قضايا وآراء

محاولة لتجنب الهزيمة

| عمار عبد الغني

منذ وصول بعثة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى دمشق للتحقيق في استخدام مزعوم للسلاح الكيميائي في دوما، وتزامناً مع إعلان الغوطة والقلمون الشرقي خاليين من الإرهاب، تشن أميركا وفرنسا وبريطانيا حملة ربما تكون الأعنف منذ بداية الحرب، بدأت بالعدوان الثلاثي الغاشم، مروراً بجلسات مجلس الأمن شبه اليومية، وصولاً إلى محاولة استخدام ورقة الكيميائي التي تهدف بالمجمل لشن عدوان عسكري واسع على سورية، في محاولة لتغيير المعادلة على الأرض جراء انهيار التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة والقبول بتسويات.
لقد وجد محور الحرب نفسه بأن الجلوس إلى طاولة التفاوض السياسي، هو بمثابة التوقيع على هزيمة نكراء تفقده الحصول على أية مكاسب، ليس هذا فحسب، بل إن الأهداف التي كانت سبباً للحرب لم يتحقق أي منها على الأرض، وهذا ما أكدته جملة حقائق يأتي في مقدمتها أن الجيش العربي السوري الذي حاولوا إنهاكه، بات اليوم أكثر قوة وتمرساً في القتال وهو قادر على التعامل مع المواقف العسكرية مهما كان حجم الهجمة، وهذا بدا واضحاً إبان العدوان، حيث أسقطت دفاعاتنا الجوية معظم الصواريخ.
واتضح المشهد أمام الرأي العام العالمي بأن كل ما يحدث في سورية هو مؤامرة كبرى هدفها تدمير سورية وقتل شعبها وهذا ما جعل شعوب العالم تتحرك تضامناً مع سورية حتى في قلب أميركا.
كان لافتاً حجم الإدانة العربية والدولية للعدوان والإشادة بكفاءة الجيش العربي السوري في صد العدوان، ما يعني أن الحرب فشلت في تحقيق أية مكاسب، حيث كان يحلم المحور الغربي وأتباعه في الخليج أن تؤدي الحرب إلى تقسيم سورية إلى كانتونات صغيرة متقاتلة فيما بينها لعقود قادمة، إلا أن ما جرى على مدار سبع سنوات هو عودة تدريجية لكل السوريين إلى سوريتهم، وهذا ما لمسناه خلال معركة الغوطة وبعدها، وشهادات الأهالي التي تؤكد أنهم كانوا مجبرين على السير مع المخطط التدميري وما أن لاحت لهم الفرصة حتى كانوا أول من لفظ الإرهاب وأعلنوا المضي قدماً في عملية إعادة إعمار ما دمره الإرهابيون.
إن الأدوات الإرهابية المرتزقة فشلت فشلاً ذريعاً في تنفيذ الأجندة المرسومة وأن أموال أمراء النفط لم تعد كافية لمواجهة شعب عروبي عريق لم يعرف في تاريخه للاستقلال والكرامة بديلاً، ولعل خروج الشعب السوري إلى الشوارع أثبت أنه أكبر من حجم المؤامرة وأعظم من واضعيها ودعاتها، وأنه يطور أدواته في كل مرحلة، وهو في الطريق لصنع تاريخ جديد لبلده في المنطقة، كما تبين أن سنوات الحرب المفروضة على سورية لم تكسر إرادته وتصميمه في القضاء على إرهابهم وتحقيق مستقبله السياسي بنفسه ودون تدخل خارجي من أحد.
إن العدوان فشل فشلاً ذريعاً وكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن قدرة أميركا وحلفائها على التأثير في المشهد السوري بات لا يذكر ولن يطول الوقت حتى يأمر الرئيس الأميركي بسحب قواته من سورية حفظاً لماء الوجه، وعلى أنظمة الخليج أن تستعد لاستقبال ما تبقى من إرهابييها لاستكمال مشروعهم في بلد المنشأ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن