رياضة

المجموعة الثانية.. طامحان وجاران مرشحان للقب

| محمود قرقورا

يمكن القول إن المجموعة الثانية للمونديال القادم الأقوى ولو أننا اتفقنا سابقاً على غياب المجموعة الحديدية، وصدام البرتغال مع إسبانيا له أبعاد حيث يلتقي رونالدو زملاءه في مدريد طالباً الثأر من الخسارة في مونديال 2010 والبرتغال أساساً تنتظر الثأر من أسود الأطلسي الذين قهروهم في مونديال 1986 ولا خلاف أن الغول الإيراني يهدف لكتابة التاريخ من خلال التأهل للدور الثاني للمرة الأولى في المحاولة الخامسة.
كريستيانو عينه على إنجاز تاريخي يجبر النقاد على وضعه في مصاف العظماء الموندياليين وهو الذي سطر الإنجاز تلو الإنجاز مع ملكي مدريد، وكلنا أمل أن يكون الظهور المغربي مشرفاً كما درجت العادة مع استثناء مونديال 1994 ومع فرسان المجموعة نبحر.

البرتغال
البحث عن وداع مثالي لأسطورة ماديرا
انتظرت البرتغال ثامن نسخ المونديال لترى منتخبها مشاركاً في إنكلترا وحلّ ثالثاً، وبعد عشرين عاماً استعادت مشهد الحضور لكنه غادر من الباب الخلفي، ومنذ 2002 داوم على المشاركة إلا أن برونزية أوزيبيو ورفاقه لم تتكرر رغم كم الأسماء الرفيعة التي احتوتها التشكيلات المتلاحقة، وهاهم يعودون بشكل مغاير عقب تتويجهم بأمم أوروبا 2016.
شكلت البرتغال طوال عصور سبقت القرن الـ20 قوة استعمارية إلا أنها أرغمت كما غيرها على الخضوع للبحارة والتجار الإنكليز في اللعبة عندما تعرف شبابها على قطعة الجلد المدور عن طريقهم، وهي الواقعة على حدود الأطلسي في ممر البحارة البريطانيين، وتأسس عدد من الأندية التي انبثق منها المنتخب الوطني وقد ظهر للمرة الأولى عقب الحرب العالمية الأولى، ولم يكن غريباً مشاركتها في التصفيات المونديالية للنسخة الثانية 1934 ولم تقوَ على مقارعة جارتها إسبانيا فخسرت بقسوة، ثم خسرت في تصفيات 1938 أمام سويسرا بشكل أقل وطأة، وعادت لتنهزم أمام جارتها في الطريق إلى البرازيل 1950، وفي 1954 فشلت أمام النمسا، وتكرر المشهد في 1958 في المجموعة الثامنة، ويحسب لها أنها كانت سبباً بخروج إيطاليا بعدما تبادلتا الفوز، وقادتها القرعة لمواجهة إنكلترا في تصفيات 1962، وقد نجحت بالتعادل معها لكنها خسرت مواجهة العودة فكان السقوط مجدداً في خضم فورة بنفيكا أوروبا 1961 و1962.

بين الكبار
استطاع جيل الستينيات بقيادة أوزيبيو ذي الأصول الموزامبيقية وعدد من نجوم بنفيكا الخالدين بلوغ نهائيات 1966، وهناك تجاوز الدور الأول متصدراً مبعداً البطل البرازيلي بالتغلب عليه 3/1، ليلاقي الكوري الشمالي المفاجأة الأخرى وفي مباراة للذكرى سجل البرتغاليون عودة كبيرة بعد التأخر بثلاثية نظيفة، ولسوء الحظ اصطدموا بأصحاب الأرض ليخسروا 1/2 مكتفين بالمركز الثالث عقب الفوز على السوفييت وتتويج أوزيبيو هدافاً بتسعة أهداف، ولم تستمر فرحة الإنجاز، فقد أخفق الفريق بالعودة إلى المونديال حتى المكسيك 1986 ووقتها لم يقوَ باولو فوتري وزملاؤه على تجاوز الدور الأول رغم فوزهم في المباراة الأولى على الإنكليز بهدف وبلوغهم نصف نهائي يورو 84 بمشاركتهم الأولى، وجاء تتويج شباب البرتغال في مونديالي 1989 و1991 ليكون حافزاً مهماً للكرة البرتغالية التي عادت إلى المحفل القاري 1996 والعالمي 2002، ومنذ ذلك الوقت كان السيلكسيون يدخل كل بطولة مرشحاً للمنافسة، لكنه أهدر الفرص تباعاً وخاصة عندما خسر نهائي يورو 2004 بأرضه وفي مونديال 2006 خسر نصف النهائي أمام فرنسا قبل أن يقنع بالمركز الرابع، أما النتائج الأسوأ فقد حدثت في مونديال 2014 عندما سقط من الدور الأول أمام الأميركان والألمان.

اللحظة الأخيرة
لم يكن العالم ليتوقع غياب رونالدو عن مونديال روسيا بعدما سطر ورفاقه أول إنجاز في تاريخ الكرة البرتغالية قبل أقل من عامين، وعلى الرغم من أن الدانمارك فعلتها وفشلت ببلوغ مونديال أميركا وكان مرتزقتها أبطالاً للقارة 1992 إلا أنه في اللحظة المناسبة انقض السيلكسيون على خصمه السويسري بملعب النور وفاز بهدفين منتزعاً صدارة المجموعة الثانية بفارق الأهداف، وكان بطل القارة بدأ التصفيات من بازل بخسارة مماثلة ليعيش أنصار الفريق مدة 13 شهراً هاجس الغياب، وكما هو متوقع بين اللقاءين فعل لاعبو المدرب فرناندو سانتوس ما عليهم فحققوا 8 انتصارات كاملة مسجلين 24 هدفاً بمعدل 3 أهداف في المباراة ومنها 15 هدفاً لرونالدو، وكلهم يقين بأن فارق الأهداف قد يضعهم في روسيا في حال ثأرهم من السويسري، وهذا ما حدث.

الطوربيد وأعوانه
يصل المنتخب البرتغالي روسيا بمجموعة من الرموز الذين كتبوا سطوراً خلال الألفية الثالثة، وستكون مشاركتهم الأخيرة نظرياً بعدما قاربوا سن الاعتزال، وعلى رأسهم صاروخ ماديرا كريستيانو الذي أتم الـ33 مطلع العام الحالي، وهو الهداف التاريخي لبلاده والعميد، وسيظل رقمه طويلاً بمنأى عن التحطيم، والباحث عن مجد آخر يختم به مسيرته العطرة في الملاعب.
ولا يقتصر الأمر على الدون فهناك ناني وكواريزما وموتينيو وبرونو ألفيس وبيبي، وكلهم على أبواب مغادرة الملاعب، وربما بعضهم لن يكون في المونديال، ويعتمد المدرب سانتوس حارسه روي باتريسيو أحد أهم أبطال اليورو، ومن الشباب أو الأقل سناً هناك سميدو وأندريه غوميز وبرناردو سيلفا وأندريه سيلفا وغيلسون مارتينس وكونسيلو غويدس وريناتو سانشيز، ومن ورائهم ويليام كارفاليو وجواو ماريو، ومن الأسماء التي قد نراها بروما وريكاردو بيريرا وكوينتراو وبيزي وجواو كانسلو.
قد يكون صعباً رؤية كتيبة داس كيناس على القمة العالمية رغم أن بطل أوروبا يكون عادة مرشحاً للقب لكن من يدري.. فقد خطف البرتغاليون كأس أوروبا على الطريقة الإيطالية، واستحقوا لقب السلحفاة التي سبقت الجميع فهل يفعلونها في موسكو؟

إسبانيا
اللوحة الناقصة تعود لتصدم اللاروخا
عاش الإسبان في الظل طويلاً على صعيد المونديال رغم المشاركة منذ النسخة الثانية والمركز الرابع 1950 طفرة وحتى عندما توج باللقب الأوروبي 1964 لم يشكل ذلك حافزاً في المونديال التالي فكان الخروج المبكر وعندما استضاف نسخة 1982 سقط، ويعيد المراقبون إلى انقسام الإسبان حول الريـال والبرشا وعدم انسجام لاعبي الفريقين في المنتخب ما تسبب دائماً بسقوطه مبكراً، وانتظر أبناء بلاد الثيران حتى 2008 بعدما تسلم زمام الأمور المدرب أراغونيس واعتلى المنصة القارية كبداية عهد تشكيلة سادت أوروبا والعالم أربع سنوات استطاع خلالها الاحتفاظ باللقب القاري والتتويج بالكأس العالمية تحت قيادة الخلف ديل بوسكي وبالطبع فقد أصبح ذلك الجيل أسطورياً.

لاروخا مشتت
لم يحظ اللاروخا بشرف المشاركة 1930 لبعد المسافة ومشقة السفر إلا أن تنظيم إيطاليا للنسخة الثانية شجعه للمشاركة فسجل أول فوز على أبناء السامبا قبل الاصطدام بالمضيف ليخسر بمباراة إعادة عقب التعادل، وفي البرازيل 1950 اصطدمت أحلام اللاروخا وهدافهم زارا بعملاقي أميركا الأورغواي والبرازيل فحل رابعاً، ثم غاب 1954 و1958 قبل أن يعود إلى تشيلي مدعوماً بالأسطورة بوشكاش ويومها خرج أمام البرازيل من الدور الأول وجاءت المشاركة في إنكلترا 1966 مخيبة عقب تتويج سواريز ورفاقه بأول لقب أوروبي، وغاب اللاروخا عن نسختي 1970 و1974 ليشارك أوتوماتيكياً 1982 كبلد منظم ولم يستفد من مساعدات الحكام فسقط من الدور الثاني بعد تجاوز الأول بعملية قيصرية واستمرت الخيبات من ربع نهائي 1986 إلى الدور الثاني 1990 ثم ربع نهائي 1994 و2002 والدور الثاني 2006 وقبله الخروج من الدور الأول 1998 وبالطبع لم تخل تشكيلات اللاروخا في كل مرة من كبار لهم قيمتهم الفنية كروياً.

الجيل الذهبي
عقب الخسارة أمام فرنسا بثمن نهائي 2006 تسلم أراغونيس الهداف التاريخي لأتلتيكو مدريد قيادة اللاروخا فنياً ووجد أن العلة تكمن باعتماد أسلافه على الأسماء أكثر من الكفاءة وعليه فقد أصر على إبعاد نجوم كبار كراؤول ولم يرضخ للضغوط فنجح في إعادة الماتادور إلى الأمجاد ففاز باللقب الأوروبي 2008 بعد عروض كبيرة توجها بالفوز على المانشافت بالنهائي، ما جعل اللاروخا مهاب الجانب رغم ابتعاد أراغونيس ومجيء ديل بوسكي المدريدي الهوى، إلا أن مرور برشلونة بحقبة رائعة فرض عليه الاقتداء بسلفه وبوجود نخبة من الأسماء اللامعة (كاسياس وبيكيه وراموس وفيا وتوريس وتشافي وإكزافي وإنييستا) وسواهم نجح بأن يصبح بطلاً للعالم رغم بدء المونديال بخسارة لم تكن بالحسبان أمام سويسرا وبفضل دفاع متألق وحارس بارع وهجوم فعال صعد منصة التتويج عن جدارة، وواصل الجيل الذهبي إنجازاته فاحتفظ بالكأس الأوروبية بعد عامين وبصورة لم تتبدل كثيراً رغم تغير بعض الوجوه.

سقوط من علٍ
دخل اللاروخا المونديال البرازيلي مرشحاً للمنافسة على اللقب ولم يكن أحد ليجرؤ على توقع ما حدث مع كاسياس ورفاقه في سلفادور وريو دي جانيرو فسقط بشكل غريب أمام طواحين هولندا بخماسية قبل أن يكمل الحكاية أمام اللاروخا التشيلياني بثنائية، ولم يكن الفوز على الكنغارو الأسترالي بثلاثية إلا من باب حفظ ماء الوجه.
خسارة اللقب كانت واردة إلا أن مغادرة البطولة جاءت بطريقة مخزية فكان لابد من التغيير مع تراجع مستوى الكثير من اللاعبين بفعل تقدم السن، وحاول ديل بوسكي التأسيس لمرحلة جديدة إلا أن الدفاع عن لقبه القاري لم يتح له الفرصة، ليكون اللاروخا صورة معدلة قليلاً لما ظهر عليه 2014، فعلى أرض فرنسا فقد لقبه الأوروبي بطريقة أقلّ وطأة من الدور الثاني أمام الآتزوري الإيطالي بالتثبيت بهدفين.

جلود تتغير
رحيل ديل بوسكي كان طبيعياً أما الخلف فكان وجهاً جديداً يدعى يولين لوبيتيغي وهو حارس مغمور خاض عدداً محدوداً من المباريات مع الريـال والبرشا والمنتخب، إلا أنه أشرف كمدرب على منتخبات الفئات السنية الإسبانية بين 2010 و2014 قبل أن يدرب بورتو البرتغالي حتى صيف 2016 عندما استدعي لقيادة اللاروخا، ولم يكن هناك الكثير من الوقت أمامه للتجريب، ومن حسن حظه أن قرعة التصفيات أوقعته بمجموعة سهلة ما عدا إيطاليا التي حصد منها 4 نقاط ومباريات المجموعة السابعة عُدت بمنزلة حقل تجارب رسمي للمدرب الجديد وسار خطوة بخطوة مع الآتزوري حتى الجولة الثامنة حين جاء لقاء الرد مع الطليان وفيه حسم اللاروخا الصدارة بثلاثية نظيفة.

اللوحة الجميلة
ضمت تشكيلة لوبتيغي 10 لاعبين من القطبين راموس وكارباخال وبيكيه وألبا وناتشو وبوسكتس وإنييستا ولوكاس فاسكيز وإيسكو وأسنسيو إضافة إلى عناصر بارزة أمثال كوكي ودييغو كوستا ونيغويز (أتلتيكو) وموريـال (آرسنال) وأزبيلكويتا (تشيلسي) وأسباس (سيلتا فيغو) وسيلفا (السيتي) وألكانتارا (البايرن) والحراسة لدي خيا (اليونايتد)، وهؤلاء ربما يشكلون أيقونة قادرة على استعادة اللقب، وهو ما سيسعى اللاروخا المتجدد للوصول إليه، وربما لن يكون الفريق الأوروبي الأقوى لكنه بالتأكيد أحد الفرق المرشحة.

المغرب
عقدا الجفاء أنهاهما المحترفون والمحظوظ
عام 1934 كانت المشاركة الأولى للعرب عبر مصر، وعام 1970 عادت لغة الضاد عبر أسود الأطلس وهناك عذّبوا الألمان ثم نالوا أول نقطة عربية مغادرين الدور الأول، ليعودوا بعد 16 عاماً، ويدخلوا التاريخ بعدما أصبحوا أول منتخب عربي وإفريقي يتخطى دور المجموعات، وتكرر الحضور المغربي مرتين في التسعينيات، قبل الغياب عقدين، وهاهو يسجل عودته مسجلاً نتائج مماثلة لما حققه جيل الثمانينيات بفضل متألقين في أوروبا، ومواهب في أندية محلية، وبقيادة المدرب المحظوظ رينار.

نشاط مبكر وحضور متأخر
عرفت بلاد الأطلس اللعبة مبكراً عبر الإسبان والفرنسيين، بعد تقاسمهم مناطق نفوذ البلاد الواقعة على ساحلي المتوسط والأطلنطي، حتى إن نادي تطوان مثلاً شارك في الليغا، وبدأت المسابقات المحلية بطريقة بدائية إبان الحرب الكونية الثانية، وانتظمت بعدها إلا أنها بقيت ضمن النطاق الضيق، وتحت راية دولتي الوصاية، وعندما نالت استقلالها 1956 كان الاتحاد المغربي قد سبق هذا الإعلان بسنة، وفي العام التالي جاءت المشاركة الأولى خارجياً عبر دورة الألعاب العربية ببيروت وحل أسود الأطلس رابعاً، وعام 1960 كان الانتساب للاتحادين الإفريقي والدولي، أما المشاركة الأولى قارياً فكانت في تصفيات 1963، ودولياً في تصفيات 1962، وبعدها بثماني سنوات تأهل المغاربة بعد خوضهم 10 مباريات في التصفيات، على حين تأخر الظهور في الكرنفال الإفريقي حتى عام 1972.

النقطة الأولى
المغرب أول من حصد نقطة للعرب، وذلك بالتعادل مع بلغاريا 1/1 وخسر أمام البيروفيين والألمان، وأكمل عقداً جميلاً رغم سقوطه في الطريق إلى مونديالي 1974 و1978 بفضل جيل فراس والحردان والهزاز وسواهم، إذ فاز بكأس إفريقيا 1976، وبذهبية الألعاب العربية بدمشق بعد شهور، وكان قبلها بعامين فاز بكأس القنيطرة على حساب سورية بدمشق.

الإنجاز الأهم
ظهرت بوادر العودة إلى العالمية ببلوغ المواجهة الأخيرة لتصفيات مونديال 1982 أمام الكاميرون، ثم غاب عن النهائيات الإفريقية لبطولتي ليبيا وساحل العاج، وتشاء الأقدار أن يسجل أسود الأطلس عودتهم المونديالية حيث خاضوا المونديال الأول، ففي تصفيات المكسيك 1986 استطاعوا تخطي سيراليون فمالاوي ومصر وليبيا، حيث تلقوا الهزيمة الوحيدة أمام الأخير بهدف بعد الفوز بالثلاثة، وذاك الهدف هو الوحيد الذي ولج مرمى الزاكي.
في النهائيات بدا التوجس على مصير أولاد المدرب البرازيلي (المغربي فيما بعد) المهدي فاريا، لكنه تبدد هذا الهاجس رويداً رويداً بعد التعادل السلبي مع البولنديين (ثالث العالم)، ثم الإنكليز وجاء ختام الدور الأول مسكاً بالفوز على البرتغاليين فتصدروا، وفي الدور الثاني جاءت القرعة الظالمة بمواجهة الألمان، وتحت شمس مونتييري صمد التيمومي ورفاقه 86 دقيقة قبل أن يخسروا بهدف.

ركود وغموض
فشل أسود الأطلس باسترجاع اللقب القاري 1988 في المغرب فحلوا رابعاً، وهو ذاته الذي حلوا به في مصر 1986، وجاء الغياب الإفريقي- المونديالي عام 1990 ليزيد الطين بلة، إلا أن الأمر لم يطل، فقد عاد إلى النهائيات القارية 1992، لكنه خرج من الدور الأول، ومثله فعل في مونديال 1994 عندما خسر مبارياته الثلاث مسجلاً أسوأ مشاركة له.
جيل التسعينيات بقيادة حجي والنيبت وبصير وحدا زاد نضجاً فتأهل إلى المونديال الفرنسي، فجمع 4 نقاط من التعادل مع النرويج والفوز العربي الأعلى مونديالياً على اسكتلندا بالثلاثة، وكانت كافية لتجاوز الدور الأول لولا الخسارة المبهمة للبرازيل أمام النرويج.

عقدان وتفاؤل
المشاركة الرابعة كانت الأخيرة فقد فشل بتجاوز التصفيات العالمية رغم الحضور الكبير كماً في البطولة الإفريقية، وقد كان قليلاً نوعاً فخرج من الدور الأول في 6 من تسع منذ 1998، والإنجاز الأفضل 2004 عندما بلغ النهائي وخسره أمام المضيف التونسي، ودخل تصفيات 2018 بمعنويات مرتفعة تحت قيادة الفرنسي رينار، لكن التعادل مع الغابون وساحل العاج أضفى بعض الخشية، إلا أن الأداء الجيد في نهائيات إفريقيا 2017، ومغادرة البطولة من ربع النهائي بصعوبة أمام مصر، أعاد بصيص الأمل من جديد، وخاصة عقب الفوز الكاسح على مالي بالستة، وجاء التعادل بأرض مالي ليضفي مزيداً من الغموض حول صاحب بطاقة المجموعة الأولى، وخاصة مع سقوط العاجيين أمام الغابون، وفاز المغاربة على الغابون في الجولة الخامسة مقابل تعادل العاجيين مع الماليين، ليصبح الأسود مطالبين بالتعادل فقط بأبيدجان ويشاء القدر أن تأتي المباراة عقب تتويج الوداد البيضاوي بشامبيونز إفريقيا، وكان ذلك مصدر تفاؤل للأشقاء، فعام 1985 فاز الجيش الملكي باللقب، وفي 1997 توج الرجاء البيضاوي، وفي 1992 توج الوداد، وعليه خاض رجال رينار مباراة ساحل العاج بحظوظ كبيرة أكدها فوزهم المستحق بهدفين كانا قابلين للزيادة.

المحظوظ ونجومه
عُرف رينار بالمحظوظ فقد توج بكأس إفريقيا مع زامبيا 2012، وساحل العاج 2015، وفي كلتاهما بالترجيح، وهاهو يعيد المغربي إلى المونديال بفضل خبرته الإفريقية، ومن حسن حظه أن صفوفه تعج بالنجوم: حكيمي وزياش وبنعطية وضرار وبو الطيب وأمين هاريت وبلهندا وفجر والكعبي والأخوين مرابط والحارس منير محمدي صاحب الشباك النظيفة في الدور الحاسم.

إيران
والبحث عن إنجاز أول مونديالياً
عرفت كرة القدم الإيرانية عقداً زاهياً على الصعد كلها، فعام 1968 صعدت قمة آسيا في مشاركتها الأولى، واحتفظت باللقب مرتين متتاليتين فأصبح الغول أول متوّج للقارة ثلاث مرات، واختتم هذه الإنجازات بالتأهل لمونديال 1978، ما اعتبره النقاد دخولاً للعالمية إلا أن السيادة الآسيوية ضاعت ولم يعرف الإيرانيون طعم بلوغ المونديال إلا بعد عقدين، وفي الوقت الذي لم يقدر الغول على استعادة العرش الآسيوي رغم حضوره الدائم في أدوار متقدمة، فحل ثالثاً 1980 و1988 و1996 و2004 والرابع عام 1984 وأضحى حضور المونديال تعويضاً معقولاً لكبرياء الكرة الإيرانية، وها هو يبلغ النهائيات للمرة الخامسة والثانية توالياً.

فوز للتاريخ
أربع مشاركات سابقة و12 مباراة وفوز يتيم للتاريخ وثلاثة تعادلات وثماني هزائم هي حصيلة منتخب إيران مونديالياً، وقد بدأت بالتصفيات المؤهلة إلى ألمانيا 1974، وبعد تخطي الدور الأول سقط بالدور الثاني أمام أستراليا بمجموع المباراتين، وكانت البداية في النهائيات بالأرجنتين 1978 عبر الجيل الذهبي (بروين وروشان وفاريبا وحجازي واسكندريان) ويومها خسر بالثلاثة أمام هولندا وبالأربعة من البيرو وتعادل مع اسكتلندا بهدف فتلقى مرماه 8 أهداف نصفها من علامة الجزاء وخامس بالنيران الصديقة، وفي فرنسا 1998 خسر من يوغسلافيا بهدف وأمام ألمانيا بهدفين، وبينهما حقق فوزه الوحيد على الولايات المتحدة بعد ليلة تاريخية ارتدت فيها البطولة لباساً رياضياً بعيداً عن العداء السياسي بين البلدين بهدفين لهدف وللذكرى فقد برز في ذلك الجيل: خوداد عزيزي، باقري، مهديفيكيا، استيلي، خاقبور، منصوريان ودائي والأخير هو الأشهر في تاريخ الكرة الإيرانية، ويحمل أرقاماً قياسية كثيرة أهمها الهداف التاريخي على مستوى العالم برصيد 109 أهداف منها 36 هدفاً في التصفيات المونديالية، وإلى أوروبا عاد المنتخب الإيراني في مونديال 2006 ليخسر أمام المكسيك 1/3 والبرتغال صفر/2 قبل أن ينهي ظهوره بالتعادل السلبي مع أنغولا، وفي البرازيل 2014 وقع المنتخب في المجموعة السادسة فكان التعادل مع النسر النيجيري سلباً قبل أن يخسر بصعوبة كبيرة أمام ميسي ورفاقه بهدف يتيم وجرياً على العادة في كل مشاركة أنهى الدور الأول بالخسارة الثانية من البوسنيين 1/3.

سقوط جديد
العروض التي قدمها في البرازيل جعلته مرشحاً للعودة إلى البطولة الآسيوية على أمل استعادة اللقب، وهو الذي تأهل إلى أستراليا 2015 في خضم الاستعداد للعرس العالمي على حساب الكويت ولبنان وتايلاند ولاسيما أنه لم يطرأ سوى تعديلات لا تذكر على التشكيلة التي اختارها كيروش، وجاءت نتائج الدور الأول لتعزز هذا الاعتقاد بعد تسجيله ثلاثة انتصارات على حساب الإمارات والبحرين وقطر فأنهى الدور الأول بشباك نظيفة، وفي ربع النهائي التقى الجار العراقي وما تحاشاه الدفاع وحارس المرمى طوال 270 دقيقة وقع لثلاث مرات كاملة خلال 120 دقيقة منها هدفان بالتمديد، إلا أن الدقيقة 119 أنقذت خلفاء دائي من الخسارة التي وقعت عملياً بعد 16 ركلة ترجيح لمصلحة أسود الرافدين.

مسيرة مثالية
لم يكن الخروج من دور الثمانية لكأس آسيا ليزعزع ثقة الإيرانيين بالطاقم التدريبي البرتغالي بقيادة كيروش ولاسيما أن الوقت ضيق قبل انطلاق المرحلة الثانية لتصفيات آسيا المؤهلة إلى النهائيات القارية 2019 وكأس العالم 2018 والتي دخلها الإيراني من الدور الثاني على اعتبار أنه متصدر القارة بتصنيف الفيفا، ولم تكن المباراة الأولى على مستوى الطموح فتعادل على أرض تركمانستان 1/1 لكن في الجولة الثانية كشر الغول عن أنيابه فاكتسح غوام بسداسية ثم فاز بالهند بالثلاثة قبل أن يتجدد التعادل وهذه المرة في عمان وبالنتيجة ذاتها وهما هدفان من ثلاثة فقط ولجت المرمى الإيراني طوال الدور الثاني الذي انتهى بصدارته وبواقع 20 نقطة ليضمن اللعب في الإمارات 2019 مباشرة وبالطبع التأهل إلى الدور الحاسم نحو روسيا.
وجاءت البداية كما اشتهى كيروش ولاعبوه بفوز شاق على قطر بثنائية جاءت بالوقت البديل وبعد منتصف الطريق وجد الفريق نفسه متصدراً بثلاثة انتصارات وتعادلين واللافت أنه لم يسجل سوى أربعة أهداف أي أكثر قليلاً من معدله في كل مباراة من الدور الثاني إلا أنه لم يتلق أي هدف وهذا ما شكل حافزاً للمباريات المتبقية، ومع الجولة الثامنة التي جدد بها فوزه على ضيفه الأوزبكي احتفل بالتأهل إلى النهائيات العالمية بعدما حقق ثلاثة انتصارات متتالية وأبقى فيها على عذرية شباكه وهو ما حافظ عليه في الجولة التاسعة، وفي العاشرة وعد المدرب ولاعبوه الجماهير الإيرانية بمواصلة ذلك إلا أن 13 دقيقة كانت كافية لأن يفعلها السوريون بعد 1120 دقيقة لم تهتز فيها شباك الغول بالتصفيات لكن بقي الأهم للإيرانيين وهو الحفاظ على السجل النظيف ونجحوا بقلب النتيجة إلا أنهم قبلوا التعادل في الوقت بدل الضائع ليكتفوا بعدم الخسارة.

بلون الكاتناشيو
كيروش نجح في رهاناته الدفاعية ويحوز علي رضا ثقة كيروش في الحراسة وسيعتمد على مسعود شجاعي وإحسان حاج صافي والقائد أشكان ديجاغاه وكريم أنصاري علي رضا جاهانبخش، وسردار أزمون صاحب 11 هدفاً بالتصفيات ورضا قوجان نجاد.
المقدمات تقول: إن الرهان الإيراني سيكون على الطرق الدفاعية إلا أن المنافسين لن يكونوا آسيويين بالطبع وهو ما يخشاه أنصار الفريق وتجربة 2014 قد تكون عامل اطمئنان لصناعة إنجاز.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن