قضايا وآراء

«الحرب في سورية والأزمة في الرياض»

إياد إبراهيم :

لا تكل المملكة الوهابية ولا تمل من محاولات الظهور بمظهر القوي أو المتماسك القادر على فرض شروطه، تحاول بذلك إخفاء ملامح أزمتها بل ورطتها العميقة في اليمن وورطتها في ارتداد «دواعشها» إليها.
موقف نظام بني سعود هذا غدا سبباً أساسياً في امتداد السخونة واتساع رقعة الإرهاب لتطول «لحى» أمراء بني سعود وشيوخهم الوهابيين في نجد وتطال شمالاً طرابيش السلطان العثماني وأزلامه، وتكاد تطال جنبات المليك الإنجليزي عبر تدمر.
منذ أيام سربت صحيفة الحياة عن مصادر وصفتها برفيعة المستوى، أن السعوديين التقوا اللواء علي مملوك في جدة في السابع من حزيران الماضي، وأن السعوديين عرضوا خلال هذا اللقاء مبادرة تشترط «وقف دعم المعارضة مقابل إخراج عناصر حزب اللـه وإيران وميليشياتها ليكون الحل (سورياً – سورياً)، ثم تجري بعد ذلك انتخابات برعاية أممية»، لتمثل هذه المبادرة اعترافا صريحا بدعم الإرهاب.
واليوم يردد وزير خارجية نظام بني سعود الموقف العدائي الشخصي للرئيس الأسد، ما كشف دوافع موقف نظامه أمام الروس وبدا جلياً أنه ما من دافع سياسي وراء دعم الإرهاب في سورية وما من هدف إلا الانتقام من الرئيس الأسد لكشفه تخاذلهم.
فخلال المؤتمر الصحفي قال «الجبير» إنه تحدث إلى لافروف عن أهمية توحيد موقف المعارضة السورية، لكن وزير الخارجية الروسي سيرغيه لافروف رد على ذلك أثناء إجابته عن سؤال إحدى الصحفيات بأن روسيا ليس لديها خطة أو نية لإجراء لقاء للمعارضة السورية أو حتى لبعض قادتها، وإن ما يجري هو اتصالات فردية مع بعض شخصيات في المعارضة.
«الجبير» تحدث بحذر شديد أثناء المؤتمر فهو يعي خطورة الخطأ مع الروس، فقبله رحل كل من أخطأ بحق روسيا سواء أمير قطر وتابعه أم سلفه فيصل وابن عمه بندر، فأقر بأن ثمة مصالح تجمعهم مع روسيا منها السياسية والاقتصادية، وقال إننا بحثنا الأوضاع في سورية وأهمية إيجاد حل سياسي، وإن موقف النظام السعودي لا يزال يرى أنه لا دور للرئيس الأسد في مستقبل سورية، وقال إننا تحدثنا عن الأزمة في اليمن.. والنقطة الوحيدة التي تجرأ الجبير على القول إنه لقي توافقاً مع الروس بشأنها هي إعادة تفعيل عملية السلام مع العدو الصهيوني وكيفية إقامة دولتين، معبراً عن جزيل شكره لهذا التوافق، فهو يبرر إلى حد ما أمام الروس موقف السعودية المتوافق كلياً مع إسرائيل والذي لم يعد سرياً بعد بروز كثير من مظاهر التعاون السعودي الإسرائيلي، ولعل آخرها التنسيق والتشارك في قصف اليمنيين بالطائرات الإسرائيلية الممولة سعودياً.
وعندما نفى «الجبير» إمكانية الوجود إلى جانب سورية في مكافحة الإرهاب، أكد لافروف أنه من البديهي مشاركة الجيشين السوري والعراقي في محاربة الإرهاب الذي يغزو بلديهما.
يرمي بني سعود بالإصرار على موقفهم هذا إلى الإيحاء بوجود محددات مستقلة لموقف النظام السعودي بعيداً عن الموقف الأميركي الذي دفعهم إلى تبني تمويل وتسليح الحرب على سورية مقابل تحقيق أحلامهم بالتخلص من الرئيس الأسد، وكذلك الانتقام من الموقف الأميركي حيال إيران الذي كشف مراكز القوى إقليمياً، وعرّى ضعف مملكة الرمال وعجزها عن مواجهة أي أمر سياسي أو عسكري من دون إسناد أميركي إسرائيلي على الرغم من الترسانة العسكرية الهائلة التي دفعت ثمنها من قوت شعب نجد.
صعوبة الاعتراف بالهزيمة أدى بنظام بني مسعود إلى اتخاذ قرارات ورطته بأزمات متتالية بدءاً من ارتداد الإرهاب داخل المملكة إلى تداعيات الاعتداء على اليمن وما قد يترتب عن ذلك من نتائج تمس مستقبل وجود بني سعود أنفسهم، وغدت الحرب التي تواجهها الدولة السورية في الميدان تشكل أزمة في الرياض تعصف بنظام بني سعود وقد تحذف قيوده من مستقبل المنطقة بأسرها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن