قضايا وآراء

العرب في عصر اليأس

| نبيل الملاح

بداية أستطيع أن أطلق على عصرنا الحالي أنه «عصر اليأس» بعد أن وصل العالم كله إلى طريق مسدود في جميع المجالات السياسية والإنسانية والاقتصادية والعسكرية، وبات مستقبل العالم كله في مهب الريح، وبدأت نذر حرب عالمية ثالثة تلوح في الأفق وتزداد يوماً بعد يوم.
لقد فشل المجتمع الدولي في حل النزاعات القائمة في كل أنحاء العالم، واكتفى بالعمل على إدارتها فقط، وسقطت المواثيق والعهود الدولية وأصبحت حبراً على ورق، وأصبحت شريعة الغاب هي السائدة في العالم ترسمها القوى العظمى وفقاً لمصالحها ورغباتها بعيداً عن مبادئ الحق والعدل، فأصبحت المصالح هي التي تحكم السياسة بعيداً عن القيم والمبادئ الأخلاقية، وبذلك سقط العالم كله في مستنقع قذر تديره الصهيونية العالمية وإطارها التنظيمي العالمي «الماسونية» التي تسعى إلى إشاعة الفوضى في العالم وتعميم الفساد بأشكاله كافة.
كانت منطقة الشرق الأوسط والدول العربية الهدف الأول في المشروع الصهيوني لكون الكيان الإسرائيلي يقع ضمنها، ولكونها مهد الرسالات السماوية، وإليها ستكون عودة السيد المسيح كما يعتقدون.
فأصبحت دول المنطقة مشتعلة بالمواجهات المسلحة والصراعات السياسية والطائفية والمذهبية، ووقعت في فخ المؤامرة، وبرزت مشاريع أخرى التقت مع المشروع الصهيوني والمخططات الاستعمارية الغربية في محاربة العروبة والسعي لطمس الهوية العربية بعد أن تم إجهاض المشروع القومي العربي.
أدى الواقع العربي المزري في العقود الأخيرة، وفي ظل ما سمي بالنظام العالمي الجديد، إلى ترسيخ حالة اليأس والإحباط لدى الجماهير العربية، وزاد في ذلك تراجع الأوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتلاشي الطبقة المتوسطة، التي كانت الرافعة الأساسية للحياة السياسية في مختلف البلدان العربية، ولم تتمكن أنظمة الحكم من تدارك السلبيات والأخطاء التي كانت تتراكم وتكبر يوماً بعد يوم، وتجاهلت النداءات والمناشدات التي صدرت عن الكتاب والمفكرين ورجال الدولة الشرفاء، وتركت المجال واسعاً للمنافقين والانتهازيين الذين هم في حقيقتهم فاسدون ومفسدون أضروا بالمصالح الوطنية العليا وما زالوا يستغلون الأزمات في المنطقة لتحقيق مكاسب إضافية على حساب معيشة الناس وقوتهم.
إن هذا الواقع المرير الذي تعيشه الأمة العربية في دولها المختلفة، يجعلنا في حال يأس وفقدان الأمل في المستقبل الذي تبدو ملامحه مظلمة، ما لم تصح الشعوب من سباتها وتهب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالمتكالبون على العرب كثر.
إننا في لحظة فاصلة يتحدد فيها مصير هويتنا العربية، بل الوجود العربي برمته، في عالم مختل وفاقد للشرعية والمصداقية، وعلينا أن ندرك أنه لا أحد في العالم سيساعدنا للحفاظ على ووجودنا وكياننا العربي.
على الحكام قبل المحكومين تغليب مصالح أوطانهم على مصالحهم الشخصية والخاصة، التي هي في الحقيقة آنية وزائلة، وعليهم أن يدركوا أن المحافظة على الأوطان والهوية العربية هي السبيل الوحيد للمحافظة على وجودهم أفراداً وجماعات.
والتاريخ لن يرحم من قصر في خدمة شعبه ووطنه، وكذلك سيلعن هؤلاء المنافقين والانتهازيين الذين ينطق لسانهم بغير الحق وأنا من المؤمنين بأن الله عز وجل يمهل ولا يهمل، وأن الحساب لا بد أن يكون في الدنيا قبل الآخرة.
فلنعد إلى عقولنا ونحررها، وإلى قيمنا ومبادئنا العربية الأصيلة التي جعلت منا سادة في العالم عندما تمسكنا بها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن