قضايا وآراء

هل يبدأ الحوار السوري الأميركي؟!

باسمة حامد : 

على غرار ما تقوم به دول عربية وأوروبية عدة، ثمة مؤشرات عديدة تؤكد مساعي واشنطن فتح صفحة جديدة في العلاقات مع دمشق لدورها المحوري والمهم في قضايا المنطقة وعلى رأسها محاربة الإرهاب.
وفي هذا الإطار لا يمكن النظر إلى قرار الولايات المتحدة الأخير بخصوص شن غارات جوية للدفاع عن معارضيها «المعتدلين» الذي يجيز لها قصف أي قوات تعترض هؤلاء بما في ذلك الجيش العربي السوري إلا من زاوية الضغط على القيادة السورية قبل بدء مرحلة التحاور معها، لأن استهداف القوة الأبرز التي مازالت صامدة للعام الخامس على التوالي وتُعتبر رأس الحربة في الحرب على «داعش» حالياً من شأنه توجيه انتقادات واسعة لإدارة أوباما، ولاسيما أن عدوانية ووحشية هذا التنظيم الإرهابي في ازدياد.
وعلى كل حال، لقد بات التحاور وتطبيع العلاقات مع دمشق مساراً إلزامياً لتطويق هذه الظاهرة الكونية، حيث يسود الاعتقاد لدى معظم اللاعبين الإقليميين والدوليين بضرورة إيجاد حل سياسي سلمي في سورية لمواجهة الإرهاب والتطرف، فالقوة العسكرية ليست السبيل الأفضل للتسوية السورية، والحروب المتفرقة على «داعش» وغيرها من التنظيمات التكفيرية لن تقضي على خطرها ولن توقف انتشارها وتوسعها، المسألة في الواقع تحتاج إلى تضافر كل الجهود، والفرصة باتت سانحة أمام الجميع للخروج من الأزمات التي تشهدها المنطقة بأقل الخسائر.
ولا شك أن البراغماتية الأميركية ستسمح بحدوث مثل هذا التحول الإستراتيجي في ظل المعطيات التالية:
1- تعيين /مايكل ريتناي/ مبعوثاً خاصاً إلى سورية.
2- زيارة فالح الفياض إلى العاصمة السورية مؤخراً ليس فقط بصفته مستشاراً للأمن القومي العراقي بل كطرف ثالث ينقل الرسائل الأميركية إلى دمشق على ما يبدو.
3- تأكيد نائب وزير الخارجية السوري د. فيصل المقداد للتلفزيون السوري أن مرحلة الحصاد السياسي في سورية قد بدأت، فهناك «اعتراف صريح وواضح من الدول التي قادت هذه الحرب على سورية بأنها أخطأت ويجب أن تتراجع وتتحمل مسؤوليتها في هذا المجال»، كما أن القناعة بالتخلي عن محاولات «إسقاط» القيادة السورية أصبحت «حقيقة في سياسة العديد من الدول وعلى أساسها يتم الحوار الروسي سواء مع الولايات المتحدة أو مع بعض دول الخليج أو دول كفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي». ونذكّر بأن الرئيس الأسد قبل أشهر كان قد صرح لصحيفة الأخبار اللبنانية أن دمشق تستقبل إشارات أميركية بهذا الاتجاه: «الأميركيون أثبتوا أنهم أكثر عقلانية من الفرنسيين رغم اشتراك الجميع بالتآمر.. يحاول مسؤولون أميركيون حاليون أو سابقون التواصل معنا، لكنهم لا يجرؤون بسبب لوبيات تضغط عليهم.. أميركا والغرب هم الذين بدؤوا يرسلون إشارات تغيير.. صار الإرهاب في عقر دارهم».
4- استدارة الغرب نحو إيران بعد إنجاز الاتفاق النووي، وتجاهل الاستياء «الإسرائيلي»، وعدم التوافق الغربي مع أنقرة بخصوص المنطقة العازلة شمال سورية.
5- النتائج الأولية للمبادرة الروسية «المعجزة» أي: «تشكيل تحالف رباعي لمحاربة الإرهاب» والتي كشفت عن حدوث اتصالات سورية سعودية ما كانت لتحصل لولا الضوء الأخضر الأميركي على اعتبار أن النظام السعودي هو أبرز حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وتجدر الإشارة إلى أن إعلام الأنظمة «المعتدلة» وخلال رصده للمتغيرات السياسية الجارية حيال الملف السوري، لاحظ أن الوزير كيري لم يطالب الرئيس الأسد «بالرحيل» في اجتماع الدوحة- كما هي العادة- واكتفى بتصريحه المكرر: «الأسد فقد شرعيته»!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن