الأولى

عندما يغرس المقاتل قدميه في أرض الشام

| عمار بدوي

غرس الزميل المصور الحربي والمقاتل وسيم عيسى، قدميه في ثرى الشام منتصراً أثناء تغطيته لتقدم الجيش العربي السوري في جنوب دمشق، ليست المرة الأولى التي يروي فيها وسيم بدمه بقعة أرض من الشام، فمعارك أسوار العاصمة ومحيطها وصولاً لغوطتها تشهد على ذلك.
رسم وسيم لمحبيه ورفاق السلاح بسمة الأمل بأخبار النصر عبر توثيقياته المرئية بعدسته، ومن عرفه شخصياً وعمل معه، كان ينتظر منه بثقة أخبار النصر.
لم يهب وسيم الموت في الميدان منذ بداية الحرب، ولم تنل من عزيمته الإصابة تلو الأخرى، بل كانت تزيده صبراً وشجاعة ما يكفي لإكمال طريقه.
لم يعرف عن وسيم غير الأخلاق الطيبة والجد في العمل حتى إنه عاد لعمله بعد أقل من يومين من آخر إصابة تعرضنا لها سويةً في دوما، رغم بقاء شظايا قذيفة الغدر في جسده.
لم يتعب يوماً من ممارسة شغفه بتصوير الحياة وجباه رفاق السلاح ونيران فوهات الدبابات في وجه الإرهابيين، ولم تمنعه ظروف المعركة أمس من أن يصعد على ظهر الدبابة ليثبت كمرته ويوثق تدمير تحصينات الإرهابيين.
قال لي مرة «أشعر أني سأصاب بقذيفة هاون»، ولم يدرك عندما صعد على ظهر الدبابة أمس أن إحساسه قد اقترب، فما لبث أن ثبت الكاميرا على الدبابة ولامس الأرض حتى أصابته قذيفة الغدر.
بكى على جراحه من عرفه ومن لم يعرفه، فقد زرع قدميه في تراب الشام لينتصر ويعود ليقف ويكمل الطريق الذي كان يسعى إليه وهو إيصال بطولات وانتصارات وملامح الرجولة لتشكل صورة في قلب كل سوري.
ما هي إلا استراحة محارب وسيعود وسيم إلينا ببسمته وعمله وبالقرب من رفاقه، سيعود ليكون مثالاً للصمود وبسالة الجندي المقاتل الذي لا تضعفه الصعاب، وسيشهد التاريخ أنه لطالما كان مصدر أمل وثقة وقوة لكل مصابٍ روى بدمه أرض سورية الحبيبة، وسيعود لتكون عينه على جرحى الوطن وعلى الجندي المقاتل في الجبهات ليوصل للعالم أجمع الصورة الحقيقية للجيش العربي السوري الذي يدفع الغالي والثمين فداءً لرفعة سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن