ثقافة وفن

«يوميات المختار» تعقيب درامي لما يجري حولنا … علي شاهين: شخصية المختار ليست ملكاً لأحد … زهير رمضان: وظفت الشخصية في تقديم رسائل للداخل والخارج

| وائل العدس

بعد تنقله بين عدة محافظات سوريّة، دخل مسلسل «يوميات المختار» مرحلة العمليات الفنية، تحضيراً لعرضه عبر الشاشة الصغيرة خلال الأيام القليلة القادمة، والعمل من تأليف محمود عبد الكريم وإخراج علي شاهين وبطولة النجم زهير رمضان وإنتاج مديرية الإنتاج التلفزيوني في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون.
العمل تعقيب درامي لما يجري حولنا من شؤون اجتماعية واقتصادية ومعيشية، ووصف للحالة المعيشة من خلال شخصية «المختار» التي تقدم بروح كوميدية خاصة تنطق على لسان المختار بالاعتماد على مجموعة من الشروط من خلال الشخصية واللغة الظريفة وعنصري الإمتاع والتشويق لأقصى درجة، وأيضاً الوضوح والإيجاز في الطرح.
المسلسل بعيد تماماً عن مسلسل «ضيعة ضايعة»، بعكس ما قيل عبر بعض المواقع الإلكترونية، كما أن عدد حلقات العمل مئة حلقة، كل منها لا تتجاوز عشر دقائق.

مئة فكرة

بدايةً، نفى مخرج العمل أن يكون مسلسله الجديد مقتبساً من «ضيعة ضايعة»، مؤكداً أنه لا علاقة له بهذا العمل من قريب ولا من بعيد خاصة أن شخصية المختار أسسها أساساً زهير رمضان حسب قوله.
وقال: نتذكر الفنان الراحل نهاد قلعي عندما ابتكر شخصية «غوار الطوشة»، ومن بعده جاء كثيرون وطوروها، ولذلك شخصية المختار ليست ملكاً لأحد ومادام الكاتب باع نصه للشركة المنتجة فقد أصبح ملكها وليست ملكه.
وأبدى شاهين رهانه على أداء رمضان مؤكداً أن الأخير يؤدي شخصياته بطريقة تصل إلى عقول وقلوب الناس بالشكل الصحيح الذي نريده.
وكشف أن المختار بطريقته وبساطته يحكي عن مدينة أوغاريت وما فعله الإرهابيون فيها، ثم يزور كنيسة «أم الزنار» ويتجول في «سوق الحميدية»، وينتقد العديد من الوزارات والسلبيات في المجتمع السوري، وانعكاسات الأزمة على بعض الناس، وخاصة تجار الأزمة.
وأكد أن الحلقات المئة تعرض مئة فكرة، وأن العمل ممكن أن يمتد حتى الألف حلقة، وليس شرطاً أن ينحصر عرضه في شهر رمضان.
وعن إمكانية إيصال رسائل العمل من خلال شخصية واحدة، قال شاهين: أنجزت الكثير من الأعمال، لكنني أعتبر هذا العمل الأكثر تميزاً بسبب روح الجماعة والتعاون الكبير بين أسرته، خاصة أنني أتقبل أي فكرة أو نصيحة وأناقشها مع صاحبها إن كانت تفيد العمل، سعياً لإضفاء جمالية إضافية، مبيناً أن اللغة البصرية تم ابتكارها لتناسب الحبكة والرسالة المراد إيصالها من خلال هذه الشخصية الواحدة.
وعرج شاهين على الحديث عن الإمكانات التي وصفها بالشحيحة، كاشفاً أن المصور مثلاً قبض 150 ألف ليرة سورية فقط، على حين لو أنتج العمل خارج مديرية الإنتاج لقبض عشرة أضعاف هذا المبلغ.
ورأى أن ضعف الإمكانات تقيّد المخرج بكل تأكيد، لكنه قال إنه مؤمن بإرادة اللـه في تسهيل أمور العمل، إضافة إلى حب الفنيين لي وللعمل.
بعيداً عن «يوميات المختار»، أوضح شاهين أنه منذ عامين أنجز مسلسل «تنذكر وما تنعاد» من إنتاج مديرية الإنتاج أيضاً بمشاركة كثير من نجوم الدراما السورية، لكن العمل لم يكلف سوى 18 مليون ليرة سورية ولو أنتجته شركة خاصة لكلف 150 مليوناً، مؤكداً أن النجوم اشتغلوا بأسعار زهيدة بسبب الصداقة القوية التي تجمعني بهم إضافة إلى حبهم للنص وللتلفزيون السوري وللبلد في آن واحد.
وأضاف: قناة «سورية دراما» عرضت العمل في السابعة صباحاً، في وقت يكون معظم الناس نائمين، ولم يتم دعمه ولا الترويج له ولا متابعته، في وقت يتم الترويج لعمل سخيف وتافه أكثر من مرة، علماً أن عملي يحترم عقل المشاهد ويطرح قضايا وأفكاراً على أقل تقدير.
وذكر أن مواعيد العروض في التلفزيون السوري تحكمها المزاجيات الشخصية وأمور أخرى، لكنهم برروا لي توقيت عرض عملي بأن تستطيع دول الخارج متابعته لكني قلت لهم إني لا أريد الخارج بل يهمني الجمهور السوري فقط، وهم مقصرون لدرجة أنهم لم ينشروا العمل على اليوتيوب مثلاً.
وختم حديثه بالقول: تواصلت أنا وزهير رمضان مع السيد الوزير، فأبدى اهتماماً شخصياً لعرضه في وقت مناسب مشكوراً.
تجربة جديدة

بدوره، أكد الممثل النجم زهير رمضان أنه صاحب فكرة العمل أساساً، نافياً ما يتردد من اتهامات عن الاقتباس من «ضيعة ضايعة» على اعتبار أن الشخصيات لاذقانية موجودة من صميم الواقع، وأنه لن يرد حالياً وإنما سيترك الرد للعمل عندما يعرض.
وشدد على أنه تعاطى مع العمل بكل احترام وموضوعية واستأذن جهة الإنتاج إن كان الموسيقار طاهر مامللي أو عقيلة المنتج الراحل أديب خير لاستخدام الكاركتر واللباس ذاتهما، مشيراً إلى أنه ابن اللاذقية وهذا اللباس لم يكن خارجاً عن المألوف وإنما هو لباس الأجداد، مضيفاً: أنا من اخترتُ مواصفات هذه الشخصية وشكلها لأنني ابن هذه البيئة، على حين كاتب ومخرج «ضيعة ضايعة» لم يكونا ابنيها.
وشرح رمضان بعض تفاصيل العمل فذكر: كنا أمام تجربة جديدة عموماً، لأن الفكرة راودتني بداية الحرب، وخاصة أن الإعلام التفت لقضايا كثيرة لكنه لم يلتفت لبعض قضايا الناس، لذلك وظفت شخصية المختار التي أحبها الناس وتعاطوا معها بمحبة ومودة في تقديم رسائل مهمة وتسليط الضوء على بعض النقاط، وتكريس بعض المفاهيم الإيجابية مثل الاستشهاد والغيرية وحب الوطن والانتماء للأرض والتأكيد على الثوابت الوطنية.
ورداً على إمكانية التكرار، أكد رمضان أن الأفكار المطروحة لا يشبه بعضها بعضاً أبداً، قد تكون قريبة منها لكنها معالجة بطريقة مختلفة، اعتمدنا فيها على إمكانيات زهير رمضان كممثل وقدراته في إيصال هذه الأفكار، وكنا حريصين على الاختزال وتكثيف الأفكار وأن نكون صادقين وواقعيين وموضوعيين.
وفيما يتعلق بالأفكار المطروحة بالعمل قال رمضان: منذ بداية الحرب الكونية على سورية، أعتقد أن أهمية الفن ودوره يكمنان في رصد الواقع بشكل حقيقي، وبعدما تعرضت له بلدنا من حرب كونية وافتراءات وكذب ونفاق، كان من واجبنا تسليط الضوء على بعض القضايا وإيضاح الحقائق، حاملين معنا رسائل للداخل والخارج في وقت واحد.
وتابع: هناك دول بأكملها وقفت ضد سورية وافترت عليها وأرسلت إليها أناساً قتلة ومجرمين لتدمير بلدنا وتفتيتها بسبب ثوابتنا الوطنية وموقفنا من القضية الفلسطينية وخاصة أن فلسطين كانت وما زالت بوصلتنا، لأنه إذا سقطت سورية فإن المشروع القومي العربي سيسقط، لذلك توجهت رسائل المختار للدول الداعمة والمنتجة والمحركة للإرهاب، كما جاء هذا المختار ليكون لسان الشارع السوري البسيط الطيب والمنتمي للوطن والمتمسك بثوابته الوطنية والقومية، وما يصدر على لسان هذا المختار ما هي إلا رسائل المواطن إلى الخارج وإلى مواقع القرار في الداخل.
وتابع: هناك تجاوزات وأخطاء وسلبيات وقضايا عالقة ومعوقات، سلطنا الضوء عليها من باب حرصنا على انتمائنا لوطننا وشعبنا وأهلنا وناسنا.
وركز رمضان على الأم السورية العظيمة التي أبدت موقفاً مشرفاً مثلما وقفت سورية بشعبها موقفاً مشرفاً وتصدت للأزمة بطرق مختلفة من خلال إيجاد صيغ وحلول بديلة في ظل الظرف الصعب المادي والحياتي الذي تعيشه الأسرة السورية، فبادرنا من خلال العمل إلى تقدير هذه الأم التي نجحت بعبقريتها وفكرها وانتمائها لهذه الأرض أن تحافظ على أولادها وعائلتها.
وفي الوقت ذاته «يضيف» قدمت سورية بأمهاتها وشبابها وشيبها شهداء وأرواحاً في سبيل تحصين الوطن من الغرب المتصهين ومن الرجعية العربية البالية التي تهدف إلى تشتيت وتفتيت سورية والإساءة لشعبها ولثقافتها وفكرها وانتمائها لهذه الأرض الطيبة.
وأردف: لهذه الأم أقول شكراً على مواقفك وتربيتك لهؤلاء الأبطال المجابهين لهؤلاء المعتدين، وشكراً لأنك استطعت إطعام أولادك حتى يستمروا في الحياة، ولذلك قدمنا أمثلة متميزة في إدارة الأم للأسرة وفي إدارة الموارد الشحيحة، وأنه رغم الحرب صمدت سورية واستمرت بدفع الرواتب للموظفين وبإنارة مناطق يسيطر عليها المسلحون متمسكين بثقافتنا وفكرنا ومؤكدين أصالة البلد وعراقته ومواجهته للفكر التكفيري الظلامي الوهابي بالفكر وليس بالسلاح فقط، لأن القضية كانت قضية فكر قبل أن تكون أي شيء آخر.
وضرب رمضان مثلاً عن إحدى القضايا المطروحة التي تتعلق بالقوى الرديفة من صلب الواقع، قائلاً: هناك شباب تركوا دراستهم وأهلهم وتطوعوا في صفوف الدفاع الوطني ونالوا شرف الشهادة لكن أهاليهم لم ينالوا حتى الآن وثيقة الشهادة، وهذا ظلم ولا يجوز، وقد عرجنا على الموضوع لنطالب مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية ومواقع القرار بالاهتمام بهؤلاء الناس الذين قدموا دماءهم فداء للوطن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن