رياضة

مصر.. زعماء إفريقيا يتطلعون إلى العالمية

| الوطن

تعد مصر من الدول الرائدة بكرة القدم في القارة السمراء، وهي التي عرفت العالمية قبل قريناتها الإفريقية؛ المونديال وقبله الدورة الأولمبية، وفوق ذلك يعد المنتخب المصري زعيم القارة بسبعة ألقاب منها ثلاثة متتالية، ويعد صاحب أرقام قياسية جماعية وفردية فيها، ويحسب لقطبيها الأهلي والزمالك أنهما رقمان صعبان في بطولاتها، والأول زعيم دوري أبطالها.
لكن ذلك لم يشفع لأحفاد الفراعنة وأبناء الكنانة عالمياً فقد اكتفوا بالحضور مرتين في العرس العالمي، قبل أن يبلغوا النهائيات للمرة الثالثة في روسيا، وذلك بفضل تشكيلة أصبح أغلب عناصرها محترفين خارج البلاد للمرة الأولى في تاريخ المنتخب الممتد إلى قرابة 90 عاماً، على أمل تسطير إنجاز مونديالي يليق بالفريق.

علاقة قديمة
مصر من الدول العريقة جداً في كرة القدم، بل هي أول دول إفريقيا وآسيا بكرة القدم (الإنكليزية) المنشأ، مع أن بعض المؤرخين يعتبرون الفراعنة أول من مارس كرة القدم أو نوعاً من أنواع هذه اللعبة قبل قرابة ثلاثة آلاف سنة، وإذا عرفنا أن بلاد النيل كانت مستعمرة من الإنكليز منذ أواخر القرن التاسع عشر فلن نستغرب أن المصريين عرفوا اللعبة بثوبها البريطاني قبل القرن العشرين، وإن تأخر ظهور أول ناد مارسها رسمياً إلى عام 1908، ففي ذلك العام ظهر الأهلي الذي سيصبح زعيماً للكرة المصرية وسفيرها فوق العادة في كل المحافل، وأصبح منتخب مصر الأول من خارج أوروبا (عدا الولايات المتحدة) الذي يشارك في الدورة الأولمبية عام 1920 في أنفيرس، وتتالت المشاركات عبر دورتي باريس وأمستردام مع تطور بالنتائج، فخرج من الدور الأول ببلجيكا، ثم من ربع نهائي 1924، وبلغ نصف نهائي 1928، قبل أن يخسر بقسوة أمام الأرجنتين صفر/6، ثم إيطاليا 3/11، وكما هو معروف فإن الدورات الأولمبية كانت بمنزلة بطولة للعالم.

أول العرب
النتائج التي سجلها المصريون وقتها جعلت الفيفا يوجه لهم دعوة رسمية للمشاركة بالمونديال، لكن الاعتذار بسبب المصاريف وبعد المسافة حرم الأشقاء من فرصة تاريخية للظهور المونديالي الأول الذي تأخر أربع سنوات بعدما شاركوا بالتصفيات، وقد أوقعتهم القرعة بمواجهة أشقائهم الفلسطينيين، ليصبح منتخب مصر أول منتخب إفريقي وعربي يشارك بالنهائيات، وهناك في بلاد المعكرونة أوقعته القرعة أمام المجر الذي فاز 4/2 ليكتفي أبناء الكنانة بشرف المشاركة وأول ثنائية للاعب عربي بتوقيع عبدالرحمن فوزي، وتشاء المصادفات والتاريخ أن يفشل المصريون بالعودة إلى النهائيات العالمية إلا بعد 56 عاماً وعلى الأراضي الإيطالية بالذات، ويومها نجح جيل غني باللاعبين الكبار بتجاوز التصفيات، وفي آخر محطة تغلب على شقيقه الجزائري حارماً إياه من الظهور الثالث توالياً.
في إيطاليا مرة أخرى وقع المصريون في مجموعة أوروبية صعبة، لكنهم خرجوا منها بشكل مشرف، بعدما فرضوا التعادل على أبطال أوروبا الهولنديين 1/1 وجرّوا الإيرلنديين إلى التعادل السلبي، وحاولوا تكرار ذلك مع الأسود الثلاثة الإنكليز الذين فازوا بهدف، وبقي هذا الجيل الذي قاده المدرب الشهير محمود الجوهري خالداً، ومن أشهر أفراده التوءم إبراهيم وحسام حسن وطاهر أبوزيد وجمال عبدالحميد والحارس أحمد شوبير وهشام يكن وربيع ياسين وهاني رمزي.

زعامة إفريقية
بين الظهورين الموندياليين حدثت أشياء كثيرة، ومنها إحداث بطولات كروية كثيرة، فكانت مصر أول بطلة للقارة من خلال لقبين متتاليين، وعام 1998 ارتفع العدد إلى أربعة بصدارة المتوجين مشاركة مع غانا، وترافق ذلك مع تفوق قطبي القاهرة على مستوى البطولتين القاريتين، وعقب المشاركة في إيطاليا 1990 خابت كل المحاولات بالعودة إلى المونديال، لكن التفوق الإفريقي استمر؛ فعلى صعيد الأندية عزز الأهلي صدارته للأندية الإفريقية، بل أصبح أكثر الأندية العالمية حصداً للألقاب الخارجية، وكذلك تألق الزمالك بدوره فعزز ألقابه القارية. وعلى صعيد المنتخب توج بثلاثة ألقاب أخرى متتالية مسجلاً أرقاماً قياسية عديدة بقيادة المدرب حسن شحاتة الملقب بالمعلم، وعبر جيل استثنائي بداية من الحارس الحضري وانتهاءً بالرائع أبوتريكة، ومروراً بأحمد حسن ووائل جمعة وحسام غالي وعمرو زكي وطارق السيد وسيد معوض وأحمد فتحي وشيكابالا وناجي جدو.. وسواهم.

ركود وعودة ميمونة
جاء اللقب الإفريقي الثالث بعد ثلاثة أشهر فقط من خسارة الفراعنة لبطاقة مونديال 2010 بعد مباراة حاسمة أمام الجزائر، ولم يكن أحد ليتوقع التراجع الرهيب الذي عاشه المنتخب المصري، ففشل بالتأهل إلى النهائيات الإفريقية ثلاث نسخ متتالية، حتى جاء المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر في تجربته الثانية مع المنتخبات بعد جورجيا 2008 و2009، والذي درب العديد من الأندية في بلاده وخارجها، وقد وضع خطة للإفادة من اللاعبين المنتشرين خارج مصر وداخلها، ورغم أنه بدأ التصفيات المونديالية بخسارة تاريخية أمام تشاد، إلا أن وضع الفريق انقلب 180 درجة منذ تلك الهزيمة التي عُوضت بعد أيام قليلة، فقد استعاد لباس الكبار مسترداً هيبته كبطل تاريخي للقارة، ولم يكتفِ بالعودة إلى النهائيات القارية، بل صعد للنهائي بثلاثة انتصارات وتعادلين وبهدف يتيم في شباكه، ليخسر أمام الكاميرون بهدفين لهدف مكتفياً بالوصافة للمرة الثانية بتاريخه، وتشاء المصادفات أن تجمعه تصفيات المونديال مرة جديدة بأوغندا وغانا اللذين هزمهما بالعرس الأسمر، ونجح بالفوز عليهما في القاهرة، وبفضل فوزين آخرين على الكونغو ذهاباً وإياباً نجح أبناء الكنانة بالعودة المظفرة إلى المونديال قبل مباراة الرد الهامشية على أرض غانا وانتهت بالتعادل بهدف لهدف.

تشكيلة تستحق
مر بتاريخ مصر أجيال تحتفظ بها الذاكرة، مثل جيل أول كأس إفريقية، ثم جيل السبعينيات وامتداده (الخطيب وشحاتة وجعفر ومصطفى عبدو) ثم جيل المدرب الجوهري الذي أعاد مصر إلى المونديال، وكذلك جيل المعلم حسن شحاتة (2006- 2010) أما الجيل الحالي فهو يستحق الاحترام ليس لأنه قاد مصر إلى المونديال فحسب، بل لأنه يضم تشكيلة متنوعة من النجوم الخبراء والشباب، وهي الأوسع في تاريخ البلاد من المحترفين خارجها.
وعلى الرغم من الضربة القاصمة التي تلقاها كوبر بإصابة نجمه محمد صلاح فإن اعتماده على محمد النني لاعب آرسنال ورمضان صبحي لاعب ستوك سيتي ومعهم الحارس العجوز عصام الحضري والظهير المخضرم أحمد فتحي والمهاجمين أحمد حسن (كوكا) ومحمود كهربا وعمرو جمال، ومن ورائهم مؤمن زكريا ومحمد حسن (تريزيغيه) وأحمد المحمدي ورامي ربيعة ومحمد عبد الشافي وأحمد حجازي، والقائمة تطول لتتسع خيارات المدرب كوبر، وعليه ترتفع التطلعات لتجاوز الدور الأول لمونديال موسكو.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن