ثقافة وفن

حنيني الأكبر إلى سورية الأمان والسلام … مروان خوري لـ«الوطن»: الأمر الذي يرعبني المرض- الموت- الفشل … موسيقا الأطفال نوعيات تحتاج إلى الكثير من الدراسة والمسؤولية وهي تعنيني وسأقدم شيئاً

| سوسن صيداوي

من الحب يُخلق التحدي ومن الأمل يأتي الإصرار، على الرغم من الأوجاع، على الرغم من الحزن المتربص في ثنايا الشوارع وعتبات البيوت، وعلى الرغم من الآهات الثقيلة التي تحملها القلوب، وعلى الرغم من الأنين الموجع، وعلى الرغم من الهمسات والأقاويل والأحاديث الدائرة التي تُثني العزيمة وتحبطها، هو قرر، جاء، غنّى…. وأخيراً حاور في فترة عيد الحب أو عيد العشاق (الفالنتين)، هذا العيد الذي خلاله تُرسم القلوب وتلون باللون الأحمر كي يذوب معها الشعور، جاء في ليلة الثالث عشر من شباط الفنان اللبناني مروان خوري إلى دمشق، كي يكبّر القلوب ويحتفل مع جمهوره ومتابعيه الساهرين والعشاق على حد سواء، على النوتات الموسيقية الرومانسية العذبة. راهن الفنان الشامل وكسب الرهان ونجح في حفل مميز أحياه في فندق الداما روز في دمشق- لمس خلاله حب الشعب السوري للحياة وتشوقه لفرح الاستمرار رغم كل الصعوبات والتحديات الراهنة مضيفاً نجاحا إلى نجاحاته في سهرات عيد الحب الثلاث التي أحياها مغنيا الحب والرومانسية في العواصم العربية: بيروات، قطر، عمّان. في حوارنا الثاني معه، حدثنا عن الأمور التي ترعبه وعن أهمية موسيقا الأطفال، مشيراً أن الشللية التي تعيشها الأوساط الفنية هي أمر واقع ولكن ما يؤلم قيام بعضها بمحاربة الشلل الأخرى، مضيفاً- ومن وحي المناسبة- إن الزواج لن يُقدم عليه إلا إن كان مرتكزا على حب حقيقي وكبير، ومؤكداً في الوقت ذاته أن طفله هو ابنه وابن الحياة. ولمعرفة المزيد إليكم تفاصيل الحوار..

في حوارنا السابق قلت (لدي حنين كبير لسورية)، اليوم قدِمت إليها وتحدّيت الأزمة بالحب والأمل، ماذا تقول للسوريين في عيد الحب، وكلمة من لبنان التي ذاقت ويلات الحرب؟
أجل لدي حنين كبير لسورية، ولكن حنيني الأكبر هو إلى سورية الأمان والسلام، وهذا ليس مجرد كلام أتلفظ به، بل هذا الكلام حقيقي، وأضيف إلى ما ذكرته في حوارنا السابق، سورية قريبة منا نحن اللبنانيين، والدليل ما تتعرض له المنطقة، الذي دفع الكثيرين إلى القدوم والإقامة في لبنان كونها البلد الأقرب إليهم في المسافة والمشاعر، وبالمقابل نحن والجيل الذي سبقنا من الفنانين، أشغالنا وأعمالنا وحفلاتنا في نصيبها الأكبر تُقام في سورية. ومن الأكيد الحرب الراهنة خلقت في قلبي حزنا وألما، وكنت تحديت الكثير من الأمور، كي أكون موجوداً في يوم 13 شباط في دمشق وأقيم الحفل- من كل قلبي وجوارحي أحببت أن أقيمه- وأشكر اللـه بأن النجاح كان على قدر كبير من التعب والمخاطرة، فالجمهور السوري لاقاني بشوقه الكبير للحب، للفرح، وبإصراره الكبير على ضرورة الاستمرار في الحياة والعيش على الرغم من كل الصعاب. وهنا لابد من الإشارة إلى أمر لا يمكن الشك فيه، أنني أحترم كل شعور وفي الوقت نفسه أعتذر من أي شخص كان له تحفظ على قدومي بسبب الظروف القاسية للأزمة- أنا أتفهم هذا الأمر- ولكننا تعودنا في لبنان ومن وراء الأزمة اللبنانية أن نستمر، هذا وأضيف إن الموسيقا التي أقدمها ليست بغرض الفرح والرقص والترويح عن النفس فقط، بل ما أقدمه هو عبارة أيضاً عن مشاعر وأحاسيس وعواطف، وهي ذاتها ما تدفعني دائماً للحضور مهما كان الظرف صعبا.

هل أرسلت في يوم الحب وردا أحمر لمحبوبتك؟
أكيد، وبرأيي لا يوجد هدية تحبها المرأة وتقدّرها أكثر من الورد الأحمر.
منذ انطلاقتك وأنت تغني الحب في عيده، السؤال: من وقتها وحتى اللحظة، برأيك هل اختلفت مشهدية الحب؟
أكيد اختلفت المشهدية، حتى إنها اختلفت في الشكل وفي الطريقة، وخاصة مع الجيل الجديد، فنحن كجيل والجيل الذي قبلنا، مازلنا نتشابه في التعبير عن الحب، على الرغم من التغييرات التي خلقتها السوشال ميديا وغيرها من وسائل الاتصالات، ولكن الجيل العشريني لديه طريقة مختلفة في التعبير وفي تعاطي الحب، ولكن ومع كل هذا وما نعيشه من تطور، فإن هناك من الشباب والشابات يعيشون في نفوسهم وقلوبهم شيئاً من الرومانسية ويحبون ما أقدمه أنا من فن، أو ما يقدمه غيري من الفنانين، ومن ثم هنا نعود إلى نقطة مهمة، بأنّ في كل جيل أشخاصاً تفكر بطريقة معينة، لذلك حتى الحب يكون عند البعض بشكل مختلف ويتم التعبير عنه بطرق مختلفة عن الآخرين، وهذا الأمر بالنتيجة يعود للشخص نفسه كيف يرسم شكل الحب. وأختم هنا بأنه وعلى الرغم من تغيير مشهدية الحب، فإن الحب باق، وبحاجة دائماً إلى البقاء والاستمرار على الرغم من كل الاختلافات.

الفن رسالته مهمة وهي في الوقت ذاته خطيرة جداً واليوم نحن أمام ساحة مفتوحة من التيارات المختلفة والمتنوعة الوجهات، ما تعقيبك؟
بالطبع الفن رسالة، وللأسف هناك البعض ممن يرددها كلمة رنانة فقط بعيداً عن الإيمان بمضمونها، أو حتى من دون السعي أو التمسك بتحقيقها، والفن حقيقة رسالة لأن غايته ليست بالشهرة وبالحصول على الأموال، لا بل هو أيضاً مسؤولية، وأنا شخصيا لدي هذا الحس، فأي حفلة أقوم بها أو أي أغنية أقوم بتلحينها أو تأليفها، أقم بدراستها جيداً كي أكون واثقا من مضمونها وتوجهها، ربما أكون في بعض الأحيان مبالغا، ولكن رسالة الفن تتطلب هذا الجهد، وخاصة في هذه الأوضاع، لأن المغني غير قادر على غناء أي أغنية أو أي موضوع، حتى إنه أصبح محاصرا بالأماكن التي قُيد في الغناء بها، وكله محسوب عليه وخاصة في وضع التشرذم العربي الراهن، وأصبح المغني معرضا إذا غنى في بلد معين أن يكون محرما عليه الغناء في بلد آخر، إلى هذه الدرجة نحن نتعرض لقيود أو يمكنني أن أقول عنها تقسيمات، ولكنني على صعيدي الفني والشخصي أنا أرفض هذه التقسيمات، بل أقبل الدعوات التي توجه لي من أي بلد عربي للغناء، ودائما أنا جاهز كي أغني فيه، وبرأيي هذه رسالة، وكل التيارات الفنية والسياسية المختلفة لا تؤثر، لأن الفن الحقيقي والأصيل هو الفن الباقي.

موسيقا الأطفال وأغنياتهم من الأعمال البالغة التعقيد وتحتاج إلى الكثير من الخبرة والعلم وهي عناصر متاحة لكم، ما رأيكم بأعمال الطفولة العربية؟ وهل من الممكن أن نسمع عملا (مروانيا بالكلمة أو اللحن أو مع بعضهما) يخص الطفولة؟
صحيح… موسيقا الأطفال من النوعيات التي تحتاج إلى الكثير من الدراسة، والتي لا يمكن النظر إليها باستخفاف أو استسهال كما تعمل الأكثرية، لهذا هذا الموضوع أفكر به ويهمني كثيراً بأن أقدم شيئاً فيه مستوى وأن يكون في الوقت نفسه فيه من البساطة كي يصل إلى الطفل، وبالإجمال لا يوجد في عالم الطفولة في العالم العربي أعمال للطفولة، وهي معدودة على الأصابع، ولكن لبنان قدم شيئاً للأطفال كالرحابنة والسيدة فيروز وإلياس الرحباني، وماجدة الرومي، هؤلاء قدموا أعمالا للطفولة وهي على مستوى مهم وما زالت الأغاني مسموعة وقريبة من الأطفال- لا أعرف إذا كان هناك تجارب أخرى، فلست على اطلاع- لكن مما لاشك فيه أن هذا النوع من الموسيقا أو الأغاني تقديمه يجب أن ينطلق من مسؤولية كبيرة، وهي تعنيني كثيراً وأكيد سأقدم شيئاً للأطفال ولكن ليس في الوقت القريب.

على سيرة الأطفال ألم يحن الوقت بأن تطرق باب منزلك كي يفتح لك طفلك الباب؟
لا شك أن الطفولة هي الحياة، وهي الاستمرارية، وبالمقابل تأسيس العائلة هو ليس بالأمر الذي أقوم به لأنه يجب علي القيام به، وإذا قررت يوماً الزواج فسيكون هذا القرار نابعا من حب كبير، وإذا قررت الإنجاب فسيكون منطلقا من مسؤوليتي الكبيرة نحو طفلي، فمن المطلوب أن أؤمّن له حياته، فلا يمكنني الإنجاب وأن أترك طفلي للظروف وللحياة، على الرغم من أنني لن أستطيع حمايته من الحياة-فأولادكم ليسوا لكم-هذا الأمر أكيد، فطفلي لن يكون لي بالمطلق بل هو أيضاً ابن الحياة، ولكن من واجبي أن أكون قد أمّنت له بعضا من الأمور، لذلك كل ما ذكرته أعلاه هي أمور تجعلني أتأنى وأعد إلى المليون قبل أن أقدم على الزواج والإنجاب.

ما الأمر الذي يُرعب مروان خوري ويحاول ألا يفكر به على الإطلاق؟
الأمر الذي يرعبني: المرض، الموت، الفشل، أو مثلا ألا أقدم لجمهوري من فن ما أنا معتاده وما هو معتاد أن أقدمه له من حيث المستوى. بصراحة هناك الكثير من الأمور المخيفة التي أفكر بها، ولكنني تعودت أن أطردها بسرعة، لأنني لا أحب أن أفكر بالأمور السلبية كما أنني أتكل على اللـه في كل شيء.

في برنامج (طرب مع مروان) أنت تقدم أغاني قديمة متنوعة ومختلفة، ولكن الفكرة أننا عندما نسمعها تكون مبصومة بصوتك ومختلفة بأسلوبك، السؤال: من أين يأتي كل هذا؟
من المؤكد الأغاني التي أفتتح بها وأقدمها ببرنامج (طرب مع مروان) أقوم بإعادة توزيع لها، وضروري أن تكون مبصومة بصوتي وبأسلوبي وإلا فليس لها معنى، وأنا أقدمها بطريقتي على الرغم من أننا نقدم مجموعة من الأغاني بأصوات شبابية وأصوات هاوية وأصوات لها مقدارها في الفن، ولكن ما أريد الإشارة إليه هو أن ما قدمه الكبار كعبد الوهاب وعبد الحليم وأم كلثوم وغيرهم من العمالقة لن يأتي بعدهم من يقدم الأغاني مثلهم، فكل شخص له أسلوبه، ولكن وبصراحة أنا سعيد جداً لأنني أستطيع أن أقدم الأغاني بطريقة مختلفة وهي في الوقت نفسه قريبة للجميع، وأيضاً للجيل الجديد الذي يستسيغها. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فيأتي هذا الاختلاف من ثقافتي ومن وعيي للمواضيع المطروحة وأيضاً من اللاوعي والشعور بالأمور والإحساس بها وبطريقتي في ترجمتها.

في الآونة الأخيرة وفي سهرة رأس السنة نال الديو الذي جمعكم مع الفنانة يارا إعجابا شديدا من الجمهور. هل من الممكن أن يكون هناك عمل مشترك كديو أو أغنية خاصة للفنانة يارا؟
نعم من الممكن أن يكون هناك ديو مع الفنانة يارا، فهي فنانة عزيزة على قلبي، وما تقدمه من فن هو فن محترم، وفكرة الديو معها واردة. أما بالنسبة إلى حفلة رأس السنة، بالفعل أحبها الجمهور، وهي كانت بإصرار مني مع فريق الإعداد، ومع المقدم هشام حداد، بأن تتم وتُقدم بهذا الشكل المختلف، وأنا كنت مصرا أن نغني كلنا معا وأن نحتفل معا ونتشارك الأغاني بطريقة مختلفة عما يمكنني تسميته (أنا المطرب العربي).

ماذا حل بأغنية ناصيف زيتون؟
من الأكيد سيكون هناك أغنية للفنان ناصيف زيتون، والتأخير مني، لأن في فترة الصيف الماضية- كما شرحت لكم سابقا- كنت أعاني فيها ضغوطات تنوعت بين التحضير لبرنامج (طرب مع مروان) وبين الحفلات والمهرجانات التي عليّ المشاركة بها، وفي أوقات كهذه لا أستطيع التركيز أو التلحين، ولكن إن شاء اللـه وفي القريب فستسمعون الأغنية.

الشللية تحكم الأوساط، وعلى صعيد الأغنية يبقى المغني محاطاً بمجموعة من الشعراء والملحنين، وأنت قلت مرة إذا لم يكن هناك تعامل بين ملحن أو شاعر مع مغن ليس بالضرورة أن يكون هناك قطيعة بينهما. والسؤال: مروان خوري ووائل كفوري لماذا لم يجمعهما عمل حتى هذه اللحظة؟
الشللية أو البعض يسمونها المافيا-ولكن أجد تعبيرك أفضل-فيها يكون الأمر وببساطة بأن الشعراء والملحنين والمغنين مجموعات ترتاح للعمل مع بعضها، وتؤمّن الأعمال وحتى الحفلات لبعضها، فهي نوع من الشللية صحيح ولكنها وللأسف لا تكتفي بالعمل مع مجموعتها، بل تقوم بمحاربة المجموعات الأخرى من الفنانين والملحنين والشعراء، وحتى متعهدي الحفلات، ولكن مع الوقت الفن الأصيل والحقيقي لن تؤثر فيه كل التحديات أو المطبات. وبالعودة إلى السؤال تعاملي مع الفنان وائل كفوري وغيره من الفنانين أو عدم تعاملي هو بسبب مصادفة معينة أو عدم وجود الظروف المهيئة إلى هذه اللحظة.

في الختام… حدثنا عن مشاريعك الجديدة؟
هناك الكثير من المشاريع، فهناك أعمال جديدة سأقدمها، وهناك أعمال خاصة بالفنانين- لن أذكر أسماء في الوقت الحالي- وذلك هناك تترات لمسلسلات رمضانية، سأخبركم بها- إن شاء اللـه في وقتها- كلّها ولو كانت مجرد حفلات أو مهرجانات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن