قضايا وآراء

الساحة السورية والهيستيريا الغربية

| رزوق الغاوي

ترافقت المستجدات الميدانية في الغوطة الشرقية مع حملة تضليلية شنها الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي، مردها الهزائم المتلاحقة التي ألحقها الجيش العربي السوري بالتنظيمات الإرهابية، ما جعل هذا الإعلام يتمادى في عدم موضوعيته وعدم اتزانه لدى تعاطيه مع ما يجري على الساحة السورية وخاصة مع ما يتصل بالغوطة الشرقية، وينظر بعين واحدة تجاهلاً وانصياعاً لمخططات مشغلي هذا الإعلام من الدوائر الاستخباراتية الأميركية والبريطانية والفرنسية.
وفي سياق هذا التجاهل والانصياع والنظرة المحدودة والمقيدة، بات الإعلام الغربي وفي مقدمته محطات الـ«سي إن إن» والـ«بي بي سي» والـ«يرورونيوز» أسير حالة من الهيستريا الإعلامية المنحازة بصورة مطلقة للسيناريو الغربي المبيت ضد سورية، وعمد في تعاطيه الإعلامي إلى تجاهل الحقائق المثبتة والمتعلقة بالغوطة الشرقية.
لقد تجاهل الإعلام الغربي جملة من الوقائع التي تبدو الإضاءة عليها ضرورة لابد منها، وفي مقدمة هذه الوقائع، على سبيل المثال لا الحصر:
– تجاهل قيام الجيش العربي السوري بتحقيق مصالحات مع بعض من حمل السلاح وإحداث ممرات آمنة لخروج المدنيين الذين تتخذ التنظيمات الإرهابية منهم دروعاً بشرية تحتمي وراءها وتمنعهم من مغادرة المناطق الساخنة، والزعم بأن العمليات العسكرية السورية تستهدف المدنيين وليس الإرهابيين وتعرقل العملية السياسية.
– تجاهل قيام الفصائل الإرهابية بقصف أحياء العاصمة دمشق وريفها بالقذائف الصاروخية وإيقاع عدة مئات من الضحايا والجرحى في صفوف المدنيين، وتجاهل حقيقة قصف مدينة دمشق خلال أقل من شهر مضى بألف قذيفة هاون وصواريخ وتعريض الملايين من مواطنيها للخطر، بما في ذلك استهداف السفارة الروسية والمركز الروسي لتنسيق المصالحة الوطنية بقصف صاروخي أصاب عدداً من العاملين في المركز بجراح.
– تجاهل الحديث عن الجهود السورية الرامية لتحقيق مصالحات وطنية ووقف نزيف الدم، وكذلك تجاهل الحديث عن الممارسات المشبوهة الرامية إلى عرقلة المساعي الصادقة لتحقيق المزيد من تلك المصالحات، وبالتالي تجاهل الإضاءة على الحقائق كما هي على الأرض السورية، بل العمل على تشويهها، واستباحة المستشفيات والمدارس وتحويلها إلى مراكز عسكرية.
– تجاهل انتهاك واشنطن وأنقرة لقرار مجلس الأمن الدولي 2254 باحتلالهما أجزاء من الأراضي السورية وبالتالي انتهاك المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة والتي تنص على احترام المساواة في السيادة وامتناع الدول عن التهديد بالقوة ضد بلد آخر.
– تجاهل التذكير بقرارات مجلس الأمن حول سورية والتي تؤكد الالتزام القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، وتالياً عدم الذهاب باتجاه توصيف ما تتعرض له سورية من سيناريوهات تنال من السيادة السورية ومن مواقفها ورؤاها تجاه قضاياها والقضايا العربية والإقليمية.
– تجاهل الإضاءة على عمليات سابقة للتحالف الدولي أسفرت عن تدمير تسعين بالمئة من مدينة الرقة وتحويلها إلى مجرد ركام قبل إخراج آمن لتنظيم داعش منها، وتنفيذ 34 مجزرة فيها و12 مجزرة في محافظة حلب، وقتل نحو ألف مدني آخر في عام 2016 بينهم 403 أطفال و178 امرأة وإخفاء مزاعم واشنطن أن الحياة الطبيعية عادت إلى الرقة على الرغم من أن الدمار الذي أحدثه التحالف الدولي قد أتى على كامل البنية التحتية للمدينة من أبنية وشوارع ومرافق عامة ما جعل الحياة فيها غير ممكنة.
– تجاهل الإضاءة على تسهيل عبور عشرات الآلاف من المرتزقة إلى داخل سورية بعد تدريبهم في معسكرات في دولٍ مجاورة، وتقديم دعمٍ مالي لهم بـلغ 137 مليار دولار وتزويدهم بالسلاح، وإفساح المجال لتزويد بعضهم بمواد كيميائية لاستخدامها ضد المدنيين ومن ثم اتهام الجيش العربي السوري باستخدامها.
– تجاهل الإضاءة على عدم شرعية التدخل العسكري الأميركي في سورية وعلى زعم واشنطن أن تدخلها تم من أجل محاربة تنظيم داعش، ومن ثمَّ إعلانها أن تدخلها يهدف إلى بناء قواعد عسكرية دائمة للحفاظ على الأمن الإستراتيجي الأميركي وأمن حلفاء واشنطن، وبعد ذلك الإعلان صراحة أن الهدف من الوجود العسكري الأميركي، هو السيطرة على المصادر النفطية والغازية والمائية في المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة الميلشيات الموالية لواشنطن.
– تجاهل الإضاءة على نشاط منظمة «الخوذ البيضاء» في الغوطة الشرقية، وتجاهل كونها تتستر بالادعاء أنها «منظمة إغاثية» وتتعاون بشكل وثيق مع الجماعات الإرهابية وتتلقى التمويل من خارج البلاد وتعتبر «المصدر الأصلي للأخبار المفبركة مدفوعة الأجر».
هنا يمكن القول: إن الإعلام الغربي الذي كما عهدناه رهينة مشغليه، بات ماكينة نشطة للاستخبارات الغربية وشريكاً عملياتياً لها يعاني من هيستيريا غير مسبوقة في العمل الإعلامي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن