من دفتر الوطن

العار حتى الثمالة!!

| عبد الفتاح العوض 

ماذا يفعل المنتصر بنصره، وماذا يفعل المهزوم بهزيمته؟! سؤال شاعري بقامة محمود درويش.
كل منا عاش لحظات خسر فيها معاركه سواء منها الصغيرة أم الكبيرة..
أيضاً كثير من الدول في تواريخ فاصلة خسرت معاركها وأعلنت استسلامها.
فماذا يفعل الخاسرون؟!
ثمة مقولة معروفة لابد أنها تتبادر إلى ذهن أي منا عندما يتحدث عن المنتصر والمهزوم.. فحوى المقولة.. المنتصرون يكتبون التاريخ.
أياً كان تفسير هذه المقولة إلا أنها في واقع الأمر تكتسب مصداقية من نوع ما، مصداقيتها من واقعيتها.
ربما الجدال في هذا الموضوع يأخذنا إلى تفسيرات متناقضة لكن في الأصل أن من حق المنتصر أن يفرض شروطه، ومن حقه أيضاً أن يكتب خطوط المستقبل.
الآن من حق سورية أن تتحدث بقوة المنتصر، ويبدو من الوضوح بمكان أن «المنتصر السوري» يتصرف بحكمة وعقل الدولة وليس بأي صيغة أخرى. لأن أطراف الصراع هنا ليست كلها على مستوى واحد من الهزيمة.
فالدول التي خسرت في سورية كانت خساراتها رغم ضخامتها ليس على أرضها وليس بين ناسها.
إن سورية تتصرف بالنصر أو بشائر النصر بطريقة راقية ترقى إلى مستواها كدولة مسؤولة.
لكن الشيء المشين هو تصرف الخاسر!!
إنه يمارس حماقة لا مثيل لها بدلاً من الاعتراف بالهزيمة والتعامل معها، والعودة إلى الحكمة والعقل.
الدول التي هزمت بدأت تتعامل مع الهزيمة كأمر واقع.. تصريحات ترامب بالانسحاب من سورية، حديث السعودية وبالتحديد محمد بن سلمان ببقاء الرئيس الأسد. وغيرها خلال السنوات السبع الفائتة.
هذه الدول أخذت قرارها بالتراجع إلى الوراء، والوقوف على حافة الهزيمة وهي تفكر بأقل الخسائر، وهي تدرس خيارات الهزيمة بالعار أو بالأكثر عاراً.
لكن في جانب المجموعات المسلحة فإنها لم تدرك حتى الآن حجم العار الذي يغطي رؤوسها!!
كان من الممكن أن يصلوا مبكراً إلى نقطة الاعتراف بالهزيمة، لكنهم أصروا أن يصلوا إلى هذا العار حتى «الثمالة».
كما أن البقية منهم الذين لم يركبوا بعد في «الباصات الخضر» ينظرون إلى مصيرهم كما لو كانوا يشاهدون حتفهم، ومع ذلك لا يبادرون للحصول على شرف الاعتراف، وشرف العودة إلى «الوطن» بتوبة نصوح.
أيضاً المعارضة السياسية أسوأ من العار نفسه.. بينما اختبأ البعض وراء الصمت ما زال البعض يتقيأ قذارته كما لو كان لا يدري ما يحدث حوله.
إننا أمام حالة من إنكار الهزيمة بطريقة غبية.. هؤلاء فعلاً يتجرعون العار حتى الثمالة.
وهنا… حيث النصر ماذا يفعل المنتصر بنصره؟
السلوك السوري بالنصر يبدو لائقاً وراقياً، ولعل الإصرار السوري على منح الفرصة تلو الفرصة لإعادة من سار بعيداً إلى رشده هو خير دليل على الإحساس العالي بمسؤولية الدولة.
لكن أفضل ما يمكن أن يفعل المنتصر بنصره هو أن يمنع أي بذرة من بذور الشر من أن تنمو في هذا الوطن.
نمنع تكرار ما حدث ونحمي سورية بشغاف القلب.

أقوال:
• لا يظهر الحلم إلا مع الانتصار، كما لا يظهر العفو إلا مع الاقتدار.
• قضت الحياة أن يكون النصر لمن يحتمل الضربات، لا لمن يضربها.
• إذا انتصرت فليس عليك أن تفسر شيئاً، وإذا خسرت يجب أن تختفي كي لا تحتاج إلا تفسير شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن