ثقافة وفن

التكوين من الأسطورة إلى الخلق الثنائي … عدنان إسمندر لـ«الوطن»: الأمور التي طرحتها تجمع بين الدين والعلم والفلسفة

| سوسن صيداوي

نحن الآن في رحلة من أعماق التاريخ الإنساني في بحث تنقيبي وتسجيلي للملاحظات والاستفهامات التي تبدأ من عصر الإنسان الأول، عن شكله هل كان أقرب إلى القرود -حسب نظرية دارون- ومن ثم تطور فيما بعد عبر آلاف وربما ملايين السنين؟ كيف كان يعيش؟ كيف تطورت لغته؟ كيف نظر إلى الطبيعة وقواها المدمرة؟ كيف نظر إلى السماء والنجوم؟ كيف عبد الشمس والقمر والكواكب؟ كيف عَبد الأصنام؟ كيف خلق الله أو الآلهة هذا الكون ومما كان؟ إضافة إلى أسئلة كثيرة طرحها المؤلف عدنان إسمندر في بحثه الجديد، كتاب «التكوين من الأسطورة إلى الخلق الثنائي» عابراً الأساطير والخرافات في العصور البابلية والسومرية والفينيقية، متوقفاً عند رؤية كثيرة باتت اليوم أكثر وضوحاً، إضافة إلى عدد من المسائل التي تتعلق بالخلق والتكوين وتعدد الآلهة وصراعاتها، وعن وجود آدم وحواء والطوفان، وعن مفهوم الجنة والنار لدى تلك الشعوب وصولاً إلى الديانات السماوية وغير السماوية. متابعاً الرحلة في بلاد الهند والصين وإيران واليونان متوقفاً عند الهندوسية والبوذية والكنفوشية والطاوية والزردشتية عرضاً وتحليلاً ومقارنة. تجدر الإِشارة إلى أن الكتاب صادر عن دار دلمون الجديدة وهو من القطع الكبير في واقع 568 صفحة.
في الكتاب

تحدث الباحث عن الحقب التاريخية والبلاد التي شملها موضوع البحث، مشيراً إلى أنه تطرق إلى بلاد اليونان حيث كانت القفزة نوعية في الفكر الفلسفي لدى أفلاطون وأرسطو، محاولاً الربط بين كل تلك الفلسفات القديمة والقرآن، على حين في الفلسفة الإسلامية قد اصطفى بعض رموزها شرحاً، مركزاً الكاتب إسمندر بأنه لمس تشابهاً كبيراً بين الديانات السماوية والديانات الأخرى، فعلى سبيل المثال في الديانات غير الوثنية وعلى التحديد هناك في الزردشتية وضُوء وكذلك أوقات خمسة للصلاة كما هي الحال عند المسلمين، وهناك أيضاً فكرة الثنائية في الخلق التي تكاد تكون واحدة لدى كل الأديان.
هذا وأيضاً توقف الباحث مطولاً عند الفلسفة الماركسية محدداً الأهداف الرئيسة في بحثه في هذا المفصل على الشكل التالي:
أولاً: لفت الانتباه إلى أن هناك رسلاً وموحدين لم يذكرهم القرآن، وأنه أشار إليهم عندما خاطب النبي الكريم في آياته. إذاً هناك رسل في الصين والهند واليابان واليونان وغيرها.
ثانياً: لفت نظر الدارسين وعلماء الدين إلى أن الحياة لم تبدأ بآدم الذي ما زلنا نحن في عصره ولا يفصلنا عنه سوى سبعة آلاف عام ونيف، بل هناك عشرات ممن يطلق عليهم اسم آدم لأن وجود الإنسان على الأرض يتجاوز أربعة ملايين عام.
ثالثاً: فسر التغيير الجذري الذي يحصل على الأرض عند القيامة الكبرى وعندها تنتهي حقبة الحضارة الإنسانية على الأرض ومن ثم تعود الحياة البدائية من الصفر مع النشأة الجديدة.
رابعاً: الإجابة عن أسئلة ثلاثة كان طرحها الفيلسوف هنري برجسون: من أين جئنا؟ ماذا تفعل؟ وأين النهاية؟
خامساً: إن من يطلق عليهم المؤمنون هم في كل مكان من هذا العالم ولا يجوز حصرهم بدين واحد ولا بأمة واحدة ولا بمذهب واحد بل هم في كل الديانات السماوية وغير السماوية.
سادساً: إن الحياة الفردية للإنسان ليست مرة واحدة بل هي حيوات متعددة تحقيقاً للعدل الإلهي، لأن الامتحان يشمل كل الأرواح دون استثناء.

للكاتب رأي
في تصريح خاص لـ«الوطن» تحدث الكاتب عدنان إسمندر عن كتابه الذي قام بتوقيعه في مكتبة الأسد في دمشق، بأن فكرة الكتاب خطرت بباله منذ عشرين عاما تقريباً، وكان بدأ بالعمل عليها منذ عام 2006، مضيفاً: استغرق العمل مني على بحثي حوالى أربع سنوات حتى عام2010. وما سيلفت انتباه القارئ بأن الكتاب يجمع الحديث عن ثلاثة أمور تجمع بين الدين والعلم والفلسفة. حيث بدأت الدراسة من عمق التاريخ، وتحديداً من الشعوب التي كانت قبل التاريخ، مروراً بالعديد من الحضارات، كما طرحت فكرة الخلق في القرآن، واكتشفت أن هناك تشابهاً في موضوع الخلق، وكتبت في البحث بأن أصحاب الديانات المتنوعة لمست فيهم ملامح الأنبياء. خاتماً الباحث حديثه بأنه قد انتهى من مؤلف جديد في واقع مئة وخمسين صفحة تقريباً، يتحدث خلاله عن الفكر التكفيري والوهابي الذي انتشر في الأزمة مع توضيح أسبابه وتأثيراته وتداعياته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن