قضايا وآراء

فيتو روسي ضد قرار بريطاني وصراع مقبل مع واشنطن

| تحسين الحلبي

بدأت الحروب التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد دول وأطراف محور المقاومة، تتخذ شكلاً تصعيدياً شهراً تلو آخر وتتحول إلى خطط علنية تحاول فيها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المحافظة على بقاء المجموعات الإرهابية ومنع تطهير وجودها في سورية بشكل خاص، وهذا ما كشفته المصادر الإسرائيلية منذ منتصف شباط، حين نشر مركز «الملتقى الإسرائيلي للتفكير الإقليمي» تحليلاً حول سورية جاء فيه: إن «القوى الخارجية تحاول في هذه الأوقات تصعيد تدخلها بأشكال عديدة في سورية لمنع الرئيس بشار الأسد من استعادة الاستقرار لسورية، ويبدو أن إسرائيل وبريطانيا بدأتا بالاستعداد لهذا التصعيد بهدف المشاركة مع الولايات المتحدة في هذه الخطة التي تظهر فيها أنقرة جزءاً بلعبة أميركية تركية، كما ازدادت التصريحات البريطانية التي تهدد سورية بعمل عسكري في إطار المزاعم التي لم تتوقف حول استخدام أسلحة كيميائية، وعلى الرغم من أن مثل هذا التصعيد لن يتجاوز وضع «زوبعة في فنجان» إلا أن روسيا تقوم منذ فترة بموجب ما تذكره المصادر الغربية بتعزيز قدرة سلاحها الجوي من خلال إرسال مقاتلات روسية وقاذفات قادرة على زيادة درجة الردع.
ففي 28 شباط ذكرت المجلة الإلكترونية الأميركية «بيزينيس أينسايدر»، التي تمثل آراء المتشددين في الحزب الجمهوري، أن موسكو نشرت طائرات حربية من نوع «سو 57» لحماية حلفائها في سورية إضافة إلى الطائرات الأخرى والمعدات العسكرية الروسية المتطورة التي كانت موجودة منذ فترة، وتضيف المجلة: إن «الهدف هو ردع الطيران الأميركي والتركي في منطقة شمال شرق سورية ومنع إصابة «سو 57» من أجهزة إطلاق صواريخ مضادة حديثة قد يحملها المسلحون لأن هذه الطائرة تقصف من ارتفاعات عالية جداً فلا تتعرض للإصابة».
وفي ميدان التصعيد السياسي ضد سورية وحلفائها تعترف المصادر الأميركية أن موسكو بدأت تستعد للوقوف في وجه أي قرارات أممية أو غربية مشتركة ضد سورية وإيران في مختلف المنابر الدولية وهذا ما ظهر واضحاً حين استخدمت موسكو حق النقض «الفيتو» ضد قرار أعدته بريطانيا في مجلس الأمن الدولي لاتهام إيران بإرسال الصواريخ إلى «أنصار الله» في اليمن وإلقاء المسؤولية عليها في خرق الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على إرسال السلاح لـ«أنصار الله»، فقد رأت واشنطن ولندن في «الفيتو» الروسي أن التحالف الروسي السوري الإيراني بدأت تزداد مصادر قوته في الساحة الدولية وخصوصاً أنه يهدف إلى تدعيم الدور الإيراني في هذا التحالف. وترى المصادر الأوروبية، الألمانية والفرنسية بشكل خاص، أن إدارة ترامب تسعى الآن إلى زيادة الضغوط الدولية على طهران لكي تنتقل إلى تنفيذ خطة التخلص من اتفاقية فيينا التي وقعت عليها «الدول الخمس + واحد» مع طهران في الموضوع النووي.
الدول الأوروبية لا تجد أي مصلحة لها في عدم المحافظة على هذه الاتفاقية، بينما تصر إدارة ترامب على ضرورة إلغاء هذه الاتفاقية التي تخدم مصالح إيران وروسيا أو تعديلها بشكل يجرد إيران من أي إيجابيات تتحقق لها فيها، ويبدو من الواضح أن الهدف الذي تسعى لندن وواشنطن إلى تحقيقه من تقديم شكوى ضد إيران في مجلس الأمن الدولي هو محاولة خلق المتاعب لهذا التحالف الروسي السوري الإيراني، فكانت النتيجة أن موسكو فرضت شروطها وقواعد سياستها الخارجية في هذه الجولة الأميركية البريطانية ضد الأطراف الثلاثة روسيا وإيران وسورية.
في جنوب سورية، يبدو أن إسرائيل تسعى إلى زيادة تدخلها السري والعلني لدعم بقايا المجموعات الإرهابية عند حدود الجولان بعد أن وجدت أن إدارة ترامب لم تستطع فرض شروطها لمنع وجود الدعم الإيراني في المنطقة الجنوبية للجيش السوري، ولذلك بدأت إسرائيل بتصعيد حملتها الدولية إلى جانب لندن وواشنطن ضد إيران ودعمها لسورية، وهذا الدور الإسرائيلي لابد أن يؤدي إلى تمتين الشراكة السورية الروسية الإيرانية في مواجهة الثلاثي الأميركي البريطاني الإسرائيلي في مختلف الساحات الإقليمية والدولية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن