قضايا وآراء

مخطط «دولة اليهود وحدهم» وتحدياته لكل العرب

| تحسين الحلبي

مع اقتراب موعد العام السبعين على نكبة الشعب الفلسطيني بل الأمة العربية كلها أيضاً في أيار المقبل، تتسارع عملية تقديم مشروعات الاقتراحات والقوانين التي تعدها حكومة نتنياهو لتصفية حقوق الشعب الفلسطيني في أراضيه المحتلة كافة منذ عام 1948 وعام 1967، ولعل أخطر مشروع قانون ستقدمه الحكومة الائتلافية للتصويت النهائي في البرلمان (الكنيست) في الأسابيع المقبلة هو ما يسمى بقانون أن «إسرائيل دولة للشعب اليهودي وحده».. وكان هذا القانون قد عرض في أيار من العام الماضي على جلسة تمهيدية أولى ففاز بـ48 صوتاً مقابل 41، ويعتقد الائتلاف الحاكم أن التصويت عليه في الكنيست لكي يتحول إلى قانون ملزم في موعد مقبل قبل أيار 2018 يهدف استكمال المشروع الصهيوني العنصري التوسعي في كل فلسطين وفرضه بقوة الاحتلال على ما بقي من الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة منذ عام 1948، وتطبيقه على المستوطنات الإسرائيلية التي أنشأها الاحتلال في الضفة الغربية والقدس الشرقية والتي أصبحت تضم مليوناً من المستوطنين الذين يسيطرون على أكثر من 70 بالمئة من أراضي الضفة الغربية حتى الآن.
ويقول عضو الكنيست من حزب الليكود (أميرا وحانا) إن صيغة هذا القانون لن تجعل من اللغة العربية لغة رسمية في الدولة لكنها ستبقى للتداول كلغة «خاصة» بالعرب «المقيمين في إسرائيل» بموجب مفرداته.. وهذا يعني أن أصحاب الأرض والوطن الفلسطينيين سيتحولون إلى مجرد «مقيمين مؤقتاً» ولا تنتمي هذه الأرض بمدنها وقراها وتاريخها ومساجدها وكنائسها لهم بل ستجري أوسع عملية تهويد لجميع مفرداتها التاريخية العربية والإسلامية والمسيحية.. ولعل أخطر ما يعده هذا القانون يتعلق بمدينة القدس الشرقية التي تضم الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة وأحياء وضواحي المدينة التاريخية وسيتحول الكيان الإسرائيلي بشكل علني وبرلماني ومؤسساتي إلى دولة عنصرية يسود فيها ويحكم ويتمتع بكل الحقوق اليهودي فقط، وتتحول بقية الفلسطينيين أصحاب الأرض فيها والتاريخ إلى مجرد «عابرين مؤقتاً» رغم أن عددهم في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 وفي الضفة الغربية المحتلة منذ عام 67 يزيد على عدد اليهود الموجودين حتى الآن.
وهذا ما يشبه تماماً حكم الأقلية البيضاء التي احتلت واستعمرت جنوب إفريقيا على الأكثرية السوداء التي تشكل الشعب التاريخي لأراضي جنوب إفريقيا.. فإسرائيل تريد أن تتمسك بعنصرية دولة جنوب إفريقيا تماماً من خلال هذا التشريع الذي سيصوت عليه المحتلون لفلسطين بقوة الاستعمار المسلحة، ولذلك يسخر أحد الأميركيين حين يقول إن «حكومة إسرائيل تشبه في قانونها الجديد هذا القول إن الولايات المتحدة دولة للبيض وحدهم!» وهذا ما لم تتحمله البشرية والمجتمع الدولي في جنوب إفريقيا، فما بالك لو قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب سن قانون أن الولايات المتحدة لأصحاب البشرة البيضاء فقط ولا وجود لهنود حمر أو سود أو من العرق الأصفر أو من سكان أميركا اللاتينية!
ومع ذلك لا أحد يشك أن الإدارة الأميركية ستدعم هذا القانون العنصري الصهيوني وستقدم له مع الدول الأوروبية التأييد والاعتراف «على غرار ما كانت تفعله مع حكومات جنوب إفريقيا البيضاء العنصرية»!
فإسرائيل تسعى الآن إلى استغلال وتوظيف النتائج المدمرة لما يسمى (الربيع العربي) والانقسام الحاد الذي نتج عنه واستخدام السيطرة الأميركية على قرار دول النظام الرسمي العربي لفرض هذا القانون الذي أعدته داخل خطة «صفقة العصر» لاستكمال مشروعها الصهيوني الاستيطاني، وتحويل أكثر من خمسة ملايين من الفلسطينيين إلى لاجئين داخل أراضيهم ووطنهم في فلسطين المحتلة عام 1948 والمحتلة عام 1967، ولن تتوقف عن تنفيذ خطتها ضد الأردن وسورية ومصر ولبنان وهي الدول المجاورة لفلسطين، فما زال تفتيت وتقسيم هذه الدول أحد أهم شروط استمرار بقاء ووجود الكيان الصهيوني وتوسعه المستمر، وأصبح من الواضح أمام كل الدول العربية أن الفلسطينيين يعولون على هذه الدول وفي مقدمتها محور المقاومة وكل من ينضم إليه لإحباط هزيمة أخطر مخطط صهيوني في تاريخ القضية الفلسطينية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن