قضايا وآراء

سورية.. مواقف القوة والثقة

| ميسون يوسف

خلال أسبوعين فقط اتخذت دمشق أو أعلنت قرارات ومواقف توقف عندها المتابعون للحرب الكونية على سورية، لأنهم وجدوا فيها حلقات في سلسلة منتظمة متناسقة تؤكد المدى الذي وصلت إليه الدولة في مواجهتها للعدوان الذي استهدفها ومستوى القوة والثقة بالنفس التي هي عليه.
كان الموقف الأول متمثلا في القرار الذي تضمن تسريح الدفعة 102 من المجندين وهو التسريح الذي أملت الضرورات العسكرية تأجيله سنة بعد سنة منذ أن حل موعده قبل سبع سنوات، ولكن اليوم اتخذ القرار بالتسريح ما يعني أن الجيش «سيخسر عدداً مهما من المجندين» الذين شملهم القرار، وهنا تكمن دلالة القرار حيث إن قيادة الجيش ما كانت لتقدم على مثل هذا القرار لو لم تكن قد استشعرت وجود فائض من القوة لديها يمكنها من الاستغناء عن هؤلاء المجندين، وطبعاً يعرف الجميع أن القيادة العسكرية التي برعت في تقدير الموقف وتنظيم جداول الأولويات واتخاذ القرارات المناسبة والملائمة لمراحل الحرب الدفاعية التي تخوضها، إن هذه القيادة تدرك أن التسريح لن يؤثر في قدراتها الدفاعية وفقا لما هو مطلوب منها.
أما الموقف الثاني فقد جاء على لسان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم في مؤتمره الصحفي الأخير الذي حمل الكثير من الدلالات ووجه الكثير من الرسائل التي يعنينا منها في هذا المقام ما يتصل بالجبهة الجنوبية وما يدور الحديث عن اتفاقات حولها، حيث إن الوزير كان واضحا وقاطعا باشتراط تفكيك أميركا لقاعدة التنف العسكرية التي أنشأتها بشكل غير مشروع وأقامت فيها بطريقة تشكل احتلالاً لأرض سورية، اشتراطه تفكيكها قبل الحديث عن أي اتفاق آخر، ومن جهة أخرى إيحاء الوزير بأن سورية ماضية قدما في تحرير كل أرضها غير آبهة بتحذير أو بخط أحمر من أحد.
أما الموقف الثالث فقد حمله المرسومان التشريعيان رقم 8 ورقم 9 وتضمنا زيادة رواتب العسكريين في الخدمة الفعلية أو في التقاعد بنسبة معتبرة تصل إلى30 بالمئة من الراتب مع التعويضات الذي أدمجت فيه، ما يعني أن الاقتصاد السوري رغم 7 سنوات من الحرب ما زال قادراً على تحمل أعباء هذا الحد من الزيادة أولاً، ثم إن تخصيص العسكريين بالزيادة وبشكل مستقل عن باقي العاملين في القطاع العام فيه رسالة تقدير ومكافأة لمن يدافع عن الوطن غير آبه بالصعاب.
مواقف ثلاثة إذاً جاءت في فترة زمنية واحدة لتؤكد أن سورية التي دافعت وانتصرت مع حلفائها في أبشع حرب عدوانية تشن على دولة ما زالت ممتلكة لمصادر القوة التي تمكنها من السيطرة على الوضع وتبعث فيها الثقة بالنفس وأنها تستشعر في ذاتها وحلفائها قوة تبعث على مثل هذه الثقة التي تقود إلى القول: دخلنا مراحل نهاية العدوان ونحن أقوياء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن