ثقافة وفن

الهاون يهز الوسط الفني السوري … شائعات وأخبار ليس لها أساس من الصحة ولا نعلم الهدف الحقيقي من بثها!

| سارة سلامة

لم يسلم من إجرامهم الشجر ولا حتى الحجر، هذا هو حال دمشق أعرق وأقدم عاصمة في التاريخ، تهددها جرذان نتنة تتخفى وسط بؤرها وترمي سمومها وقذائفها العمياء على المدنيين غير آبهةٍ بالمشافي أو المدارس ودور العبادة.
ولم يسلم منها كذلك من تحصن في منزله متداركاً خطر الخروج ولكن كان قدره محتماً حتى في بيته وأمنه وأمانه.
وفي الحقيقة لسان المواطن الدمشقي أو الساكن فيها يقول: «وين نزلت القذيفة اليوم»، هذا الحديث الأكثر مداولة في كل زواريب المدينة والخبر الأكثر ترقباً واهتماماً، ونرى حالة من الخوف تشوب شوارع الياسمين فهي تكاد تكون خاوية مع حركة حذرة ومدروسة واضطرارية.
وربما جلّ طموح المواطن الساكن في دمشق هذه الأيام هو العودة إلى منزله بأمن وأمان فهي أكبر هدية ومنحة من اللـه عز وجل.
وبما أن هذه القذائف عشوائية عمياء ولم تستثن أحداً فإننا نراها تطرق باب الفنانين الذين بقوا في دمشق ولم يغادروها فهم يدفعون ضريبة مثلهم مثل أي مواطن في هذا البلد.
ومع موجة الهاون نرى الساحة الفنية والدرامية تضج بأخبار وإشاعات في أحيانٍ كثيرة ليس لها أساس من الصحة ولا نعلم حقيقة ما الهدف من بث أخبار كهذه أساساً.

إلى أي جحيم وصلنا؟
والبداية مع الفنانة أمل عرفة التي كانت قد تلقت بعد شائعة وفاة طليقها عبد المنعم عمايري خبر إصابة شقيقتها وكتبت على صفحتها الشخصية على «فيسبوك»: «تصاوبت أختي الكبيرة بشظايا زجاج بيتا اللي وقع، أختي الكبيرة وبنتا ألف سلامة عليكم، «قل لن يصيبنا إلا ما كتب اللـه لنا»، اللـه يحمي الجميع يارب، وبعدين مع كل شي بقا».
وبعد هذا المنشور تابعت عرفة بآخر معقبة في ردّ يبدو أنه شديد اللهجة وبطريقة مستفزة لكل كارهٍ لها وخصوصاً أنها الفنانة الرقيقة والمحببة لدى السوريين أجمع، وقالت: «كتب على واحدة من الصفحات خبر مفاده إصابة أختي الكبيرة التي اعتبرها أمي الثانية، الحمد لله الإصابات خفيفة يعني مقدور عليها قدام الناس الآخرين وخساراتهم الفادحة».
وكشفت عرفة أنها من النادر أن تقوم بقراءة التعليقات التي يتركها قراء المنشور ولكن فضولها هذه المرة وفي هذا الخبر بالذات دفعها لرؤية ما كتب وكانت المفاجأة حين رأت من تمنى لها الموت وعقبت قائلة: «قلما أدخل لأقرأ التعليقات فضولي هذه المرة أغراني لأقرأ وأرى أن البعض تمنى لي الموت!». مضيفة: «أنا التي لم ولن أشمت بموت مخلوق على وجه الأرض وعندما أفعل لن أكون سورية أصيلة، وعلى فكرة عندما أموت بيكون عمري خالص وبس، إلى أي جحيم وصلنا؟».

اطمئنوا أنا لم أمت
وأيضاً كان الفنان عبد المنعم عمايري على موعد مع خبر شاع وسط مواقع التواصل الاجتماعي مفاده أنه توفي إثر تعرضه للإصابة بقذيفة هاون أثناء مروره في الشارع.
عمايري لم يأخذ وقتاً طويلاً ليقوم بالرد على مطلقي هذه الشائعات وقال في تعليق نشره عبر صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): «أصدقائي بكل العالم اطمنوا أنا ما متت لسا أنا وبناتي بخير وبعدنا في الشام».

بريء من الهاون
وكان للممثل محمد الشماط نصيب من هاون دمشق حيث انتشر في الأيام القليلة الماضية خبر وفاته وهو الشهير بشخصية «أبو مرزوق»، في مسلسل «باب الحارة» إثر سقوط القذيفة الصاروخية على منطقة ركن الدين في دمشق، ولكن ما هو مؤكد فعلاً أنه لا صحة لأي خبر تناول وفاته، بل أكدت مصادر مقربة من الشماط أنه بخير وفي صحة جيدة وأن كل الأخبار المتداولة ليس لها أي أساس من الصحة.

القذيفة العمياء
وربما الفنان قاسم ملحو استبق إطلاق الشائعات وراح معلناً عبر صفحته الخاصة على «فيسبوك» أن القذيفة الصاروخية التي استهدفت منطقة المزة قبل أيام كانت قريبة من مكان سكنه ووصف البلبلة التي خلقتها في المكان قائلاً: «أنا متل كل هالناس بالبلد، رج البيت ونزلت القذيفة العمياء هلق بالمزة قدام بنايتنا، وأسعفوا المصابين على المشفى قبل ما توصل سيارة الإسعاف».

تشرذم فني
هذه الأوضاع تمرّ صعبة على نجوم الدراما فنرى أن أغلب التصوير بمختلف المناطق من العاصمة أجل لعدم استقرار الوضع وعدم القدرة على المجازفة بأرواحهم خصوصاً إذا ما كان التصوير خارجياً، وهذا الوضع كان دافعاً للكثير من الفنانين ليغادروا بلدهم حيث اختار عدد من الفنانين الاستقرار التام خارج سورية منذ بداية الأزمة، وقلت مشاركاتهم في الأعمال التي تصور داخلاً وربما انعدمت عند الكثيرين رغم تلقي أغلبهم عروضاً مهمة للمشاركة في الدراما السورية، وكان الرفض لعدة أسباب منها الالتزام الطويل بالتصوير داخل سورية وضعف المردود المادي.
والكثير منهم بقوا على خط رجعة فهم يأتون إلى سورية يصورون ثم يغادرونها إلى حيث اختاروا مكان إقامتهم، على حين يقيم عدد من النجوم خارج البلد بشكل نهائي، ولا يفكرون بزيارة بلدهم التي طالما بعثت فيهم روح التألق والنجاح والنجومية، واقتصرت مجمل أعمالهم على المشاركة في الأعمال العربية المشتركة.
المسلسلات لم تسلم من حقدهم

وأيضاً لا ننسى أنه في احتدام الحرب وتحديداً في عام 2014، تعرضت المسلسلات السورية لقذائف غدرهم وتعرّض قسم من الأعمال الدراميّة التي تمّ تصويرها داخل سورية لخطر الهاون، ولا ننسى إحدى السّيارات المفخخة التي لاحقت أحد تلك الأعمال، وكان هناك ثلاثة مسلسلات درامية سورية على مواجهة مباشرة مع الحرب، وكادت تودي بحياة عدد من الفنّانين والفنيّين ولكن إرادة الرحمن كانت أقوى والأعمال هي كل من: «بقعة ضوء»، و«ضبّوا الشّناتي»، و«باب الحارة».
هذا عدا انفجار سيارة مفخّخة بالقرب من مكان تصوير الجزء العاشر من مسلسل «بقعة ضوء»، الذي كان يصور في منطقة مشروع دمر بدمشق، كما أن فريق عمل «ضبوا الشناتي» تعرض لقذيفة هاون في مكان قريب من تصويره الأمر الذي أدى إلى احتراق الشادر الخاص بحجب أشعة الشمس، وكذلك بتدخل من الرحمن لم تقع أي إصابات، وكان هناك عدد من الفنّانين يوم الحادثة وهم: بسّام كوسا، وأمل عرفة، وأيمن رضا، وقاسم ملحو.
ومع الحصة الكبيرة التي تنالها دمشق القديمة من الهاون لا نستغرب عند انفجار إحدى القذائف بالقرب من موقع تصوير مسلسل «باب الحارة» في منطقة باب توما مستقرة على سقف البيت الدمشقي التي كانت تجري فيه عمليات التصوير، ولكنها باءت بفشلٍ ذريع ولم تؤدِّ إلى وقوع إصابات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن