ثقافة وفن

خطة وزارة الثقافة بحضور رئيس الوزراء ووزيري الإعلام والتربية … رئيس الوزراء: الإنسان هو النواة الأساسية لعملية التنمية وبناء الحضارات والدول

| سوسن صيداوي- «ت: طارق السعدوني»

بناء الإنسان السوري. محور مهم وحجر أساس ومنه الانطلاقة. هناك أمور كثيرة في الحياة، ولكن من الجوهرية، علينا أن نؤسس وننطلق في المسيرة، أولا من أجل بناء الذات، ثم من أجل التعامل مع الآخر، وبعدها كي نتعاون مع الزملاء، ومن ثم كي نستمر في مواكبة كل مجريات الحياة، وفي النهاية كي نحقق مستقبلا موعودا لوطن كبير له حضارته العريقة المتجذرة عبر الأزمان. من هذا الكلام نسلّط الضوء على زيارة رئيس مجلس الوزراء عماد خميس إلى وزارة الثقافة بحضور وزير الثقافة محمد الأحمد ووزير الإعلام عماد سارة ووزير التربية هزوان الوز، في جلسة حوارية حضرها مديرو المؤسسات: مديرية المسارح، المؤسسة العامة للسينما، الهيئة العامة للكتاب، مكتبة الأسد الوطنية، الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون، ومديرية الآثار والمتاحف، والمعهد العالي للموسيقا. حيث تضمنت الجلسة عرضا لما تم انجازه من أعمال من تاريخ 3/7/2016 حتى اليوم، إضافة إلى الخطط التي ستحققها وزارة الثقافة خلال عام 2018، مع الإشارة إلى العقبات التي تواجهها، إضافة إلى عرض ما يمكن مشاركته من أهداف وخطط مع وزارتي التربية والإعلام. وإليكم عرض تفصيلي عما دار خلال الجلسة.

بناء الإنسان
في بداية الجلسة رحّب وزير الثقافة الأحمد برئيس مجلس الوزراء وبالحضور، تاركا الكلمة لرئيس الحكومة المهندس عماد خميس الذي شدد خلالها على أهمية دور التنمية البشرية في بناء المواطن السوري الواعي القادر على التطوير في جميع المجالات والصعد قائلاً: هذه الجلسة الحوارية-هنا في الوزارة-هي ضمن خطة الحكومة، فوزارة الثقافة هي المعنية في بناء ثقافة وتطوير مدارك الإنسان، الذي هو النواة الأساسية لعملية التنمية وبناء الحضارات والدول وتطوير الشعوب، وانطلاقا من هذه الرؤيا نحن أردنا مشاركة الزملاء في وزارة الثقافة في الجهود والأعمال والخطط، من خلال بعض العناوين المطروحة ضمن المتغيرات التي فرضتها الحرب على بلدنا سورية، والتي أصابت قطاعات ومؤسسات من آثار وتحديات. وما أريد تأكيده أن هذه الحرب ثقافية، واستهدفت حضارتنا وإنساننا الذي تم بناؤه على مدى مئات السنين، والعناوين المستخدمة كان لها تأثير سلبي على حياتنا اليومية وعلى بعض عناوين الثقافة، ولكن كما كان جيشنا الباسل قد تصدى لهذه الحرب بكل ما للكلمة من معنى وانتصر، كذلك فوزارة الثقافة حملت الأعباء وقامت بعملها من أول أيام الأزمة، في التصدي لكل ما قدمته الأزمة من تداعيات، وبالتالي نحن هنا في هذه الجلسة للحديث ضمن هذه العناوين، لأننا مسؤولون ومعنيون كي ننظر إلى مرحلة جديدة تتسم برؤية عمل نوعية في عملية التنمية الشاملة، ونحن منذ انطلاق حكومتنا وفي بياننا كنا أولينا الأهمية للعملية التنموية البشرية على التنمية الاقتصادية، وبالتالي وضعنا التنمية البشرية في البند الأول عن التنمية الاقتصادية، وهذا الأمر لا يمكن فصله عن نواة التنمية -وهو بناء الإنسان- لهذا فللثقافة هنا دورها الأهم، فمن الإنسان يمكن صنع كل شيء مهما افتقرنا للماديات، وخاصة أننا نؤمن بأن الإنسان عندما يتمتع بمؤشرات الثقافة والتنمية الحقيقيتين يستطيع أن ينجز اقتصاداً كبيراً».

خطط وإنجازات
من جانبه تابع وزير الثقافة محمد الأحمد الحديث عن الخطط والأهداف والمشاريع مع الميزانيات المطلوبة من الحكومة كي تنطلق الوزارة في التنفيذ، مستعرضا الهيكل التنظيمي للوزارة، ومسلطا الضوء في البداية على ما تم إنجازه من تاريخ3/7/2016إلى اليوم، قائلا”من أبرز ما تم إنجازه إلى اليوم:دورتان كبيرتان لمعرض الكتاب بعد توقف دام ست سنوات، يومان لوزارة الثقافة تمخضا عن مهرجانين ثقافيين كبيرين استمر الواحد منهما أسبوعا كاملا. أقامت الوزارة وللمرة الأولى في تاريخها مهرجانات ثقافية في المحافظات، لنقل خصوصية ثقافة كل محافظة. أنجزنا قانون وزارة الثقافة الذي بقي على ما هو عليه منذ عام 1958. أنجزنا قانون الآثار وحماية التراث الأثري. رممنا تمثال أسد اللات وكذلك تمثالين تدمريين نصفيين في إيطاليا من خلال تقنية حديثة جداً ثلاثية الأبعاد. شكل رئيس مجلس الوزراء اللجنة الوطنية لإعادة إحياء حلب القديمة تضم بعض الوزراء والأمانة السورية للتنمية ومؤسسة الآغا خان لاستنهاض المواقع الأثرية المخربة وقد قطعنا شوطا مهما في هذا المضمار. أنهت المديرية العامة للآثار والمتاحف أعمال تأهيل مبنى المديرية في حلب بالكامل وكان المبنى قد تعرض للتخريب من العصابات الإرهابية. بالنسبة للمسرح: عملنا على عودة المخرجين الكبار بعد غياب، وأنشأنا مشروع دعم مسرح الشباب، وصدّرنا بعض أعمالنا المسرحية للخارج حيث عرضنا في مسرح المدينة ببيروت بعد توقف التجربة سنوات طويلة. كما تمت إقامة مهرجان عريض لمسرح الطفل للمرة الأولى في كل المحافظات السورية. بالنسبة للسينما: زيادة الكم الإنتاجي في المؤسسة العامة للسينما وانتظامها في تحقيق 30 فيلماً كل عام في مشروع دعم سينما الشباب، واستعداداتها في الصيف لإطلاق مشروع سينما الطفل. بالنسبة للهيئة العامة للكتاب: مشينا بخطوات تحديثية منها: الكتاب الناطق، والمشروع الوطني للترجمة ونتاجه مجلة جسور وهي واحدة من أرقى المجلات العربية التي تعنى بالترجمة وكذلك أرشفة سنوات الأزمة في كتب. كما أنجزنا اللائحة الداخلية للسمفونية الوطنية التي كانت متوقفة لعشرات السنين، وللمرة الأولى تقام ندوة مركزية شهرية للاحتفاء بالمبدع السوري في مكتبة الأسد حيث أقامت الوزارة 12 احتفالية لأهم شخصياتنا الثقافية، وأخيراً قمنا برفع أجور التدريس في المعاهد الموسيقية ورفع أجر الكلمة بالنسبة للتأليف والترجمة».
كما عدّد وزير الثقافة ما ستقوم الوزارة بإنجازه وإليكم بعض منه: معرض كنوز التراث السوري الأول، إقامة مهرجان الفن التشكيلي الأول، مؤتمر الثقافة الأول، إطلاق مشروع عاصمة الثقافة السورية السنوية، إحداث المعهد العالي للسينما، مشروع السينماتيك، تطوير آليات التعامل مع التراث الثقافي غير المادي على صعيد الإدارة والتأهيل والحفظ، تدعيم وترميم متاحف ومواقع أثرية في مدينة حلب وتدمر المسجلتين على لائحة التراث العالمي.
وبالنسبة إلى العقبات التي تواجه وزارة الثقافة كان الوزير قد ذكرها وإليكم بعض منها: صيانة دار الأسد للثقافة والفنون، رفع تعرفة المسرح، نقل الاعتمادات الخاصة بمشروع دار الأوبرا في حلب من موازنة مديرية الخدمات الفنية في حلب إلى موازنة وزارة الثقافة، إقامة صالة عرض فنية في حرم دار الأوبرا بدمشق، المحروقات بدار الأسد للثقافة والفنون ومكتبة الأسد، إحداث دور سينما ضمن مشروع إعادة الإعمار بالتنسيق مع الوزارات المختصة، وإعادة النظر بقرار تجميد عمل المراكز الثقافية الخارجية ولاسيما الضروري منها مثل فرنسا والبرازيل، حل الإشكال القائم في إدارة الأجهزة الثقافية المحلية بين وزارتي الثقافة والإدارة المحلية (مراكز ثقافية- معاهد الثقافة الشعبية- مراكز فنون تطبيقية وتشكيلية- المعاهد الموسيقية) وإعادة ربطها بالإدارة المركزية نظرا لخصوصية العمل الثقافي وارتباط الشق الفني بالإداري. كما أشار الوزير إلى أن الوزارة تسعى إلى استثمار قطاع الثقافة ورفده من خزينة الدولة بكل مجالاته سواء في السينما أم الكتاب أو المسرح، وأن يكون عنوانها الأول بناء الإنسان.

التربية والإعلام
في مداخلة لوزير التربية هزوان الوز أكد أهمية الدور الثقافي في توسيع مدارك المواطن وهو دور لا يقل بالأهمية عن دور وزارة التربية في بناء الفكر وفي النهاية في بناء المواطن السوري، مشيراً إلى ضرورة التنسيق المتواصل بين الوزارتين، مسلطاً الضوء على بعض النقاط التي تم استعراضها في خطط وزارة الثقافة، ومنها التركيز على دور الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون وبأن هذا المكان بما يتضمنه من رقي فني عالمي هو مكان مقدس، ويجب الانتباه وتحديد ما يتم عرضه من أنشطة فيها، مقترحاً أنه إذا تم تخفيف الأنشطة فسوف تتدارك وزارة الثقافة العقبة في هذا المحل من حيث التخفيف من أعباء المحروقات، كما لفت النظر إلى دور الكتاب وأهميته مقترحاً عدم الانجراف في أمور سابقة وطباعة كتب هي عبارة عن تجميع مقالات، مشيراً إلى أهمية دور السينما وإلى ضرورة العمل بالمقترح الذي قدمته وزارة الثقافة بأن يتم إنشاء صالات ضمن مشروع إعادة الإعمار.
من جانبه نوه وزير الإعلام عماد سارة وتحدث عن الدور المهم الذي تقوم به كل من الوزارتين -الإعلام والثقافة- في الوقت الحالي من الأزمة في نشر الوعي بين المواطنين وهذا ما يساهم به الإعلام للتمييز بين ما يتم نشره من معلومات إعلامية مسيئة وخاطئة.

ما رأته الحكومة
بعد عرض الخطط والأهداف والصعوبات والتحاور في المقترحات ختم رئيس الحكومة عماد خميس الجلسة بالعديد من النقاط، مشيراً في البداية إلى أن الأهمية تكمن بالمعرفة الحقة للهدف المنشود أولاً، ومن ثم علينا أن نقوم بالبحث فيما هو متاح من إمكانيات، مع تحديد الأولويات كي يتم الإنجاز، ومن هذه النقطة نتابع بأنه ذكر سبب تراجع الاهتمام بالقراءة والكتاب، داعيا إلى معرفة الأسباب والبحث فيها كي يتم في النهاية تحديد المشكلة وتطويقها ومن ثم معالجتها. وبالنسبة إلى وضع حجر الأساس للبدء بالمشروع الحلم(متحف الفن) أكد المهندس عماد خميس، أنه من خلال خطط الحكومة، يسعى إلى المتابعة في تنفيذ المشاريع ولإنهائها ومن ثم الانطلاق لوضع حجر أساس لمشاريع جديدة. وفي مكان آخر بيّن أنه من الضرورة السعي الفوري والمباشر للبدء في أعمال صيانة الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون، وأن يتم ذلك ضمن مشروع خطة يتم تنفيذها ومتابعة الصيانة بشكل دوري، وخاصة أن الهيئة فيها من الأجهزة ما هو قليل في الشرق الأوسط كله. كما شدد على ضرورة رفع الأجور سواء في المسرح أو في المراكز الثقافية وحتى للمحاضرين فيها ولكن ضمن الأولويات، وبنظره الأولوية اليوم للجندي وللمعلم المدرسي وللقطاع الصحي، وبأن هذا لا يمنع إعادة افتتاح المراكز الثقافية وأن يتم وضع برامج حقيقية. كما نوه رئيس الحكومة بضرورة توثيق الحرب على سورية لأن هذه الحرب ليس لها شبيه في عدوانيتها وأسلوبها، وبأنه عبر الثقافة المسرحية والسينمائية والكتب سيكون هناك ثقافة كبيرة ومنوعة للأجيال القادمة، مؤكداً في الختام رغبة الحكومة في تفعيل المراكز الثقافية الخارجية من جديد في باريس والبرازيل إضافة إلى المشاركة في المعارض الخارجية بعد أن يتم تحديد رسالتها وهدفها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن