قضايا وآراء

هل بدأت العودة إلى الطريق المستقيم؟!

د. بسام أبو عبد الله : 

يشهد الملف السوري حراكاً دبلوماسياً لافتاً للانتباه تسارع بشكل واضح إثر الزيارة الأخيرة للسيد وليد المعلم وزير الخارجية إلى موسكو وإعلانه من هناك عن «زمن المعجزات» بالمعايير الروسية، واستعداد سورية للتعاون في مكافحة الإرهاب كبوابة أساسية لكسر الجليد بين الخصوم، والبدء بإعادة بناء الثقة التي قد تحتاج إلى زمن ليس بالقصير.
وإذا تابعنا مسار الحركة الدبلوماسية في المنطقة فسوف نرصد:
1- زيارة غير معلنة لرئيس مكتب الأمن القومي اللواء علي مملوك إلى الرياض، واللقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحضور شخصية روسية أمنية عالية المستوى «جرى الحديث عن هذه الزيارة في الصحافة اللبنانية، والبريطانية وأحد مراكز البحوث القريبة من السي آي إيه – ستراتفور-»..
2- اللقاء الثلاثي الروسي- الأميركي- السعودي في الدوحة، ولقاء أميركي مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، والحديث اللاحق في مؤتمر صحفي أميركي- قطري عن أن لا حل عسكرياً في سورية، وإنما الحل السياسي، إضافة إلى لقاء لافروف مع أحد المعارضين السوريين، ومع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
3- زيارة سريعة لوزير الخارجية السيد وليد المعلم إلى طهران، ووصول ميخائيل بوغدانوف الممثل الشخصي للرئيس بوتين، ونائب وزير الخارجية إلى طهران، والحديث عن مبادرة إيرانية جديدة تقوم على مبادئ أربعة أساسية تشمل: إعلان وقف فوري لإطلاق النار، تشكيل حكومة وحدة وطنية، توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب، إجراء انتخابات بإشراف أممي.. حسبما تسرب لبعض وسائل الإعلام، وقيل إن هذه المبادرة الإيرانية حصلت على قبول العديد من الدول الإقليمية، والاعتقاد أن زيارة وزير الخارجية السوري مرتبطة بهذه المبادرة، وبتنسيق الجهود الدبلوماسية مع الحلفاء (طهران وموسكو)..
4- البوابة الأساسية لهذا النشاط الدبلوماسي هو تنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب الذي تحول إلى خطر حقيقي لا يمكن لأحد أن يغمض عينيه، أو يتجاهله، وخاصة مع سقوط كل أوراق المراهنة على تلميع هذا الفصيل التكفيري، أو ذاك، وعدم القدرة على الاستمرار بالرهان على تحقيق تقدم هنا، أو هناك يُغير المعادلات الاستراتيجية في سورية..
سبق كل هذا الجهد الدبلوماسي رسالة واضحة من الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير أمام رؤساء المنظمات الشعبية، والنقابات المهنية وغرف التجارة، والصناعة، والزراعة، والسياحة، شملت ما يلي:
– لا إمكانية للحديث عن أي حل سياسي دون مكافحة الإرهاب..
– رفض مطلق لأي محاولة تريد الاستثمار في الإرهاب للحصول على مكاسب سياسية في سورية.
– أي حل سياسي، أو مسار سياسي (كما سماه الرئيس الأسد) لابد أن يعزز استقلال سورية، وسيادتها، وأن السوريين لن يكونوا إلا أسياداً في وطنهم، وقرارهم..
– لن توفر سورية أي جهد سياسي تجاه أي مبادرة مهما كانت النيات لأن هدفها هو حقن دماء السوريين التي هي الأسمى، والأغلى..
يبقى السؤال في أذهان السوريين- هل يمكن لنا أن نصافح من غدر بنا، ومن ساهم في قتل أبنائنا، وتدمير وطننا، ونشر الرعب، والتخلف، والفزع، والدمار، وتشريد السوريين في كل مكان؟؟
سأكون صريحاً في هذا الجانب لأشير إلى أن الحرب التي أعلنت على سورية كانت جزءاً من صراع دولي بأدوات إقليمية وداخلية لإعادة رسم الخريطة الإقليمية، والدولية، ولو افترضنا جدلاً أن سورية لم تصمد، ولم تُضح، وتقدم فلذات أكبادها، وتواجه هذا المخطط الإجرامي لما وجدنا نتائج في الحلول، ولا في الملف النووي الإيراني، ولا صعوداً للدور الروسي، ولا تعزيزاً لدور محور المقاومة- والاستقلال في المنطقة، وبالتالي فإن صمود سورية، وتضحياتها الجسام بالتعاون مع حلفائها غيرت المعادلات، وجعلت الجميع يعودون إلى الطريق المستقيم.
إن كل الحروب عبر التاريخ انتهت بتسويات، وحلول سلمية، ومن الطبيعي ألا توفر القيادة السورية أي جهد دبلوماسي، أو سياسي لحقن دماء السوريين، وإعادة الأمن والاستقرار، وأعتقد أن أغلبية السوريين يؤيدون هذا الاتجاه لأنه الأكثر حرصاً، واحتراماً لدماء من ضحوا من أجل أن تبقى، وتحيا سورية (كما قال الرئيس الأسد في خطابه الأخير).
لا يضيرنا كسوريين أن نتحدث إلى أي كان في الغرب، أو الشرق فلقد ثبت بشكل قاطع أننا أصحاب حق، ووجهة نظر صحيحة، وصائبة وأن ما حذرت منه سورية قد تحقق، كما أن من تنطح لشطب سورية عن الخارطة بدأ يتحسس رأسه بعد أربع سنوات، ولهذا فإن دمشق لن تألو جهداً في تحقيق الأمن، والاستقرار، وهي لم تعتد على أحد أو تقتل أحداً، وكانت دائماً داعمة لأي جهد إقليمي يقدم الرفاه والتنمية التي هي حاجة أساسية لكل شعوب المنطقة..
هناك جانب آخر لابد أن أشير إليه، وهو يتعلق بنا كسوريين أكثر مما يتعلق بأي أحد آخر، وهذا الجانب يتمثل بالسؤال الآتي:
هل أخذنا دروساً مستخلصة، وعِبراً مما وقع في بلدنا!!
أعتقد أنه يُفترض بنا أن نكون قد تعلمنا دروساً كثيرة منها:
1- الوطن ليس هوية، وجواز سفر، إنما انتماء لأرضه، وترابه، وتضحية، وفداء دائمان، ولذلك لا يمكن أن يستوي من ضحى، واستشهد وجُرح مع من حزم حقائبه، وغادر، وكأن الوطن فندق للإقامة.
2- لا يجوز الإهمال بالبعدين الاقتصادي، والاجتماعي في التنمية فأي سوء تخطيط، وإدارة، وفساد سيجعلنا ندفع جميعاً فاتورة باهظة، ولهذا فإن قضايا مثل (التعليم، الصحة، الإسكان، الرياضة، الثقافة) هي أعمدة أساسية للأمن الوطني السوري، وليست ملفات تترك بأيدي مسؤولين يأخذوننا تارة نحو الليبرالية، وتارة باتجاه آخر دون وضوح لبوصلة الاتجاه، والمصلحة العامة..
3- الدين حامل أساسي في مجتمعنا، ولكن لابد من إلغاء استخدامه كأداة في السياسة بعد أن تاجر به كثيرون خلال سنوات الحرب على سورية، خاصة أن الدين يجب أن يحافظ، ويدفع البعد الأخلاقي في المجتمع الذي هو أساس لابد منه للتقدم والنماء.
4- الثواب، والعقاب، مبدأ أساسي لابد من اعتماده لتحفيز المجتهد والمبادر، والشجاع، لا أن يتحول الناس كلهم إلى سواسية دون تمييز، ودون معايير، فالإمكانات مختلفة، والطاقات متعددة لدى البشر، والناس…
5- البعد الأخلاقي (الذي سبق لسيادة الرئيس بشار الأسد أن أشار إليه أكثر من مرة) مهم للغاية ذلك أن هناك قضايا كثيرة ترتبط بنا، وبمدى ارتباطنا بمصالح وطننا، وإخلاصنا له، لأنه لا يمكن لأي حليف، أو صديق أنه يكون أكثر حرصاً على وطننا منا، وعندما نبتعد عن الأخلاق فإننا نرتكب أبشع الجرائم، والخطايا بحق وطننا، وشعبنا..
هناك دروس مستخلصة كثيرة غير ما ذكرت، ولكن تعلمنا أن الشعوب تتطور من خلال أثمان تدفعنا قد تكون باهظة أحياناً، ولكنها تدفع باتجاه تدارك الأخطاء، والانطلاق نحو مستقبل أكثر ازدهاراً، وتعلماً من دروس الماضي.. وإذا كان البعض يشكك في هذه النظرة للمستقبل، فإنني أقول إن السوريين يستحقون كل خير فما تحملوه لا يمكن لشعب في العالم أن يتحمله، وبالتالي علينا أن نحرص على بعضنا، ونحب وطننا، كي يعود من ضلوا إلى الطريق المستقيم أيضاً، وساعتئذ ستكون أرواح شهدائنا مرتاحة إلى أن ما ضحت من أجله يتحقق.يشهد الملف السوري حراكاً دبلوماسياً لافتاً للانتباه تسارع بشكل واضح إثر الزيارة الأخيرة للسيد وليد المعلم وزير الخارجية إلى موسكو وإعلانه من هناك عن «زمن المعجزات» بالمعايير الروسية، واستعداد سورية للتعاون في مكافحة الإرهاب كبوابة أساسية لكسر الجليد بين الخصوم، والبدء بإعادة بناء الثقة التي قد تحتاج إلى زمن ليس بالقصير.
وإذا تابعنا مسار الحركة الدبلوماسية في المنطقة فسوف نرصد:
1- زيارة غير معلنة لرئيس مكتب الأمن القومي اللواء علي مملوك إلى الرياض، واللقاء مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحضور شخصية روسية أمنية عالية المستوى «جرى الحديث عن هذه الزيارة في الصحافة اللبنانية، والبريطانية وأحد مراكز البحوث القريبة من السي آي إيه – ستراتفور-»..
2- اللقاء الثلاثي الروسي- الأميركي- السعودي في الدوحة، ولقاء أميركي مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون، والحديث اللاحق في مؤتمر صحفي أميركي- قطري عن أن لا حل عسكرياً في سورية، وإنما الحل السياسي، إضافة إلى لقاء لافروف مع أحد المعارضين السوريين، ومع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
3- زيارة سريعة لوزير الخارجية السيد وليد المعلم إلى طهران، ووصول ميخائيل بوغدانوف الممثل الشخصي للرئيس بوتين، ونائب وزير الخارجية إلى طهران، والحديث عن مبادرة إيرانية جديدة تقوم على مبادئ أربعة أساسية تشمل: إعلان وقف فوري لإطلاق النار، تشكيل حكومة وحدة وطنية، توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب، إجراء انتخابات بإشراف أممي.. حسبما تسرب لبعض وسائل الإعلام، وقيل إن هذه المبادرة الإيرانية حصلت على قبول العديد من الدول الإقليمية، والاعتقاد أن زيارة وزير الخارجية السوري مرتبطة بهذه المبادرة، وبتنسيق الجهود الدبلوماسية مع الحلفاء (طهران وموسكو)..
4- البوابة الأساسية لهذا النشاط الدبلوماسي هو تنسيق الجهود لمحاربة الإرهاب الذي تحول إلى خطر حقيقي لا يمكن لأحد أن يغمض عينيه، أو يتجاهله، وخاصة مع سقوط كل أوراق المراهنة على تلميع هذا الفصيل التكفيري، أو ذاك، وعدم القدرة على الاستمرار بالرهان على تحقيق تقدم هنا، أو هناك يُغير المعادلات الاستراتيجية في سورية..
سبق كل هذا الجهد الدبلوماسي رسالة واضحة من الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير أمام رؤساء المنظمات الشعبية، والنقابات المهنية وغرف التجارة، والصناعة، والزراعة، والسياحة، شملت ما يلي:
– لا إمكانية للحديث عن أي حل سياسي دون مكافحة الإرهاب..
– رفض مطلق لأي محاولة تريد الاستثمار في الإرهاب للحصول على مكاسب سياسية في سورية.
– أي حل سياسي، أو مسار سياسي (كما سماه الرئيس الأسد) لابد أن يعزز استقلال سورية، وسيادتها، وأن السوريين لن يكونوا إلا أسياداً في وطنهم، وقرارهم..
– لن توفر سورية أي جهد سياسي تجاه أي مبادرة مهما كانت النيات لأن هدفها هو حقن دماء السوريين التي هي الأسمى، والأغلى..
يبقى السؤال في أذهان السوريين- هل يمكن لنا أن نصافح من غدر بنا، ومن ساهم في قتل أبنائنا، وتدمير وطننا، ونشر الرعب، والتخلف، والفزع، والدمار، وتشريد السوريين في كل مكان؟؟
سأكون صريحاً في هذا الجانب لأشير إلى أن الحرب التي أعلنت على سورية كانت جزءاً من صراع دولي بأدوات إقليمية وداخلية لإعادة رسم الخريطة الإقليمية، والدولية، ولو افترضنا جدلاً أن سورية لم تصمد، ولم تُضح، وتقدم فلذات أكبادها، وتواجه هذا المخطط الإجرامي لما وجدنا نتائج في الحلول، ولا في الملف النووي الإيراني، ولا صعوداً للدور الروسي، ولا تعزيزاً لدور محور المقاومة- والاستقلال في المنطقة، وبالتالي فإن صمود سورية، وتضحياتها الجسام بالتعاون مع حلفائها غيرت المعادلات، وجعلت الجميع يعودون إلى الطريق المستقيم.
إن كل الحروب عبر التاريخ انتهت بتسويات، وحلول سلمية، ومن الطبيعي ألا توفر القيادة السورية أي جهد دبلوماسي، أو سياسي لحقن دماء السوريين، وإعادة الأمن والاستقرار، وأعتقد أن أغلبية السوريين يؤيدون هذا الاتجاه لأنه الأكثر حرصاً، واحتراماً لدماء من ضحوا من أجل أن تبقى، وتحيا سورية (كما قال الرئيس الأسد في خطابه الأخير).
لا يضيرنا كسوريين أن نتحدث إلى أي كان في الغرب، أو الشرق فلقد ثبت بشكل قاطع أننا أصحاب حق، ووجهة نظر صحيحة، وصائبة وأن ما حذرت منه سورية قد تحقق، كما أن من تنطح لشطب سورية عن الخارطة بدأ يتحسس رأسه بعد أربع سنوات، ولهذا فإن دمشق لن تألو جهداً في تحقيق الأمن، والاستقرار، وهي لم تعتد على أحد أو تقتل أحداً، وكانت دائماً داعمة لأي جهد إقليمي يقدم الرفاه والتنمية التي هي حاجة أساسية لكل شعوب المنطقة..
هناك جانب آخر لابد أن أشير إليه، وهو يتعلق بنا كسوريين أكثر مما يتعلق بأي أحد آخر، وهذا الجانب يتمثل بالسؤال الآتي:
هل أخذنا دروساً مستخلصة، وعِبراً مما وقع في بلدنا!!
أعتقد أنه يُفترض بنا أن نكون قد تعلمنا دروساً كثيرة منها:
1- الوطن ليس هوية، وجواز سفر، إنما انتماء لأرضه، وترابه، وتضحية، وفداء دائمان، ولذلك لا يمكن أن يستوي من ضحى، واستشهد وجُرح مع من حزم حقائبه، وغادر، وكأن الوطن فندق للإقامة.
2- لا يجوز الإهمال بالبعدين الاقتصادي، والاجتماعي في التنمية فأي سوء تخطيط، وإدارة، وفساد سيجعلنا ندفع جميعاً فاتورة باهظة، ولهذا فإن قضايا مثل (التعليم، الصحة، الإسكان، الرياضة، الثقافة) هي أعمدة أساسية للأمن الوطني السوري، وليست ملفات تترك بأيدي مسؤولين يأخذوننا تارة نحو الليبرالية، وتارة باتجاه آخر دون وضوح لبوصلة الاتجاه، والمصلحة العامة..
3- الدين حامل أساسي في مجتمعنا، ولكن لابد من إلغاء استخدامه كأداة في السياسة بعد أن تاجر به كثيرون خلال سنوات الحرب على سورية، خاصة أن الدين يجب أن يحافظ، ويدفع البعد الأخلاقي في المجتمع الذي هو أساس لابد منه للتقدم والنماء.
4- الثواب، والعقاب، مبدأ أساسي لابد من اعتماده لتحفيز المجتهد والمبادر، والشجاع، لا أن يتحول الناس كلهم إلى سواسية دون تمييز، ودون معايير، فالإمكانات مختلفة، والطاقات متعددة لدى البشر، والناس…
5- البعد الأخلاقي (الذي سبق لسيادة الرئيس بشار الأسد أن أشار إليه أكثر من مرة) مهم للغاية ذلك أن هناك قضايا كثيرة ترتبط بنا، وبمدى ارتباطنا بمصالح وطننا، وإخلاصنا له، لأنه لا يمكن لأي حليف، أو صديق أنه يكون أكثر حرصاً على وطننا منا، وعندما نبتعد عن الأخلاق فإننا نرتكب أبشع الجرائم، والخطايا بحق وطننا، وشعبنا..
هناك دروس مستخلصة كثيرة غير ما ذكرت، ولكن تعلمنا أن الشعوب تتطور من خلال أثمان تدفعنا قد تكون باهظة أحياناً، ولكنها تدفع باتجاه تدارك الأخطاء، والانطلاق نحو مستقبل أكثر ازدهاراً، وتعلماً من دروس الماضي.. وإذا كان البعض يشكك في هذه النظرة للمستقبل، فإنني أقول إن السوريين يستحقون كل خير فما تحملوه لا يمكن لشعب في العالم أن يتحمله، وبالتالي علينا أن نحرص على بعضنا، ونحب وطننا، كي يعود من ضلوا إلى الطريق المستقيم أيضاً، وساعتئذ ستكون أرواح شهدائنا مرتاحة إلى أن ما ضحت من أجله يتحقق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن