قضايا وآراء

اختلاط أوراق اللعبة المعادية لسورية

تحسين الحلبي : 

هل بدأت أوراق اللعبة المعادية لسورية تتعرض للاختلاط بطريقة لم تتوقعها كل الدول الكبرى والصغرى التي تآمرت على سورية؟ ومن مظاهر اختلاط الأوراق يلاحظ الجميع أن أنقرة أعلنت عن وضع القاعدة الجوية (أنجرليك) تحت تصرف سلاح الجو الأميركي من أجل شن غاراته على مجموعات داعش الإرهابية شمال سورية لأن هذه القاعدة لا تبعد كثيراً عن مناطق وجود داعش سواء في سورية أو العراق.. لكن (باتريك كوكبيرن) الكاتب السياسي الإيرلندي الشهير يحلل ظاهرة اختلاط أوراق اللعبة فيكشف أن حكومة داوود أوغلو لم تطلب بعد من سلاح الجو الأميركي البدء بغاراته من تلك المنطقة التركية ضد مجموعات داعش لأن الحكومة التركية تخشى من أن تستثمر وحدات الحماية الكردية المؤلفة من السوريين الأكراد في الشمال هذه الحرب على داعش فتصبح مع الجيش العربي السوري في الشمال أكثر قوة على حماية الحدود السورية وإبعاد أخطار تسلل الإرهابيين من النصرة وغيرها إلى داخل سورية. ويضيف كوكبيرن أن حكومة داوود أوغلو بدأت عملياً بشن حرب شاملة على مجموعات حزب العمال الكردستاني الذي يتعاطف معه الأكراد غير الانفصاليين في شمال العراق وفي تركيا لكي تستثمر هذه الحرب في الانتخابات التي ستفرضها من جديد بعد خسارتها الأغلبية المطلقة في البرلمان.
وهذا يعني أن داوود أوغلو فتح أمام الساحة التركية وساحة جوارها العراقي والسوري تحديات مفاجئة وغير مضمونة النتائج داخلياً وعلى الساحة الدولية أيضاً.. فبموازاة هذا الخلط في الأوراق يعقد كيري وزير الخارجية الأميركي ولافروف نظيره الروسي اجتماعاً بالغ الأهمية في الدوحة لرؤية وتحديد ما يشبه خريطة طريق جديدة تجد فيها روسيا جسراً معقولاً لتسريع الحرب على داعش من خلال تحالف دولي وإقليمي يجمع بين عدد من الدول فيه مثل إيران وسورية مع دول أخرى مثل السعودية للقيام بمجابهة حقيقية ومتسارعة ضد مجموعات داعش في العراق وسورية. وسواء نجح بوتين في خطته هذه أو تعثر نجاحه فيها وبالسرعة المطلوبة فإن كل ما يجري منذ أسابيع وأيام قليلة يؤكد عدداً من الحقائق التي رفض كل أعداء سورية الاعتراف بها وأهمها أولاً: أن خصوم سورية وأعداءها سيجدون أنفسهم مجبرين على التوقف عن سياسة دعم مجموعات داعش الإرهابية وأمثالها بعد أن تمكنت سورية جيشاً وقيادة وشعباً من مجابهة داعش وتفتيت قدراتها وبعد أن ظهر للجميع أن الإرهاب الذي استخدمته داعش وحلفاؤها من المجموعات الأخرى أصبح يشكل خطراً داخلياً على السعودية وتركيا بشكل خاص. وثانياً: أن التحالف المتين بين إيران وسورية والمقاومة اللبنانية والفلسطينية مع موسكو وبكين تحوّل إلى قاعدة تفرض على الولايات المتحدة وحلفائها بعد اتفاق السداسية مع طهران إعادة النظر بدور أوراق لعبتها ضد سورية واختيار مخرج لها وللسعودية وقطر وتركيا تتمكن من خلاله تجنب خسارة أكبر وأخطار لا تضمن التغلب عليها إذا مااستمر الوضع على حاله في سورية والعراق.
ويبدو من الواضح أن بوصلة السياسة السورية والإيرانية وبوصلة المقاومة اللبنانية والفلسطينية حافظت على اتجاهها رغم كل التحديات والتضحيات في حين أن أهداف واشنطن وحلفائها في المنطقة لم تتحقق بل تولد عن فشلها أخطار بدأت تركيا تدخل في نفقها وكذلك السعودية وهما الدولتان اللتان تشتبك إحداهما (تركيا) داخل ساحتها وتشتبك الأخرى (السعودية) خارج ساحتها أي في اليمن ضمن أخطار انتقال هذا الاشتباك إلى داخل السعودية. وهكذا تزداد المشاكل للسعودية ولتركيا وتتنوع بطريقة متسارعة في حين أن مشكلة الإرهاب التكفيري ضد سورية بدأت تفرض حقائق جديدة لمصلحة سورية وحلفائها بشكل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن