سورية

لافروف يرد بحسم على «الجبير»: القول بإسقاط الأسد عسكرياً يشكل عدواناً

تحسين الحلبي :

إذا كانت السياسة الخارجية السعودية هي التي ظهرت واضحة من أجوبة وزير خارجيتها (الجبير) فإن كل ما جاء في أجوبته يدل على أن المملكة أصبحت تشكل خطراً يوازي أخطار جميع المعادين لمستقبل الأمة العربية في المنطقة وخصوصاً جميع الأطراف التي تدعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه، فقد قال الجبير في إجابته حول سورية حرفياً: إنه «يخالف موقف روسيا في أن يحدد السوريون رئيسهم» وكان يرد على لافروف الذي قال: «إن موضوع الرئيس الأسد يحدده شعب سورية وليس أي طرف آخر».
إذاً، هذا يعني أن (الجبير) يقول للسوريين إنه ليس هم من يحددون مصيرهم وليس هم من يحددون من ينتخبونه رئيساً لهم؟ بل هو الذي يحدد لهم ويفرض عليهم من ينتخبونه، وكأنه يقول للافروف إن السعودية ستشن حرباً مباشرة على سورية وستواصل دعم الإرهابيين وتسليحهم للانتصار على الأسد حليفكم الذي ترسلون له السلاح لكي ينتصر، والذي تدافعون عن وجوده والتحالف معه ضد أعدائه الإرهابيين وحلفائهم؟ لقد كان (الجبير) مرتبكاً جداً حين رد عليه لافروف بأن مثل هذا الموقف يعني الحرب على سورية وتغيير رئيسها بالقوة العسكرية، وهما موقفان لا تندد بهما روسيا فحسب بل كل دول العالم ولا تجرؤ حتى الولايات المتحدة على ارتكاب خطيئة كهذه وتعلن أنها ستشن حرباً مباشرة على سورية لإسقاط رئيسها بقوة الاحتلال. والملاحظ أن المؤتمر الصحفي الذي تحدث به (الجبير) لم يذكر فيه إسرائيل أو الشعب الفلسطيني إلا بخمس مفردات، في حين تحدث ضد الرئيس الأسد بأكثر من خمسين كلمة وهو يعرف أن سورية ورئيسها وجيشها يجابهون 80 دولة تدعم الإرهاب عليها بسبب موقف سورية من فلسطين وبسبب دعمها للمقاومة ضد إسرائيل، وظهر أن الجبير لم يكن يدرك ما يقوله حين أعلن «أن الرئيس الأسد إذا لم يقبل بالتنحي سلمياً فإنهم (أي السعودية وحلفاءها الإرهابيين) سيسقطونه عسكرياً».
وهذه العبارات لم يعرف أبعادها فسارع لافروف وزير الخارجية الروسي قائلاً له: «نكرر أن الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره ويختار رئيسه وأن القول بإسقاط الأسد عسكرياً يشكل عدواناً» أي احتلال ضد دولة وشعب آخر. ولاحظ كل متتبع للمؤتمر الصحفي أن لافروف كان ممتعضاً جداً من العبارات التي استخدمها الجبير حين كان يتطرق إلى سورية إلى حد أنه كان عابساً طوال مدة المؤتمر الصحفي بل إنه حين رد على (الجبير) دفاعاً عن موقف روسيا الذي يدعم سورية وذكر اسمه تجنب الالتفات إليه ثم أعلن انتهاء المؤتمر الصحفي، فلاحظ الجبير ما يعنيه لافروف فتقدم برجاء لكي يسمح له بعبارات قليلة لم تضف شيئاً جديداً.
لكن اللافت في كل هذا المؤتمر هو أن (الجبير) لم يكن يدرك أنه يوجه حديثه لروسيا الحليف الإستراتيجي لسورية والذي يدعمها بالسلاح وكل أسباب الصمود والانتصار على جميع الأعداء الإرهابيين وحلفائهم، ورغم ذلك سمح الجبير لنفسه بارتكاب خطيئة هائلة لم يدر أبعادها حين قال: إنه «سيسقط الأسد عسكرياً إذا لم يتنح سلمياً».
وفي النهاية جرّ الجبير أذيال هزيمته أمام الجميع في مؤتمره الصحفي وكانت الدبلوماسية الروسية قوية في مضمون رسالتها له وفي أجوبة لافروف وزير الخارجية وقوية في تمسكها أمام الجميع بموقفها الداعم لسورية وقيادتها وشعبها وهذا ما يلحق الهزيمة بالسياسة السعودية التي إن لم تستخلص العبر فإنها ستتحول إلى الدولة الأكثر عداء لمستقبل الأمة العربية والأكثر تفريطاً بقضية العرب المركزية فلسطين لأن كل عربي استمع لما قاله (الجبير) سيقول يا ليته يهدد إسرائيل التي تحرق العائلات الفلسطينية وتغتصب وتهود القدس وكل فلسطين أمام أعين السعوديين جميعاً فالجبير يريد تسخير أموال السعودية لمصلحة كل أعداء الأمة العربية وفي مقدمهم الولايات المتحدة وإسرائيل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن