رياضة

سلتنا الوطنية بين الواقع الصعب وتنظير المتربصين

| مهند الحسني

يدرك الجميع أن هناك أسباباً كثيرة فرضها الواقع الصعب على اتحاد السلة الذي أخفق من جديد في تعاطيه مع واقع الحال للعبة انطلاقا من نياته الطيبة والهادفة إلى الحفاظ على الرمق الأخير مما تبقى من كرة السلة التي كانت في يوم مضى واجهة ألعابنا الجماعية.
ويبدو أن نيات الاتحاد الطيبة وجهوده المخلصة في سبيل بقاء اللعبة، لم تنفعه في مواجهة بعض المتربصين والمشككين ممن كتب لهم الفشل في كل ملف أسند إليهم في الفترة السابقة، وثبت بالدليل القاطع أنهم لا يجيدون إلا العزف على أوتار ربابة التنظير والكلام المرسل، والوعود الواهية المزركشة بالكلام المعسول، فهبت ريحهم أمام الكبوات المتتالية للمنتخبات الوطنية في المرحلة السابقة في ظل ظروف صعبة تمر بها رياضتنا بشكل عام، عكست بشكل صادق الواقع العام الذي يمر به وطننا الحبيب اقتصادياً واجتماعياً ورياضياً.
شعارات
الخسائر التي مني بها منتخبنا في تصفياته العالمية غير مقبولة، لكن هل كنا منذ عشر سنوات أو أكثر نستطيع الفوز على منتخبات إيران، والأردن ولبنان رغم وجود كوكبة من النجوم بمنتخباتنا في تلك الفترة، لذلك لا نغالي كثيراً إذا قلنا إن منظري السلة السورية، وهم كثر قد تجاوزوا الاستنزاف الكبير في مفاصل لعبتنا بهجرة خيرة مدربيها ولاعبيها وإدارييها، وتجاهلوا الفروق الكبيرة بين إمكانيات أنديتنا، وأندية الدول التي سيواجهها المنتخب الوطني في أي محفل قادم، كما كان مهماً مواجهتهم بسؤال مشروع، وهو ماذا سيكون حال أنديتهم التي يديرون ملفات كرة السلة فيها لو واجهت أندية المقدمة في لبنان أو إيران أو الأردن أو العراق، وما الفوارق التي سيخسرون بها، وما تبريرهم وتذرعهم الدائم في تغيب الكثير من فرقهم عن بطولات مدنهم حتى ذريعة الظرف العام، وموقف أهالي اللاعبين واتهامهم لاتحاد اللعبة بالطوباوية، وعدم تفهمه لظروف لاعبي فرق القواعد، بينما يستخدمون ميزان غرامات الذهب عند تقييمهم لأخطاء أو هفوات اتحاد كرة السلة، بينما يطلبون ميزان التجاهل والتبريرات عند تقييم أخطائهم?
صدق النيات
كل المشكلات التي تعترض سلتنا الوطنية في المرحلة الحالية هي من نتاج أهلها فيما بينهم لا محالة، ومسلسل تقاذف التهم والتقصير بينهم يبدو أن لا نهاية له على ضوء الواقع الحالي، وباتت سلتنا وكأنها في حارة (كل مين إيدو ألو) تتقاذفها الأنواء من كل حدب وصوب، وكل واحد فيها هو الأفضل، وكلامه هو الصحيح، وتاريخ السلة السورية بدأ من عنده، وكل ما يقال من الطرف الثاني خاطئ، وبعيد عن الواقع.
وجود اختلاف بوجهات النظر شيء مفيد في أي منحى من مناحي الحياة، بشرط أن يكون بنّاء لا هداماً، لذلك لا ضير في وضع هذه المشكلات خلف ظهورنا، ولم شمل أهل اللعبة عبر عقد ورشة عمل يترأسها المكتب التنفيذي تضم جميع الأطراف، والاتفاق على صيغة عمل جيدة وصحيحة تصب في مصلحة السلة السورية، لأن من يرد أن يبني منتخباتنا الوطنية بشكل صحيح لا يمكنه أن يعتمد على الشعارات الرنانة، والخطط الخلبية، والإمكانات المادية المتواضعة، وإنما هو بحاجة لخطط علمية، وتنفيذ ومتابعة جدّية، واستغلال جميع الخبرات الوطنية في رسم معالم استراتيجية لهذه المنتخبات، مع إمكانية توفير الإمكانات المادية التي توفر أبسط مقومات الإعداد والاستعداد لهذه المنتخبات بعيداً عن المعسكرات الحالية التي لا تلبي طموحاً، فهذه دعوة صادقة لجميع من يحب السلة السورية من أجل تصفية النيات، وشحذ الهمم في سبيل إعادة ترتيب أوراق سلتنا الوطنية بشكل عام.

خلاصة
قبل عقد هذه الورشة، والحديث عن أي شيء، يجب على الجميع أن يدركوا أن منتخبات السلة بشكل عام لا تعيش حالة مثالية لأن لا شيء مثالياً في رياضتنا، وسلتنا الوطنية ليست في أحلى أيامها، لا بل هي تمر في أسوء مراحلها، ولكنها حظيت ببعض المخلصين ممن بذلوا جهدهم بما توفر إليهم من وسائل وإمكانيات محدودة، فبدت عملية الحفاظ على ما تبقى من أشلاء السلة السورية أشبه باستخراج الماء بعصر الصخر.
أيها السادة سلتنا بحاجة ليد حانية تمسح آلامها، لا للسان جارح يتحين الفرصة للانقضاض عليها، وينسف ويتجاهل جهود من استطاع أن يؤمن لها فرصة البقاء في ظل الأوضاع التي مرت بها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن