ثقافة وفن

«المعلم بسة» و«مصطفى بطاطا» يفارق الحياة … لم يكتب له البطولة المطلقة فشكّل امتداداً لنجوم كبار … محمد متولي.. تمنى الحصول على الأوسكار واعترف بأنه ممثل محظوظ

| وائل العدس

رحل الممثل المصري النجم محمد متولي مساء السبت الماضي إثر أزمة قلبية مفاجئة أصابته أثناء وجوده في منزله.
نجح في تنويع أدواره بين الظالم والخيّر، صاحب النفوذ والصعلوك، جسد شخصيات توحد المشاهد معها وتسللت إلى قلبه برشاقة الأداء السهل الممتنع وصدق الإحساس ليعيش في أدواره وتعيش فيه.. واستطاع أن يقدم أدواراً مثلت علامات فارقة في تاريخ التليفزيون والسينما.
أبحر الراحل على مدار أكثر من 4 عقود في بحار الفن، وقدم الكثير من الشخصيات التي كانت ولا تزال تنبض بروح كل مشاهد.
شكّل امتداداً لنجوم كبار، فلم يُكتب له البطولة المطلقة، ودائماً ما كان يظهر في دور «السنيد»، لكنه كان فاكهة الأعمال ومن يمنحونها روحاً تحيلها من خيال إلى واقع.
ورغم حصره في الأدوار الثانية أو الثانوية إلا أنه قدم أدواراً ما زلنا نتذكرها فهو «مصطفى بطاطا» المحامي المملوء بالخير والوطنية والإنسانية في مسلسل «أرابيسك»، و«المعلم بسة» في «ليالي الحلمية» بأجزائه الخمسة.

توفي متولي قبل الانتهاء من تصوير مشاهده في أحداث الجزء الثاني من مسلسل «الأب الروحي»، المقرر عرضه خلال الأيام المقبلة على إحدى القنوات الفضائية.
وكانت آخر الأعمال، التي شارك فيها وعرضت مؤخراً، مسلسل «سابع جار»، الذي يعرض حالياً جزؤه الثاني، ولعب فيه دور رب أسرة تنتقل إلى مبنى سكني وتدور أحداث المسلسل حول العلاقات بين جيران هذه الأسرة.
وقدم نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي العزاء لأسرة الفنان الراحل، مضيفاً إن متولي كان معهم بالأمس بنقابة الممثلين، قائلاً: «ماكنش تعبان ولا حاجة.. بس دي إرادة ربنا.. وتوفي وهو عنده 72 عاماً».

مسيرة حياة
ولد متولي في 11 آذار عام 1945 في محافظة المنوفية، وانتقل إلى الإسكندرية قبل أن يحط الرحال في القاهرة ويدرس في المدرسة السعيدية ويلتحق بكلية دار العلوم.
تأثر بحب شقيقه «لطفي» و«عبد الجواد» للفن، وحرصهما على مشاهدة المسرحيات بشكل دائم، وصرح في أحد اللقاءات: «نشأت بشوف مسرحيات كوميدي وتراجيدي، وكنت أروح مع أخويا على العجلة لمشاهدة المسرحيات، وأبقى سعيداً إني رايح أتفرج على مسرح».
علاقته كممارس للفن بدأت في المرحلة الإعدادية، فقدم عدداً من الاسكتشات ضمن الفرقة المدرسية، وفي الثانوية العامة فاز بثلاث ميداليات ذهبية، ومع التحاقه بكلية دار العلوم شعر أن طريقه هو الفن، وفي العام الدراسي الثالث له بالكلية قرر الالتحاق بمعهد التمثيل؛ ليستكمل دراسته في المجالين.
بدايته في السينما كانت مع فيلم «خلي بالك من زوزو» من بطولة سعاد حسني وحسين فهمي، حيث قام بدور طالب وعضو في اتحاد الطلبة، يقف جانب «زوزو» ويؤمن بحقها في استمرارها بالتعليم، بعيداً عن مهنة والدتها «الراقصة».
تزوج الراحل من زميلة له في كلية دار العلوم تبعد تماماً عن الوسط الفني وأنجب ابنتين اتجهت واحدة منهما إلى العمل بالوسط الفني مثل والدها وهي سمر محمد متولي التي تخرجت في كلية الفنون الجميلة وبدأت حياتها بالعمل كفنانة تشكيلية واتجهت للتمثيل.
ومن أشهر أعماله التليفزيونية «ليالي الحلمية» و«أرابيسك» و«زيزينيا» و«مازال النيل يجري» و«المال والبنون» و«بيت الزعفراني» و«خان القناديل» و«الدالي» و«عمارة يعقوبيان» و«ملكة في المنفى».
ومن أعماله السينمائية «سلام يا صاحبي»، «سارق الفرح»، «إشارة مرور»، «ليلة ساخنة»، «نور ونار»، «الشرف»، «مطب صناعي».

ضحكة بناتي
بكت ابنة الفنان الراحل على الهواء، قائلة: «توجهت إلى المستشفى لتوقيع الكشف الطبي على نفسي، وبعد عودتي للمنزل، اكتشفت وفاته».
وأضافت في مداخلة هاتفية لقناة «LTC»: «كلنا هنموت، ولكنه سبقنا، وكان دائماً يقول للناس: أحلى حاجة في حياتي ضحكة بناتي».
وأردفت: «الراحل كان يعاني تضخماً في عضلة القلب والسكر، وتوفي بعد تعرضه لأزمة قلبية أثناء وجوده في الشقة».

آخر ما قيل
آخر ما كتبه الراحل على حسابه الشخصي على مواقع الفيسبوك: «كل شيء وله آخر.. طب ليه ما تكنش البداية خير عشان النهاية تبقى منك في صالح الغير، كل خطوة بنمشيها مكتوبة.. بس الصح والغلط بإيدك أنت يا إنسان.. بحمد ربنا إني لسه إنسان بخاف الحرام جداً وأعشق الحلال».
كذبة وندم

خلال أحد لقاءاته الصحفية القديمة، كشف الراحل عن قصة حدثت معه في بداياته الفنية، فقال: «لأول مرة أرتكب فعلاً أندم عليه وهو أنني كذبت، فبعد التقديم في معهد التمثيل ومكتب التنسيق قدمت في معهد التربية الموسيقية العالي بالزمالك والحقيقة أنني لم أكن أنوي الالتحاق بهذا المعهد ولكن كانت لدي رغبة في أن أختبر أذني وأعرف إذا ما كانت موسيقية أم لا، رغبة صبيانية، وكانت اللجنة التي اختبرتني مكونة من سيدتين هما سكرتيرة ووكيلة المعهد وكانت مدة الاختبار ساعة إلا ربعاً، عصروني، غنيت لهما أغنيتي محمد عبد الوهاب القديمة «عصفور البان» و«يا جارة الوادي» فلاقيت استحساناً كبيراً من ناحيتهما وفى آخر الوقت سألتني وكيلة المعهد: إذا نجحت في هذا الامتحان ووجدت نفسك صالحاً للتحضيرية فهل ستلتحق بالمعهد وتدرس الموسيقا؟! واعلم جيداً أنك إذا لم تلتحق فستحرم غيرك من هذه الفرصة، وهنا أعترف أنني كذبت وقلت لها أنا أحب الغناء وأود لو أتعلم العود، وبالفعل نجحت وفزت بالتحضيرية ولم ألتحق بمعهد الموسيقا ليشاء اللـه أن يجازيني بأن أرسب في معهد التمثيل، وهذه عدالة السماء».

حظ وأمنية
ويعتبر الراحل نفسه محظوظاً، معترفاً بذلك خلال لقاء صحفي: «أعتبر نفسي محظوظاً لأنني وجدت من يأخذ بيدي في بدايتي.. أذكر القدير حمدي غيث والعملاق محمود مرسي في مسلسلات «أبو العلا البشري» و«أبو العلا 90» و«المحروسة 85».
وأضاف: «من الكلام الجميل الذي سمعته من محمود مرسي أنني كنت عندما أقول أي مزحة من ضمن الحوار المكتوب في المسلسل كان يموت من الضحك رغم أنه ذاكر الحوار وحفظه جيداً، فكان يقول للمخرج محمد فاضل: «مش معقول يا فاضل محمد ده جميل قوي».. فكنت أطير من السعادة وأصمم أن أقدم أحلى تمثيل في حياتي من أجل هذا الرجل الذي يحبني.. أما القدير حمدي غيث فكان يقول لي «أنت هتبقى ممثل كويس».
وعن عمله مع عادل إمام، قال إنه يعتبر دوره في فيلم «سلام يا صاحبي» من أفضل الأدوار التي قدمها، مضيفاً: دور «خوليو» ترك بصمة كبيرة عند المشاهدين لأن الفيلم حقق أعلى نسبة إيرادات في ذلك الوقت».
وعن أمنيته التي لم يستطع تحقيقها، قال: «أحلم أن أحصل على جائزة الأوسكار.. قد يضحك البعض أو يتهكم البعض الآخر.. ولكن أدعو اللـه أن أحصل على جائزة الأوسكار قبل أن أموت بساعة.. أملي في اللـه كبير وفي موهبتي».

آخر الكلام
– حصل على جائزة الممثل الأول في جامعة القاهرة ثلاث مرات، الأولى عن مسرحية «ثورة الموتى»، والثانية عن «السلطان»، والثالثة عن «يأكلونها والعة».
– بداية شهرته في الدراما كانت من خلال مسلسل «الشوارع الخلفية»، وكان مرشح للدور نفسه الفنان صلاح منصور، ولكنه توفي قبل تقديمه.
– قدم مع المؤلف أسامة أنور عكاشة أهم أعماله من بينها «الشهد والدموع»، و«أرابيسك»، و«ليالي الحلمية».
– أشهر مقولاته: «مشواري مع الفن ينتهي بنهاية حياتي لأن الفن هو حياتي وينتهي بوفاتي».
– آخر ظهور إعلامي له كان في برنامج «سيلفي مع هيما» على التليفزيون المصري الأسبوع الماضي في حلقة مسجلة.
– آخر أعماله السينمائية كان في 2016، حيث قدم دور القاضي في فيلم «الباب يفوت أمل» مع الفنانين شريف سلامة ودرة، وفيلم «أبو شنب» مع ياسمين عبد العزيز حيث قدم دور رجل أعمال.
– قام باكتشاف العديد من النجوم خلال فترة عمله معيداً بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث قدم الفنان أحمد عبد العزيز، وسامح الصريطي، وشريف منير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن