قضايا وآراء

ما بين عدوان 1956 وعدوان 2018 على سورية والإفلاس الأخلاقي للمؤسسة الاستعمارية

| قحطان السيوفي

في تاريخ الأمم والشعوب محطات مهمة تتشابه معظم مضامينها، وترجع بعض التباينات بينها إلى الظروف الزمنية المتباعدة، وذلك يذكرنا بالعدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956، واليوم تعرض الشعب والدولة السورية لعدوان ثلاثي أميركي بريطاني فرنسي.
سورية، ومنذ سبع سنوات تواجه حرباً كونية تشنها تنظيمات إرهابية يدعمها الغرب الأميركي الأوروبي وتمولها دول عربية نفطية، وقد استطاعت الدولة السورية الصمود واستعادت الكثير من الأراضي التي كان يحتلها الإرهابيون وآخرها الغوطة الشرقية، وما أقلق مشغلي وممولي التنظيمات الإرهابية التي هُزمت، وفبركوا مسرحية الكيميائي في دوما كذريعة لشن العدوان.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب المعروف بتردده وتهوره في اتخاذ القرارات والذي قالت عنه صحيفة «فاينانشال تايمز» إن اسمه أصبح بمنزلة «شتيمة» في الملاعب الرياضية، وصفه المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيديرالي «إف بي آي» جيمس كومي في مذكراته، بأنه كاذب محترف، ويُخضع المقربين منه لقواعد ولاء تذكر بالأسلوب الذي يعتمده زعماء المافيا.
ويضيف كومي: إن ترامب مهووس بتفاصيل غير لائقة تتعلق بشخصه، ويروي كيف طلب منه التحقيق في معلومات قالت إنه كان بصحبة مومسات روسيات في أحد فنادق موسكو عام 2013، وأضاف: «هذا الرئيس غير أخلاقي، وهو بعيد عن الحقيقة والقيم التي تقوم عليها المؤسسات الأميركية».
ترامب المهزوم في الداخل والذي تلاحقه التحقيقات والفضائح اعتمد مسرحية استخدام الكيميائي في دوما التي فبركتها المخابرات البريطانية ونفذتها «الخوذ البيضاء» المرتبطة بهذه المخابرات، ووجد ترامب فيها وسيلة للهروب من مشاكله الداخلية ليوجه ضربة عسكرية لسورية البلد المستقل العضو في الأمم المتحدة الذي يحارب الإرهاب.
ترامب رئيس أقوى دولة في العالم يتخذ قراراته على وسائل التواصل الاجتماعي وقد كتب بداية تغريدة على تويتر أن صواريخه الذكية ستتجه لضرب سورية وروسيا.
وقد نفذت دول العدوان الثلاثي ضربتها العسكرية عشية وصول خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى دمشق للتحقيق في مزاعم المسرحية الكيميائية في دوما، ومن ثم فإن الضربة العسكرية بنيت على معلومات كاذبة لا تستند إلى أي دليل وهذا ما أكدته وزارة الدفاع الروسية سنداً لمعلومات الخبراء الروس الذين زاروا موقع الحادث المزعوم، وبالتالي يؤكد أن الولايات المتحدة وحلفاءها غير معنيين بنتائج تحقيق خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وأن قرارهم بتنفيذ الضربة العسكرية على سورية متخذ مسبقاً، ما يؤكد التجاهل المُتعمد لإدارة ترامب وحلفائها بريطانيا وفرنسا للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وبذلك تكون إدارة ترامب تستخدم قوتها بأسلوب البلطجة في العلاقات الدولية لزعزعة الاستقرار والأمن في العالم، وهذا يقدم خدمات للإرهابيين الذين تحاربهم الدولة السورية التي استهدفت فجر السبت بالعدوان الأميركي البريطاني الفرنسي.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أدان العدوان على سورية الدولة ذات السيادة العضو في الأمم المتحدة التي تحارب الإرهاب، مؤكداً أن واشنطن وحلفاءها انتهكوا القانون الدولي بمهاجمة سورية، واعتبر العدوان رداً على نجاح الحكومة السورية في هزيمة الإرهابيين وأشار إلى كفاءة منظومة الدفاع الجوي السورية، وأضاف: سندعمها بأجهزة متطورة.
بيان وزارة الدفاع الروسية ذكر أن أنظمة الدفاع الجوية الروسية في حميميم وطرطوس شاركت في التصدي للعدوان وساهمت في إسقاط 71 صاروخاً، العدوان الثلاثي على سورية يؤكد الإفلاس الأخلاقي للمؤسسة السياسية الغربية ممثلة بالإدارة الأميركية وبريطانيا وفرنسا كما أظهرتها الوقائع:
– العدوان يؤكد استهتار دول العدوان بالشرعية الدولية، وانتهاك ميثاق الأمم المتحدة.
– العدوان تم بناء على مزاعم باستخدام الكيميائي في دوما استناداً إلى تقارير نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
– العدوان على سورية وقع عشية وصول مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى دمشق.
– دول العدوان لم تستطع تقديم أي أدلة على استخدام المواد الكيميائية في دوما.
– الإرهابيون في دوما ومُشغلوهم عملوا على فبركة مسرحية استخدام الكيميائي، واستخدموا شهود زور.
– مزاعم استخدام الكيميائي كان ذريعة للعدوان.
– الخبراء الروس في دوما أكدوا عدم وجود أثر لاستخدام الكيميائي.
– العدوان كان لخدمة ولمصلحة التنظيمات الإرهابية في سورية.
– العدوان أضر كثيراً بالعملية السياسية في سورية برعاية الأمم المتحدة.
– دول العدوان تدخلت انتقاما لهزيمة أذرعها الإرهابية في الغوطة.
– الجيش العربي السوري أظهر كفاءة عالية في التصدي لصواريخ الدول المُعتدية.
– العدوان الجريمة أخفق في إضعاف الجيش العربي السوري الذي يواجه الإرهاب.
– سورية وحلفاؤها أسقطوا أهداف العدوان الثلاثي، وأظهر الشعب وقوفه بقوة مع الجيش والدولة السورية.
– العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 الذي نفذته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بعد تأميم قناة السويس أخفق أمام صمود الشعب والجيش المصري ومعه سورية والجماهير العربية يومها، وكان استشهاد الضابط السوري البطل جول جمال تأكيداً للتضامن القومي الأخلاقي لسورية والمواطنين العرب مع مصر الكنانة لإفشال العدوان الذي أدى لأفول الاستعمار القديم.
بالمقابل العدوان الثلاثي اليوم على سورية يقابل بشجب وإدانة من الجماهير العربية لكنه مدعوم من دول عربية عديدة وخاصة الخليجية، ويبدو أن السعودية قد وعدت بدفع التكاليف المالية لدول العدوان وهذا يظهر الإفلاس الأخلاقي للعديد من الأنظمة العربية الداعمة والممولة للإرهاب، أكاذيب ترامب حول استخدام الكيميائي جعلته في ورطة وابتزاز مالي للسعودية، فهو يريد من السعودية الأموال، والسعودية تعمل لاستبدال العدو الإسرائيلي بالعدو الإيراني.
أخيراً العدوان على سورية أخفق حتى في حفظ ما تبقى من ماء وجه ترامب، وهو يمثل فشلاً بل إفلاساً أخلاقياً للمؤسسة السياسية الاستعمارية الغربية ممثلة بإدارة ترامب وبريطانيا وفرنسا وحلفائهم في العالم العربي، وهو هزيمة لدول العدوان وانتصار للدولة السورية الوطنية، كما أنه انتصار لحلفاء سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن