رياضة

الأورغواي.. البطل الأول ملَّ الأدوار الثانوية

| خالد عرنوس

هي دولة صغيرة مساحةً وسكاناً، لكنها عرفت كرة القدم مبكراً، وشكلت مع البرازيل والأرجنتين مثلث الرعب اللاتيني، بل سبقتهما إلى الألقاب، فكان منتخبها أول بطل لكوبا أميركا، وفي العشرينيات من القرن الماضي توجت بالذهب الأولمبي مرتين متتاليتين، وهي بمنزلة بطولة العالم أيامها، وكلاهما جاء على حساب الأرجنتين، كما أنها أول من يظفر بكأس جول ريميه، وعام 1950 غزت الجارة الأكبر البرازيل وباغتت أبناء السامبا في معبد ماراكانا عائدة بالكأس.
لقبان عالميان وآخران أولمبيان وزعامة لكوبا أميركا هو إرث السيليستي كروياً، لكنه اكتفى على الصعيد العالمي بما حققه قبل قرابة 7 عقود، فشل عقبها باستعادة أحد العرشين، فخابت مشاركاته المحدودة، وأخفق بخوض النهائيات العالمية أو الأولمبية مرات عديدة، إلا أن المتعصبين للسيليستي بقوا على آرائهم بأنه زعيم أميركا المطلق رغم وجود السيليساو والالبيسيليستي اللذين تخطياه كثيراً فيما يتعلق بالمونديال.

بطل قبل المونديال
تقع الأورغواي جنوب شرق قارتها، وهي الأصغر بين الدول العشر المنضوية كروياً تحت اتحاد الكونيميبول لكنها تحتل مكانة أكبر بكثير من مساحتها وعدد سكانها الأقل الذين يتجاوزون ثلاثة ملايين نسمة، والذين ينحدر أغلبيتهم من أصول أوروبية، وعرف البلد الصغير كرة القدم باكراً، كما حال معظم دول تلك المنطقة، فكان منتخبها من أوائل منتخبات أميركا، فظهر رسمياً عام 1901 في مباراة ودية أمام الأرجنتين، وعرف النجاح مبكراً، فكان أحد المساهمين بانطلاق كوبا أميركا، بل إنه فاز بلقبها الأول على حساب الأرجنتين والبرازيل وتشيلي، وهي المنتخبات ذاتها التي خاضت النسخة الثانية في العام التالي، مجدداً فوزه بكأسها، علماً أن شباكه لم تهتز سوى مرة واحدة في البطولتين.
عندما سافر السيليستي للمرة الأولى خارج أميركا لتمثيل بلاده في أولمبياد باريس 1924، كان سجله يشير إلى 4 ألقاب قارية، وجاءت غزوته الأوروبية ناجحة بكل المقاييس، فقد استطاع تخطي كل العقبات للظفر بالذهب، ولم يكتف السيليستي بهذا التتويج، بل احتفظ باللقب في الدورة التالية بأمستردام، بعدما تخطى إيطاليا وهولندا وألمانيا، قبل أن يتفوق على جاره الأرجنتيني بمباراة إعادة 2/1 عقب تعادلهما 1/1.

البطل الأول
عام 1928 نالت الأورغواي شرف تنظيم أول بطولة لكأس العالم، وبكرم حاتمي حاولت دعوة الكثير من منتخبات العالم لتكون بطولة على مستوى حدث مرور 100 سنة على استقلالها، ولم يجد السيليستي أدنى صعوبة حتى بلغ النهائي بعد فوزه على البيرو بهدف ورباعية على رومانيا، ثم 6/1 على يوغسلافيا في نصف النهائي، ويوم التتويج عاد للقاء الجار الأرجنتيني الذي أنهى الشوط الأول متقدماً، إلا أن كبرياء سيا ودورادو وكاسترو وبقية الرفاق جعلهم يقلبون الأوضاع ليصبحوا أول أبطال للعالم.
بطل العالم رفض الدفاع عن لقبه متحججاً بالرد على الغياب الإيطالي عن النسخة الأولى، واستمر غيابه عن الثالثة تضامناً مع دول الكونيميبول (عدا البرازيل) التي رفضت عدم تنظيم البطولة في الأرجنتين، وعلى أرض الجارة الكبرى البرازيل 1950 جاءت العودة، حيث وجد رفاق شيافينيو وجيجيا أنفسهم في المباراة الختامية أمام السيليساو، وهم بحاجة للفوز للظفر باللقب الثاني وهذا ما كان عندما قلب الثنائي المذكور تأخرهم بهدف إلى فوز أسكت قرابة 200 ألف متفرج وكل أهل السامبا الذين تابعوا اللقاء على أثير المذياع، وأعاد كأس ريميه إلى مونتفيديو.

غياب غير مبرر
ذاك اللقب التاريخي كان الأخير في سجل الأورغوياني الذي وصل إلى نصف النهائي في ثلاث مناسبات، الأولى في النسخة التالية بسويسرا أمام المجر، والثانية 1970 وبها ثأر البرازيليون لخسارة ماراكانا، أما الثالثة فجاءت بعد أربعين عاماً حيث كانت الخسارة هذه المرة من هولندا، واكتفى السيليستي بالمركز الرابع في المرات الثلاث بعد الخسارة من النمسا وألمانيا مرتين، ولم تأت المشاركات السبع الأخرى بجديد، فكان ربع النهائي أقصى ما وصل إليه، حين انهزم عام 1966 من المانشافت بالأربعة، ومن ثم النهائي أعوام 1986 و1990 و2014، والخروج من الدور الأول في ثلاث (1962 و1974 و2002)، إلا أن الأغرب كان فشله بالتأهل إلى النهائيات أعوام 1958 و1978 و1982 و1994 و1998 و2006، ليكون أقل الأبطال خوضاً للمونديال وإذا كان فشل باستعادة اللقب العالمي إلا أنه خاض 12 بطولة، لكن الأغرب والأعجب أنه غاب عن الأولمبياد منذ تتويجه بذهبية 1928 حتى دورة 2012 عندما لعب في لندن وغادرها من الدور الأول.

حضور طبيعي
قبل انطلاق التصفيات كانت التوقعات تشير إلى تأهل ثلاثي أميركا اللاتينية الكبير، وهذا ما حدث، وتميزت مسيرة الأورغواي ببداية معقولة، فتصدرت الذهاب، إلا أن الفريق ارتبك بين الجولتين 12 و14 عندما خسر ثلاث مرات متتالية، فتعقدت الأمور قليلاً، لكن حصده خمس نقاط جديدة، وتقلبات نتائج المنافسين، وضعه عملياً بالمونديال قبل الجولة الأخيرة التي ختمها على الوجه الأمثل بفوز على بوليفيا بالأربعة.
مطلع التسعينيات، وخاصة بعد قانون بوسمان انتشر لاعبو الأورغواي في القارة الأوروبية، وبات اعتماد الأجهزة الفنية للسيليستي على المحترفين خارج البلاد، لكنهم لطالما خيبوا الآمال، ولا يمكن اعتبار حلوله رابعاً في مونديال جنوب إفريقيا إنجازاً كبيراً يليق بتاريخه العريق، على الرغم من أن المهاجم دييغو فورلان أصبح يومها أول أورغوياني يتصدر هدافي المونديال.

رهان العجوز
واليوم على أبواب المونديال الروسي لا يختلف الأمر كثيراً فها هو العجوز تاباريز أقدم مدربي منتخبات 2018 البالغ من العمر 71 عاماً، الذي قاده أكثر من 190 مباراة يعتمد على تشكيلة تلعب أغلبيتها في أميركا الجنوبية، أو في القارة العجوز، ومن أبرز أفرادها لويس سواريز الهداف التاريخي للسيليستي والذي قد يخوض مباراته المئة في المونديال، وحلمه كما رفاقه يبتعد لأكثر من 5 أهداف سجلها في مشاركتين سابقتين، ولمكان لا يقل عن نصف النهائي الذي كان محروماً منه في 2010، ومعه الحارس الخبير فرناندو موسلييرا وفي الدفاع: دييغو غودين ومارتن كاسيريس وسباستيان كواتس وخوسيه ماريا خيمينيز وغاستون سيلفا، وفي الوسط: فيريكز فالفيردي وألفارو غونزاليس ونيكولاس لوديرو وغاستون راميريز وفي الهجوم: كريستيان ستواني وإديسون كافاني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن