قضايا وآراء

عندما يُحاضر السعوديون في العفة!!!

د. بسام أبو عبد الله  :

تقف مذهولاً عندما تستمع، أو تقرأ كلاماً لمسؤول في مضارب النفط، والغاز وهو يتحدث عن الشرعية، والمشروعية، والدستور، ومستقبل الشعوب، والدول وتبدأ بالتفكير هل نحن أمام حالة بحاجة لدراسة نفسية، أم اجتماعية، أم سياسية أم حالة ترتبط بما يقال (عندما تُحاضر… بالعفة)..
يبدو واضحاً أن كلام وزير خارجية (بني قينقاع) الأخير في موسكو أثناء المؤتمر الصحفي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعبر عن هذه الحالة تماماً، كما كان يعبر قبل ذلك سعود الفيصل حينما كان يتحدث عن (المرحلة الانتقالية) وعن (الحرية) و(إرادة الشعوب) من دون أن يرف له جفن.
القضية لا ترتبط أبداً بأن ما يجري في سورية غير قابل للنقاش، وبأننا لا نقبل أن يُناقش أحدٌ معنا ما يجري، ولكن سئمنا، ومللنا أن نستمع إلى غلمان الصهيونية في مضارب نجد والحجاز، وهم يُنظرون علينا فيمن يحكم سورية، ومن بقي له أمل، ومن فقد الأمل بطريقة توحي للمتابع أنه أمام أعرق ديمقراطية في المنطقة، وأن كل شعوب الأرض ترسل موفدين لها إلى المدن السعودية في مواسم الانتخابات البلدية، والبرلمانية لتتعلم منهم كيف استطاع هذا النظام السياسي الفذ!! أن يمنح مواطنيه (رجالاً ونساءً) حق التصويت بحرية، ومنح المرأة لديه حق قيادة السيارة، والباص، والطائرة والدراجة الهوائية في شوارع مدنه، وأزقتها!! وألغى أحكام الإعدام بقطع الرؤوس؟ وتوقف عن قطع الأيدي جهاراً- نهاراً؟ وتصدر وزارة خارجيته في كل عام تقريراً سنوياً عن مزايا الوهابية، ودورها في تحقيق التقدم والازدهار في ربوع- ومضارب نجد والحجاز، وتُبدي الاستعداد لتصدير خبراتها في هذا المجال لكل الدول الإسلامية، وإلى أوروبا، وأميركا!!!
فعلاً (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)- هذا ما ينطبق تماماً على وزير خارجية (بني قينقاع) عادل الجبير حينما تحدث عن موقف مملكته تجاه سورية وكأن المطلوب منّا أن نستمع في كل مرة إلى محاضرة من عميل صهيوني ثم نسكت باسم (البحث عن حلول) و(تسويات) و(تبويس اللحى)، وكأن الأمر لا يمس كرامتنا، وتضحياتنا، ودماء شهدائنا الذين سقطوا من أجل أن تحيا سورية وتبقى عزيزة كريمة مستقلة لا يتطاول عليها تافهون- ساقطون مثل أحفاد موردخاي في نجد والحجاز…
واضح تماماً أن (بني قينقاع) لا يريدون تسويات، وأن محاولة موسكو لإعادة (شعرة معاوية) كحد أدنى مطلوب لمواجهة مخاطر الإرهاب الذي أنتجه النظام السعودي لم تنجح بعد في تحقيق إختراق، ذلك أن الجبير قطع الطريق على مبادرة بوتين، وأنهى أي إمكانية، واحتمال لإنجاحها بالرغم من أن دمشق أبدت الاستعداد للتعاون في مكافحة الإرهاب لأنه خطر حقيقي على الجميع، ولابد من وقف تمدده، وانتشاره قبل أن يدمر كل شيء.
هو نفس الموقف الذي اتخذه سعود الفيصل عندما علم أن مفاوضات تجري بين إيران- والولايات المتحدة سراً في عُمان فحَرِدَ بالامتناع عن إلقاء كلمة في الأمم المتحدة، ورفض تسلم مقعد (بني قينقاع) في مجلس الأمن، وتابع سياسته الحمقاء إلى أن أصبح الاتفاق أمراً- واقعاً، وتجاوزه الزمن، والآن عندما يجري الحديث عن حل سياسي في سورية يقوم الجبير بإطلاق مواقف تعود لبداية الحرب على سورية، وتجاوزها الزمن، والأحداث والوقائع، ويثبت مرة أخرى أن نظام بلده السياسي عقيم- غير قادر على إنتاج الحلول، وإطلاق المبادرات في وقت تبحث فيه شعوب العالم، ودوله عما يوقف نزيف الدماء، ويطفئ الحرائق التي أشعلها الوهابيون، والصهاينة، والإخوان، والعثمانيون الجدد، من أجل إعادة دفق الحياة، والتطور، والتنمية، والتنوع التي يحبها السوريون، ويكرهها (بنو قينقاع) بكل ما للكلمة من معنى..
السؤال الذي يطرح نفسه دائماً: لماذا هذا التكبر، والصلف، والعنجهية لدى نظام (آل سعود)!!
الجواب ببساطة شديدة: هذا دليل الحماقة، وكلما كان خصمك أحمق ومتكبراً، فاشعر بالسعادة لأنه يسير إلى الكارثة حتماً..
دمشق فتحت الأبواب للتسويات ليس من منطلق الضعف، وإنما من منطلق البحث دائماً عما يوقف نزيف الدماء السورية التي هي أغلى ما نملك، وإذا لم يلتقط البعض هذه الفرصة التي يعمل كل العالم الآن على تطويرها، وتوسيعها فإن ذلك يعني أن على الجميع تحمل مسؤولياته تجاه استمرار دعم الإرهاب، وتمويله، وتسليحه، وأن يُطبق قرارات مجلس الأمن الدولي تجاه هذه الدول، وخاصة (السعودية، وتركيا، وقطر، وإسرائيل)..
القضية في سورية ليست مسألة الرئاسة كما يحاول (بنو قينقاع) تصوير الأمر، وإنما أي سورية نريد!! هم أنفقوا المليارات، وأرسلوا القتلة والمجرمين من أجل سورية وهابية، إخوانية، داعشية، إسرائيلية؟ والشعب السوري ضحى بآلاف الشهداء من أجل سورية العريقة، المستقلة، المنفتحة، العلمانية، الديمقراطية، الحرة؟ هذا هو جوهر الصراع منذ سنوات… وبكل الأحوال لا يحق لمملكة ينفق ملكها في القرن الحادي والعشرين (5 مليارات يورو) في إجازة لمدة ثمانية أيام- دون أن يسأله أحد، أن تتحدث عن مستقبل الرؤساء، والدول!!
أزمة نظام (بني قينقاع) أنه يعتقد أن المال يصنع له كل شيء، وأنه بالمال يتحول إلى دولة حضارية مثل الدول الاسكندينافية، وبالمال يستطيع أن يُخفي جرائمه، ويزور الشهود، ويقدم الحقائق كما يريد ويحافظ على صلفه، وتكبره، من دون أن يقرأ المتغيرات على صعيد سورية، والمنطقة، والعالم.
باختصار نقول لهم: الرئيس بشار الأسد هو رئيس الجمهورية العربية السورية المنتخب وقائد مقاوم، وصاحب مشروع وطني- تنموي، وابن مدرسة أخلاقية، وسوف تموتون غيظاً، وحنقاً من بقائه أسداً دمشقياً- سورياً- عربياً يقود وطن الشهداء، أما أنتم (بني قينقاع) فلا تنتمون إلا إلى نظام الوهابية العفنة الذي سوف يستمر في تصدير (النفط والإرهاب)، وهو نظام عقيم غير قادر على الحركة إلى الأمام إلا في بيئة الخراب، والدمار، والقتل والإجرام.
بإمكانكم أن تحاضروا علينا بكل شيء- إلا عن (العفة)، التي يحق فقط لأهالي شهداء سورية، والمقاومة أن يتحدثوا عنها، للجيش العربي السوري، لأبطال الميدان، للعمال، للفلاحين، للمعلمين، للأطباء والمهندسين، للتجار الشرفاء، لرجال الدين المتنورين… أما أنتم فاخرسوا إلى الأبد عندما تتحدثون عن وطن الشهداء سورية .

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن