رياضة

من قصص الدوري الكروي…المدربون الحلقة الأجمل في كرتنا فمن ينصفهم؟

ناصر النجار

في كل موسم لابد أن نتطرق في حديثنا عن الدوري الكروي إلى مسألة مهمة هي بنظرنا مهمة وإستراتيجية لأنها عماد الدوري بل عماد كرة القدم.
هم المدربون الركن الأساس في كرتنا، لم يتغير أي شيء في مضمون الأفكار التي نتناولها في حديثنا عن المدربين، المدرب هو الحلقة الأضعف بنظر إدارات الأندية، وهو الحلقة الأجمل بنظرنا.
لماذا هو الحلقة الأضعف؟ لأنه كما أفادنا أحد رؤساء الأندية، أن تغيير المدرب هو الأسهل، فلا يمكننا تغيير الفريق كله!
وهذه نظرية منطقية بالمطلق، لكن على وجه الخصوص نتساءل: ماذا قدمنا للمدرب لنحميه قبل أن نغيره؟ هو تساؤل منطقي برسم إدارات الأندية.
الخطوة الأولى تبدأ من اختيار المدرب، والثانية منحه كامل الصلاحيات، والثالثة تقديم كل وسائل الدعم المالي والتقني والمعنوي، والرابعة منحه الوقت الكافي ليثبت جدارته من عدمها..
عندما يفشل المدرب بعد كل هذه الخطوات، يمكن تغييره واستبداله.
لكن الواقع غير ذلك، فالتضحيات مطلوبة من المدرب وحده، وفوقها يجب أن يكون توافقياً، أي كل الأطراف راضية عنه من أعلى الهرم لأصغر مشجع.
والمفترض أن نتعامل مع المدرب كقضية إستراتيجية وليس كفرد ضمن مجموعة لاعبين.

العمل الفني
التدريب هو عمل فني بحت، يحتاج لنجاحه إلى عوامل عدة، أهمها: الاستقرار والدعم.
وواقعياً فإن الدوري الكروي مملوء بالأمثلة التي تدعم نظريتنا هذه.
فالأندية التي حافظت على مدربيها حافظت على توازنها واستقرارها وكانت الأفضل من غيرها أداء ونتائج ومستوى، وعلى سبيل المثال فالاستقرار الفني في أندية الجيش والوحدة والشرطة حافظت على وجودها كأفضل الفرق بل وتطورات عن الموسم الماضي بفضل الاستقرار الفني ودليل التطور أن نتائج الجيش والوحدة في بطولة الاتحاد الآسيوي ارتفعت وتحسنت وصارت أفضل من الموسم السابق، وهذا يؤكد أن المدرب بحاجة إلى وقت لتظهر نتائج عمله.
أيضاً استقرار الحالة الفنية في فرق المحافظة والمجد ومصفاة بانياس جعلتها ضمن كوكبة المنافسين، وهذه الفرق دخل بعضها الدور النهائي لدوري هذا الموسم ويبقى منها المحافظة ومصفاة بانياس وهما مؤهلان ليلحقا بالبقية بانتظار نهاية الدوري.

الاضطراب الفني
أندية عريقة وكبيرة ما زالت تتخبط في مسيرتها الكروية بسبب اضطرابها على الصعيد الفني، وكثرة تغيير المدربين والفنيين والقائمين على شؤون الكرة.
ولنا في فريق الاتحاد نموذج، فالفريق يضم كوكبة متميزة من اللاعبين المواهب، لكنها تفتقد الاستقرار الإداري الذي انعكس غيابه على الاستقرار الفني فتوالى المدربون على الفريق منهم الخبير ومنهم غير ذلك.
والنتيجة أن الفريق دفع ضريبة باهظة التكاليف، فهبط الموسم الماضي إلى الدرجة الثانية، ونجا هذا الموسم من الهبوط بقدرة قادر، والشيء ذاته ينطبق على أندية الحرية وتشرين والكرامة وحطين والوثبة.
واليوم يتعرض الطليعة لهذا الداء، فبعد استقراره فنياً في الموسمين الماضيين، داهمه داء الخلاف، ونخشى أن يلتهم بريق إعصار العاصي الذي قدّم لكرتنا عدة مواهب لمنتخبنا الأول والمنتخب الأولمبي.

فوائد
بعد العروض الكثيرة التي انهالت على مدربينا في الفترة الأخيرة فرغت ساحتنا من الكثير من المدربين ولنا في بلاد العرب أكثر من عشرين مدرباً فخلت الساحة للوجوه الجديدة الشابة التي أخذت دورها في هذه المهنة المتعبة، فاكتشفنا أننا نملك قاعدة عريضة وواسعة من المدربين منهم من أثبت وجوده كأنس مخلوف ورأفت محمد وأنس السباعي وعمار الشمالي.
ومنهم من بدأ الطريق من أوسع أبوابه هشام شربيني وفراس معسعس ومحمد خلف ومحمد اليوسف وسيد بيازيد وجومرد موسى وعساف خليفة.
وهناك مدربون ما زالوا في الظل يعملون مساعدين وأمامهم الفرصة ليثبتوا جدارتهم.
وما زلنا نحتفظ بجيل جيد من المدربين الخبراء أمثال: فجر إبراهيم ومهند الفقير ومروان خوري ومحمد العطار وأحمد الشعار وعامر حموية وكيفورك مردكيان وأمين آلاتي وعبد اللطيف حلو وأنس صاري وفاتح ذكي ورفعت شمالي ومحمد دهمان وخالد حوايني ومحمد خير حمدون وأحمد الصالح وغيرهم من المدربين الذين نعتز بهم ونسي قلمنا ذكرهم.

والمطلوب
أمام هذه المعطيات وما فيها من كفاءات وخبرات ومواهب تدريبية شابة، فإننا نطالب بدعم غير محدد لكل مدربينا وعلينا احترامهم وتقدير عملهم والدفاع عن حقوقهم وفي ذلك خطوات:
أولاً: المدربون المواهب يجب العناية بهم وتقديم كل وسائل الدعم الممكنة لهم، وذلك عبر إلحاقهم بدورات خارجية متطورة، كما من المفيد إرسال بعض المدربين إلى فترات تعايش مع المدربين الكبار أو من في حكمهم سواء في المنتخبات أو الأندية، فما المانع مثلاً: من إرسال بعض المدربين إلى أندية عربية وصديقة يتولى تدريبها مدربون لهم سمعتهم وتاريخهم الفني، كل ذلك سينعكس إيجاباً على كرتنا وعلى مدربينا، وإذا قيل لنا: إن المستفيد من ذلك سيكون المدرب على الصعيد الشخصي، فنقول لهم: ما المانع، ويمكن تطبيق القرارات الصادرة بحق كل البعثات الدراسية الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء بحق مدربينا، فمن تعلم وتدرب على نفقة الاتحاد الرياضي عليه أن يقدم ما يقابل ذلك، بالاتفاق وضمن أسس وشروط موضوعة.
ثانياً: حماية المدربين عبر عقود نظامية مصدقة تضمن حقوقهم وتقيهم من عبث العابثين ونحافظ على وجودهم وكرامتهم.
أما أخيراً فإنها نصيحة نوجهها إلى إدارات أنديتنا بضرورة انتقاء كوادرها بعناية ممن ينسجمون مع واقعها وظروفها وأجوائها الحالية، وأن يكون عمل المدرب غير مشروط بموسم أو نتيجة.
إذا كان الخيار صحيحاً فالحصاد سيكون قريباً، إنما يحتاج إلى وقت وصبر، وكل هذا أفضل من عشوائية الانتقاء وفوضويته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن