رياضة

في الرياضة حياة

مالك حمود : 

بيد تحمل طفلها الرضيع، وبيد تلعب! هذه هي ابنة سورية.
في نهائيات كرة اليد السورية لفئة السيدات كان المشهد الأغرب والأروع، أم تنزوي في إحدى جنبات صالة الفيحاء كي ترضع طفلها ابن الشهر لا أكثر، وما هي إلا دقائق حتى أعطت صغيرها إلى إدارية الفريق كي تنزل إلى أرض الملعب وتخوض مباراة حاسمة في نهائيات البطولة، وتملأ الملعب حيوية ونشاطاً، وتشبع مرمى الفريق المنافس أهدافاً.
يا لها من حالة فريدة في ملاعب الرياضة بشكل عام والرياضة السورية بشكل خاص!
ترى ما الذي يدفع بهذه الأنثى كي تترك فلذة كبدها على كرسي التبديل، وتقدم في ملعب الرياضة الأداء القوي والفن الجميل؟ إنه العشق الرياضي، عشق يتغلغل في الشرايين، ويربط صاحبه بالرياضة بمنتهى الحب والإخلاص والحنين.
ويسألونك كيف حافظت الرياضة السورية على كيانها وقوامها ومسابقاتها في الظروف الأصعب؟
عندما تجد في الوطن أمثال أولئك المخلصين له ولرياضته، يقطعون المسافات ويتنقلون بين المحافظات ويتحملون مشقة السفر وأعباءه تاركين أسرهم كي يساهموا في الحفاظ على رياضة الوطن، ويشاركوا في تثبيت وتدعيم بنيانها، فلا خوف على الوطن ورياضته، ولا قلق على مستقبل الرياضة بوجود بطلات كهذه.
رياضيات حقيقيات وبجهودهن الجبارة وإخلاصهن وإيمانهن بأهمية الرياضة في بناء المجتمع نتجاوز الأزمات ونصنع المستحيلات ونعزز الآمال بالقادم من الأجيال، أجيال ترضع حب الرياضة في ملعبها، وتفتح عيونها على ملاعب الرياضة والحياة، وستكون حكمتها التي سوف تتربى عليها، في الرياضة حياة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن