من دفتر الوطن

غير لائق أخلاقياً

| عبد الفتاح العوض 

هذه العبارة مهمة.. وهي شهادة جيمس كومي الذي عمل مع ترامب لفترة معينة وفيها وصف بالغ الدقة لترامب «غير لائق أخلاقياً».
أريد أن أناقش هنا علاقة السياسة بالأخلاق..
الشيء الذي نعرفه أن هذه العلاقة بين السياسة والأخلاق لم تكن جيدة في كثير من الأوقات.
لكننا الآن نشهد أسوأ علاقة بين الأخلاق والسياسة في العلاقات بين الدول.
فيما سبق ولو كان لديك أهداف رخيصة فعلى الأقل ينبغي أن تزينها بشعارات رفيعة.
لكن قيادة أميركا للعالم جعلت العالم أقل أخلاقاً.. ووجود شخصية مثل ترامب «غير لائق أخلاقياً» ساهم بشكل كبير في انحدار العالم الأخلاقي في العمل السياسي.
كاتب مغربي ألف كتاباً حول الأسس الفلسفية لنهاية الأخلاق، ومن الواضح تماماً أن الأخلاقيات على المستوى العام تقل وجوداً وحضوراً في الحياة العامة.
وهذا الانحدار الأخلاقي العالمي يبدو عاماً وشاملاً في كثير من المناحي الحياتية إلا أنه في السياسة يبدو أكثر وضوحاً.
السؤال هنا لماذا الانحدار الأخلاقي السياسي يظهر أكثر من الجوانب الأخرى؟
الإجابة عن هذا السؤال تقتضي منا البحث في مدى ارتباط الأخلاق في حياة البشر.
بين نيتشه وأفلاطون تبدو صورة الإنسان إما غير أخلاقي بطبعه أو الإنسان أخلاقي بفطرته.
نيتشه الذي يرى الإنسان بطبعه أقرب إلى الشر يجد في السلوك العام للبشر عبر التاريخ يؤكده ما نشهده من الجرائم الذي يقترفها البشر بحق البشر.
بينما أفلاطون وسلسلة من الفلاسفة ومن ثم الأديان تعاملت مع الأخلاق على أنها جزء من بنية البشر وفطرتهم.
لكن الواقع أكد أن الاعتماد على أخلاق البشر لا يكفي.. ومن ثم نحن بحاجة إلى قوانين قوية وصارمة وفعالة تمنع الانحدارات الأخلاقية للبشر.
على مستوى المجتمع يمكن للقانون أن يشكل فعلاً الرادع المهم لأي انحدار أخلاقي، ويستطيع القانون أن يضع حداً لكل من كان «غير لائق أخلاقياً».
رغم قناعتي أن الأخلاق تشكل رادعاً فعالاً مع وجود القانون أو غيابه، لكن على مستوى السياسات الدولية فإن هذا القانون غير متوافر، ومن ثم فإن شخصاً مثل «ترامب» غير لائق أخلاقياً يستطيع أن يفسد العمل السياسي بقلة الأخلاق أو حتى بانعدامها.
مع الأسف يمثل الإنسان غير اللائق أخلاقياً نموذجاً قابلاً للتكرار.
فمثل هذا النموذج يستطيع أن يكون رجل أعمال.. ويستطيع أن يكون سياسياً وهو أيضاً يستطيع أن يكون نجماً ونموذجاً لأجيال طامحة وطامعة بكل شيء وبأي طريقة.
ما يثير القلق أن يصبح الإنسان الجديد «غير لائق أخلاقياً».. ومع مرور الوقت تتغير نظرة المجتمع لغير اللائق أخلاقيا شيئاً فشيئاً، ثم يصبح النموذج الناجح في المجتمع.. وإلا فكيف يصل غير اللائقين أخلاقيا لموقع صنع القرار وصنع الحروب.
إذا لاحظت من نجوم المجتمعات ومن الشخصيات التي تحظى بالاهتمام و الإعجاب وتقيس مستوى أخلاقياتها من فنانين ولاعبي كرة وسياسيين ومثقفين فستجد مقياس الأخلاق في وضع لا يسر البتة.

أقوال:
• في عصرنا لا يوجد شيء اسمه بعيد عن السياسة، كل القضايا هي قضايا سياسية.
• لقد توصلت إلى نتيجة، أن السياسة موضوع أخطر بكثير من أن نتركه للسياسيين.
• إذا أردت أن تعرف أخلاق رجل فضع في يده سلطة ثم انظر كيف يتصرّف.
• السبب في أن هناك عدداً قليلاً جداً من الساسة النساء هو أنه من المتعب وضع المكياج على وجهين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن