قضايا وآراء

مؤتمرات إعادة إعمار العراق في الكويت … خيبة أمل.. وتهرب من المسؤوليات الأخلاقية

| أحمد ضيف اللـه – باحث في الشؤون العراقية

شهدت الكويت خلال الفترة (12-14/شباط/2018)، ثلاثة مؤتمرات لإعادة إعمار العراق، الأول: (مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق) استمر ثلاثة أيام، بمشاركة 76 دولة ومنظمة إقليمية ودولية و51 من الصناديق التنموية ومؤسسات مالية إقليمية ودولية و107 منظمات محلية وإقليمية ودولية من المنظمات غير الحكومية و1850 جهة مختصة من ممثلي القطاع الخاص، برعاية أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، ورئاسة خمس جهات هي الكويت والعراق والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي. والثاني: (مؤتمر المنظمات غير الحكومية لدعم الوضع الإنساني في العراق) بمشاركة نحو 70 منظمة إنسانية منها 30 منظمة إقليمية ودولية و25 منظمة عراقية و15 منظمة كويتية. والثالث (مؤتمر استثمر في العراق) برعاية غرفة تجارة وصناعة الكويت.
وقد تزامنت تظاهرة المؤتمرات هذه مع استضافة الكويت، للاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش في الـ13 من شهر شباط الجاري، بحضور 74 عضواً من الدول والمنظمات الدولية المشاركة فيه، الذي بدا وكأنه الداعم السياسي لتلك التظاهرة.
وفيما سعت الحكومة العراقية من خلال المؤتمرات الثلاثة المتزامنة إلى الحصول على الدعم عبر منح مالية واستثمارات متوسطة وطويلة الأمد، لإعادة إعمار المدن التي تضررت بسبب الحرب على تنظيم داعش، مقدرة حاجتها إلى 88.2 مليار دولار لتنفيذ مشاريع الإعمار، عارضة نحو 212 مشروعاً استثمارياً لجميع قطاعات الاقتصاد العراقي، حيث عبر المسؤولون العراقيون عن ارتياحهم إلى حجم المشاركة الكبير في هذه المؤتمرات الثلاثة، رغم أن عدداً مهماً من المشاركين حضروا بدافع الترويج لنفسه ليس إلا.
جاءت النتائج مخيّبةً لآمال العراقيين، حيث أعلنت الكويت في ختام المؤتمرات، جمع مبلغ 30 مليار دولار، التي كانت في معظمها مقدمة على هيئة قروض ومساهمات استثمارية، بينما شكلت المبالغ المقدمة كتبرعات نسبة قليلة (نحو مليار ونصف المليار). ما يعني أن تلك القروض ستزيد من حجم الدين الخارجي للعراق، الذي سيكون مرهقاً للاقتصاد الوطني عند تسديده هذه القروض.
ورغم الصياغة الدبلوماسية التي قالها إبراهيم الجعفري وزير الخارجية العراقي في ختام المؤتمرات، من أن «المبلغ لن يسد الحاجة لكنه سيساهم في إعادة إعمار العراق»، وبأن «العراق تعرض إلى دمار وخراب في حرب داعش ويحتاج إلى مبلغ مالي أكبر من أجل سد حاجته لإعادة الإعمار». إلا أنها عبرت في الوقت ذاته عن مدى الخيبة من مساهمات المجتمع الدولي.
إن مؤتمرات الكويت هي مؤتمرات دائنين، فالدول المانحة ستعطي الأموال للعراق كديون وقروض، ما سيعود بالفائدة قبلاً على الدول المانحة والمستثمرة. بينما كان يُفترض بها أن تكون مناسبة مهمة لأن يعترف المجتمع الدولي بالتزاماته الأخلاقية إزاء دور العراق المحوري في مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، وما لحق به من أضرار فادحة بسبب هذه المواجهة. وبالتالي تقديم كل المساعدات المالية الممكنة لإعادة إعماره. فلولا صمود العراق بوجه تنظيم داعش ومن ثم القضاء عليه، لانتقلت المجموعات الإرهابية إلى دولهم، وخاصة أن تنظيم داعش لم يخف تهديداته للعالم بأسره.
ومما يُلاحظ أن الولايات المتحدة الأميركية ودول التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش (74 دولة)، لم تقدم مساهمات مالية مميزة لمشروع إعادة إعمار العراق، رغم أنها المسؤولة عن حجم الدمار الهائل الذي ألحق بالمنشآت الحيوية العراقية وبناه التحتية، حيث كان يُفترض بهم تحمل النصيب الأكبر من مسؤولية إعادة إعمار العراق، بل دفع كامل تكاليفه.
إن الولايات المتحدة الأميركية بشكل خاص هي المسؤول الأول عن كل ما لحق بالعراق. بداية بغزوها له، منتهكة بذلك كل المواثيق والقوانين الدولية، إضافة إلى تلك الدول التي ساهمت معها بالغزو، ومن ثم رعاية الإرهاب الوهابي وتصديره إلى العراق، منذ يوم احتلاله، وحتى الآن، وعلى رأس هذه الدول السعودية ومشيخاتها الخليجية وتركيا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن