قضايا وآراء

أحبطنا العدوان الثلاثي لكن المعركة مستمرة

| تحسين الحلبي

الهجوم العدواني الثلاثي الصاروخي ضد سورية انتهى لكن المعركة مستمرة والتحضيرات متواصلة ولا يمكن أن تتوقف من أجل التصدي لأي عدوان، هذا هو عنوان مرحلة ما بعد إحباط هجوم فجر الرابع عشر من نيسان بتقدير معظم المراقبين.
فقد تطرقت مجلة «إكسبريس» البريطانية الإلكترونية إلى عدد من الملاحظات التي تشير إلى أن مرحلة ما بعد العدوان بدأت تظهر ملامحها على شكل «خوف حقيقي من أن يؤدي أي عدوان تهدد به واشنطن ضد سورية إلى اصطدام روسي أميركي وهذا يعني الاستعداد لحرب عالمية ثالثة»، وأضافت «إكسبريس» في 16 نيسان الجاري: إن المواطنين البريطانيين السياح في قبرص بدؤوا يفكرون بمغادرة الجزيرة والعودة إلى بريطانيا خوفاً من صدام عالمي بعد مشاركة بريطانيا بالهجوم على سورية مع الإشارة إلى أن قبرص يقيم فيها 25 ألفاً من البريطانيين، إضافة إلى الآلاف من السياح البريطانيين الذين يتدفقون إليها على مدار السنة، ويتحدث بعض هؤلاء عن الخوف من الرد الروسي المباشر المحتمل إذا ما استأنف الرئيس الأميركي دونالد ترامب القيام بأي عمل عسكري مباشر ما زال يهدد به سورية.
وتحت عنوان «روسيا تكشف عن مخطط لرد كبير ضد الولايات المتحدة»، يرى المحلل السياسي الرئيس في المجلة دان فالفي في 16 نيسان الجاري أن مثل هذا التهديد الروسي يزيد من احتمالات وقوع صدام عالمي بين روسيا وحلفائها من جهة وواشنطن ومن يرغب بمشاركتها في حرب ثالثة من جهة ثانية، فقد أعلنت الحكومة الروسية بموجب ما نشرته المجلة البريطانية: «إنها تقوم بتحضيرات لرد كبير من الولايات المتحدة وأن التوتر بين القوتين العالميتين ما زال يؤدي إلى تدهور العلاقات بينهما»، واستشهدت المجلة بما جرى أثناء إطلاق الصواريخ على أهداف في سورية حين «وجدت الغواصة البريطانية المجهزة بصواريخ «توماهوك» نفسها تحت مياه البحر الأبيض المتوسط وقد كشفتها غواصتان روسيتان وضيقتا عليها هامش المناورة وحالتا دون استخدام الغواصة البريطانية صواريخها خلال الوقت المحدد لإطلاق الصواريخ من دول العدوان الثلاث.
يذكر أن العقوبات التي يهدد فيها ترامب موسكو وطهران بسبب دعمها لسورية سيعقبها رد روسي بعقوبات روسية من أنواع متنوعة وهذا ما يؤكده للمجلة البريطانية ميخائيل كلارك الخبير البريطاني في «الحرب على الإرهاب» حين قال قبل يومين: إنه «يشك بأن يقتصر الرد الروسي على العقوبات أو النشاطات الإلكترونية مثل تعطيل قدرات إلكترونية لبريطانيا وأميركا باستخدام «حروب السايبر» بل هناك احتمال وإن كان ضعيفاً بأن ترد روسيا عسكرياً»، وكان وزير الخارجية البريطانية قد دعا الحكومة إلى اتخاذ الاحتياطات «لصد حرب سايبر من المحتمل أن تشنها روسيا على بريطانيا وتشل مرافق حيوية فيها» وذكر لراديو «بي بي سي» أن العلاقات بدأ يزداد تدهورها بين لندن وموسكو.
ويبدو من الواضح أن تصعيد ترامب لتهديداته ضد سورية وروسيا وإيران سيبلغ الدرجة الحاسمة عندما سيقرر في أيار المقبل بعد أسابيع قليلة على فك ارتباطه بـ« اتفاق فيينا» مع طهران ولذلك يشير المحللون في الولايات المتحدة إلى أن تصعيد عقوباته على موسكو وطهران التي أعلنت عنها المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي تستهدف استنزاف قدرة الردع التي يشكلها التحالف الروسي الإيراني السوري ويبدو أيضاً أن هذا ما أدركته القيادة الصينية التي قررت إجراء مناورات عسكرية قرب تايوان وأكدت أنها تقف إلى جانب روسيا ولن تقبل بالسياسة التصعيدية التي يقودها ترامب في العالم.
يلاحظ الكثيرون في أوروبا أن الحلف الذي يقوده ترامب مع بريطانيا وفرنسا لا يمكن أن يصمد طويلاً في حملة التصعيد التي يريد ترامب فرضها فبريطانيا أعلنت أن الاكتفاء بما وقع في 14 نيسان الجاري سيشكل الرد الأخير، لكن الامتحان الحقيقي لهذا الحلف الثلاثي سيظهر حين يقرر ترامب إلغاء الاتفاق مع طهران حول الموضوع النووي في أيار المقبل فهل ستنضم إليه فرنسا وبريطانيا وألمانيا وهي الدول الثلاث التي وقت عليه وتدعو للمحافظة عليه؟
يبدو أن ترامب يسعى إلى زيادة توريط فرنسا وبريطانيا في حملة التصعيد على موسكو وطهران لكن لندن وباريس ستظلان تضعان حسابات دقيقة تجاه موسكو وقدرة ردعها في أوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن