بين أيديكم كتاب إنسان عجيب ومدهش( كتاب أمي)، لقد أظهرت لي كل جمال الطب وجذبتني إليه وجعلتني أحبه، إن الأطباء الجيدين كثر، ولكن أمي إنسان فريد ومميز للغاية، والطبيعة على الأرجح لا تهب إنساناً مثل هذا الشغف ومثل رحابة الصدر وطيبة القلب هذين سوى مرة كل مئة عام، وهذا ليس رأيي وحدي، هكذا يقول كل من عرفها وعايشها، من الشخصيات المختلفة والبارزة التي صادفتها في طريق حياتها، عند قراءة الكتاب سوف تفعمون بالطاقة، وستفهمون أن لا شيء في الحياة قد تأخر إنجازه، وسيغمركم حب الحياة العارم، الذي تتحلى به أمي الفريدة».

حياتي الآن مستمرة

وذكرت المؤلفة ميسنيكوفا في مقدمة الكتاب: «إن الحياة تبدأ في الأربعين، هكذا قالت بطلة فيلم (موسكو لا تصدق الدموع)، وأنا أضيف عن نفسي إن الحياة تبدأ في الخمسين أيضاً، حين أنهيت العقد الخامس من عمري تحديداً، عثرت على حبي الحقيقي، تزوجت وعشت سعيدة مع حبيبي، ومنذ تلك اللحظة شرعت الحياة تتألق بألوان وأصبغة جديدة، ثم توفي زوجي وبدا لي أني فقدت المتعة في الحياة، لكن لم يدم طويلاً». وتضيف ميسنيكوفا: «الآن لي من العمر 88 سنة، وأنا ممتلئة بالقوة والطاقة والرغبة بالحياة، وحياتي الآن مستمرة، أحب وأستمتع كثيراً فيها، وما يزال لدي كثير من الرغبات، وأنا الآن مستقلة بنفسي، ولا أشعر بأنني عجوزٌ هرمةٌ، بل (أنا سيدة في عمر ما)».

أحبك أيتها الحياة

وتقول المؤلفة في الفصل الثاني من الكتاب: «إنه مهما كررنا القول (كم أنا تعسة) فإن السعادة لن تزداد، وشعورنا وإحساسنا بأنفسنا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بكيفية تعاطينا مع محيطنا، ولكي تبقي شابة أطول فترة من العمر، عليك بالانشغال دوماً، فيكون لديك شعور بأن الوقت لا يكفيك، نعم لقد عشت بهذا الشكل طوال عمري، اشتغلت في ثلاثة أعمال، أعياني التعب حتى كنت لما أذهب إلى البيت أرتمي على السرير وأنا في ثياب العمل، وكثيراً ما اشتغلت بالخياطة، فقد كان الوضع المادي صعباً، وكنت أعيد خياطة الملابس من أقمشة متعددة موجودة عندي، حتى ملابس ولدي آليك، وأحسست أنني دائماً مفيدة ومهمة، وأن لدي دوماً ما أعمله، لذلك لم يكن عندي الوقت لأتألم أو أيئس».

لا أمنع نفسي من الطعام

وتناولت في الفصل الثالث موضوع الغذاء تحت شعار (قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت)، وقالت: «إذا كنتم على مدار حياتكم من محبي الحلوى، شرهين أو ذواقين للطعام، فيجب عليكم الانتباه في الكبر لما تضعون في الفم وتأكلون، أعيدوا النظر بغذائكم، وليكن ذلك مثار اهتمامكم، حيث ثمة خلل في التغذية عند 75 بالمئة تقريباً من الناس المعمرين حسب الإحصاءات فنحو 20 بالمئة يأكلون أكثر من حاجتهم، و60 بالمئة يأكلون بشكل غير عقلاني، يعبر عنه بغلبة المواد الغذائية كاللحم والدقيق في وجباتهم، مع محتوى عالٍ من الدسم الحيواني والسكريات والمعجنات، وتناول غير كافٍ لمواد الحليب، السمك، الخضر والفواكه، فيجب أن تكون التغذية عند المسنين كاملة القيمة، ومتوازنة، تأخذ بالحسبان قبل كل شيء الخصائص العمرية للجسم، تذكروا أن التغذية الصحيحة في الأعمار المتقدمة، تسمح بالحفاظ على الصحة، والنشاط الفيزيائي والعضلي، والتنعم بحياة كاملة المواصفات».

لا مكان للتكلف والخجل

وفي الفصل الرابع وتحت عنوان «كيف تصبحين جذابة» كتبت ميسنيكوفا: «أعيري عناية لشعرك، وإذا قررت أن تصبغيه لتخفي الشيب فيه ففكري ملياً أي الألوان تناسبك؟ وإذا كنت تخوضين معركة «بلا أمل»، مع الشيخوخة فإن الشعر المصبوغ سيبدو دائماً اصطناعياً بعد سن الستين، حاولي أن تظهري على طبيعتك، فشعر معظم الشخصيات المشهورة أبيض «أشيب»، وهكذا تبدو بكامل الأناقة والقيافة، وبالرغم من أنني لا أصبغ شعري وأحب شيبتي كنت أحب التغيير، لذلك اشتريت عدة نماذج لشعر مستعار مختلفة الألوان والطول بعد أن كان لدي في الماضي شعر أجعد عاتم جميل، أما الآن فقد اعتمدت قصة شعر طبيعية وراتبة فقط، فكري أيضاً بطول شعرك الذي تريدين، فعادة يناسب الشعر القصير المتقدمين في العمر أكثر من الطويل، وبشكل عام يناسبك أي شعر أعلى من دون مستوى الكتفين، رغم أن هذا الأمر ذاتي وفردي تماماً، وبكلمة أخرى: لا تلاحقي الموضة أو تتصابي بشدة فهذا يمكنه أن يضحك الآخرين، أعيدي النظر في حجرة ملابسك، ارمي الأشياء القديمة المبتذلة والخرقاء، وأيضاً المثقوبة والممزقة، فمن المعيب أن تخرجي وتمشي برداء قديم رث ممزق، ولتكن ثيابك المنزلية من الأقمشة البسيطة، النضرة والمزركشة بأناقة، أنت يا سيدتي امرأة، ولست جدة».

ماذا يعني (الاكتئاب)؟

وفي الفصل الخامس تطرقت المؤلفة إلى موضوع «الاكتئاب» حيث قالت: «يا للأسف لا أحد محصناً تحصيناً كاملاً ضد الاكتئاب، ولماذا توجد الكآبة؟ هذه هي بعض عواملها الأساسية: العزلة والوحدانية، خروج الأولاد من الأسرة، السفر، فقد الأشقاء والأقرباء، قلة الحياة الاجتماعية، موت الأشخاص المقربين، إن الأشخاص المسنين الذين يعيشون مع بعضهم في عقد ما يعانون الاكتئاب أقل بثلاث مرات من الأشخاص الأرامل والوحدانيين رجالاً أو نساء. إن العيش والذكريات المشتركة تساعد في التغلب على النكبات والمصائب التي تصادف في الحياة، وعلى لقاء الشيخوخة بثبات وإرادة قوية، كما أن خروج القرين من الحياة أو الأولاد، والأشخاص المحبين دائماً، مصحوب بظهور الحالات الاكتئابية».
ويذكر أن المترجم الدكتور غسان المتني خريج جامعة «كييف» في أوكرانيا عام 1990، اختصاص جراحة عصبية، وله عدة مجموعات من البحوث تأليفاً وترجمة، وعديد من المشاركات في مؤتمرات طبية عربية ودولية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن