رياضة

لماذا كرة القدم؟

| محمود قرقورا

هذا عنوان الكتاب الذي أصدره الزميل أيمن جادَه مع انتهاء عام 2017 وانتهيت من قراءته الأسبوع الماضي، وحقيقة هو كتاب يستحق الاقتناء وكان لي شرف الحصول عليه من بين بضعة أشخاص لم يتجاوزوا عدد أصابع اليد الواحدة خصهم الكاتب في بلدنا، ويحاول ملامسة أسباب كون كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى ومالئة الدنيا وشاغلة الناس، المجنونة التي يحبها العقلاء، اللعبة التي نقلت الناس من العشق إلى الحرب بعض الأحيان، من دون الاهتداء لجواب ينفرد بكونه الأصح من بين مئات الإجابات التي وردت على لسان شخصيات لها باع طويل باللعبة تواصل معها المؤلف.
جمالية الكتاب أنه موجه للجميع، ففيه المعلومات التي تهم القراء العاديين، وفيه الأفكار التي تجذب الدارسين المتعمقين، وفيه الومضات التي تلفت انتباه الباحثين المتمرسين وتنير دربهم لاستلهام الكثير من الموضوعات.
الكتاب ليس أرشيفياً ولا يتحدث عن بطولة ما أو لاعب عظيم دون سواه، أو مدرب عبقري دون غيره، ولا ينحاز لديربي أو كلاسيكو على أنه الأهم، ولا يغوص في دهاليز الكرة العالمية دون العربية وأسباب عدم تطورها، ولا يكتفي بنشر قانون اللعبة المختصر وأهم المصطلحات والتعابير الكروية، ولا ينتصر لدوري أو ناد أو منتخب أو ملعب، ولكنه عرّج على كل ذلك بموضوعية وحيادية، وجاء في أربعة وأربعين فصلاً تطرب القارئ وتجعله يحار من أين ينطلق، وبداية كل فصل بقول مأثور عن أحد المشاهير (لاعباً ومدرباً وفيلسوفاً).
أجزم أن الزميل أيمن لامس الجرح في انتقاء مواضيعه، ما يجعله بحق واحداً من أفضل الكتب العربية التي تعنى باللعبة لغة وسبكاً ومحتوى إن لم يكن أميزها، حيث لابد من الوقوف بتمعن عند كل فصل لأن فيه الجديد والمفيد.
نتعرف بين جلدتي الكتاب (600 صفحة) على الرجل الذي أسعد أمة بل أمماً وجعلها ترقص فرحاً، وأبكاها في الآن ذاته دماً وهو مارادونا وخفايا مؤامرة الفيفا عليه كإشارة إلى فساد المنظمة المشرفة على اللعبة المستوحى من كتاب كيف سرقوا اللعبة لديفيد يالوب. ونتحسر على لاعب غيّر وجه الكرة وجعل محترفي اليوم ينعمون بالأموال الباهظة التي تدخل حساباتهم البنكية بفضله بينما هو يعيش بفقر مدقع على ملاليم لا تسمن ولا تغني من جوع وهو بوسمان. ونتذكر كيف تعملق زين الدين زيدان وقام بنطحتين عنوانهما الفوز بكأس العالم وكيف تهور وقام بنطحة تسببت بخسارة منتخبه كأس العالم، ونستنتج كيف استحق هدف العراقي جعفر عمران بمرمى اليابان في تصفيات مونديال 1994 لقب الهدف الأغلى عبر التاريخ. ونعيش ذكريات المباريات الأجمل (والريمونتادات) والمعارك الكروية التي لن ينساها الزمن، ونجوم عظام لم تتحقق أمانيهم في رحاب الكرة وغير ذلك من الأفكار الخلّاقة.
هنيئاً لكل من اقتنى الكتاب الذي يعد إضافة مهمة للمكتبة الرياضية العربية وهو الثالث للزميل أيمن بعد موسوعة كأس العالم لكرة القدم والتعليق الرياضي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن