رياضة

المجموعة الثامنة: منافسة حامية بين رباعي طموح

| خالد عرنوس

يعتبر الكثيرون أن المجموعة الثامنة هي الأضعف ولاسيما مع غياب الأبطال عنها تماماً حتى إن أحداً من منتخباتها الأربعة لم يسبق له بلوغ النهائي ومن ثم هي المجموعة الأكثر تقارباً بين عناصرها والأكثر غموضاً حول هوية المرشحين لدور الستة عشر، فالمجموعة يترأسها الفريق البولندي صاحب أفضل سجل فيها (مونديالياً) فهو ثالث 1974 و1982 لكنه تراجع كثيراً ومعه الساموراي الياباني الطامح لصنع تاريخه الخاص عالمياً، ويحلم أسد التيرانغا السنغالي بإعادة سيناريو 2002 عندما وصل ربع النهائي، أما الرابع فهو الأفضل نظرياً وخاصة أنه كان بين الثمانية الكبار في المونديال الماضي، ترى من الفريقين اللذين سيتأهلان عن هذه المجموعة؟…. علينا الانتظار إلى نهاية الدور الأول.

بولندا
نسور مسالمون بقيادة هداف تاريخي
مادامت بولندا حسبت على القسم الشرقي من أوروبا، منذ اعتبرت أن كرة القدم لعبة شعبية للهواة حتى منتصف السبعينيات، عندما أجبرت السلطات هناك على احتراف عدد من النجوم في أوروبا الغربية، ولذلك اقتصرت إنجازاتها الكبيرة على الألعاب الأولمبية رغم أنها حضرت المونديال منذ النسخة الثالثة، لكنها بقيت في الصفوف الثانية أو الثالثة على صعيد القارة العجوز، ولم تسجل إنجازاً كبيراً في كأس العالم إلا بفضل جيل صنع التاريخ بكل معنى الكلمة، فتوج بالذهب الأولمبي في ميونيخ 1972، ثم دخل بزخم إلى مونديال 1974، وهناك كتب سطراً خالداً بقيت علاماته حتى منتصف الثمانينيات، إلا أن نجم الكرة البولندية خبا بعدها رغم ظهور منتخب النسور البيض والحمر مرتين متتاليتين مونديالياً مطلع الألفية الثالثة.

فيلموفسكي العلامة
كحال معظم دول العالم عرفت بولندا كرة القدم من عمال المناجم البريطانيين، ولكن البلاد التي تعد من أكثر دول أوروبا اكتظاظاً بالسكان لم تهتم باللعبة جدياً إلا مع نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث انتهت معها حكاية تقسيم الدولة بين بروسيا والاتحاد الروسي والنمسا، فتأسس الاتحاد البولندي عام 1919، وبعد عامين ظهر المنتخب للمرة الأولى أمام المجر، وبعد عامين آخرين انضم للفيفا ليشارك في أولمبياد باريس 1924، وللمصادفة خرج من الدور الأول بهزيمة قاسية بالخمسة من المجر بالذات.
وجاء الثأر بعد 12 عاماً، ففاز البولنديون 3/صفر في الدور الأول لأولمبياد برلين، وهناك بلغوا مربع الكبار، قبل أن يخسروا أمام النمسا، ثم خسروا مباراة الترتيب، وشجعت هذه النتائج الاتحاد على الزج بالمنتخب في مونديال 1938، وهناك خاض مباراة للتاريخ وخسرها 5/6 أمام البرازيل، وقد أصبح فيلموفسكي أول من يسجل أربعة أهداف في تاريخ البطولة، والوحيد الذي هز شباك السيليساو بهذا الكم.

الحقبة الذهبية
في أولمبياد ميونيخ 1972 برز المنتخب البولندي بنجومه لاتو وغورغون وغادوشا وداينا، واستطاع الظفر بالذهبية للمرة الأولى والأخيرة ، وقد استطاع ذلك الجيل إعادة بلاده إلى العرس العالمي، ولم يكن تأهلاً عادياً فقد أبعد إنكلترا للمرة الأولى، ومع الحارس العملاق توماشيفيسكي والهداف زاراماش اكتملت قوة الفريق الذي قدم مونديالاً للذكرى، حيث تصدر مجموعته فوق مع الأرجنتين وإيطاليا، قبل أن يتفوق على يوغسلافيا والسويد في الدور الثاني، لكنه خسر مع أصحاب الأرض الألمان الغربيين، ليكتفي بخوض مباراة الترتيب، وفيها ثأر من أبناء السامبا بعد 36 عاماً بهدف لاتو.
وتواصل الحضور البولندي في مونديال 1978 بعدما نال فضية أولمبياد مونتريال 1976، بوجود معظم ذلك الجيل، ومرة جديدة تأهل للدور الثاني، لكنه اصطدم بعملاقي أميركا الجنوبية مجدداً فخسر أمام البرازيل والأرجنتين وفي مونديال 1982 كان الحضور الثالث على التوالي بوجود العجوزين لاتو وزاراماش والنجم بونييك حيث وصل نصف النهائي، قبل أن يخسر أمام البطل للمرة الثالثة، وفي مباراة الترتيب هزم الفرنسيين، وجاء أفول تلك الحقبة في المكسيك 1986 عندما قاد بونييك وسمولاريك الجوقة البولندية إلى الدور الثاني، لكنه خرج من دور الـ16 بخسارة قاسية من السيليساو.

تمثيل غير مشرف
غاب النسور عن المونديال 16 عاماً (حازوا خلالها فضية أولمبياد برشلونة 1992) قبل أن يعودوا في المونديال الآسيوي، فلم تكن التشكيلة التي ضمت 14 محترفاً خارج البلاد على مستوى الحدث، فخرجت من الدور الأول، وتابعت معظم تلك التشكيلة بقيادة سمولاريك الابن (إيبي) الظهور في النسخة التالية، ولعبت في مجموعة المانشافت بالذات فكان الخروج بالطريقة ذاتها.
الطريف أن المنتخب البولندي بلغ كأس العالم في 7 مناسبات، قبل أن يبلغ النهائيات الأوروبية ولو مرة واحدة، وجاءت المشاركة الأولى قارياً عام 2008، وحصل تبادل أدوار، حيث خاض ثلاثة نهائيات في يورو من دون بلوغ المونديال، قبل أن يحقق المعادلة ويقتلع بطاقة العرس العالمي القادم، ولم تكن المشاركات الأوروبية على المستوى المطلوب، فخرج من الدور الأول بنهائيات 2008 و2012.
وحملت يورو الأخيرة في فرنسا النتائج الأفضل للبولندي الذي تأهل للدور الثاني فانقاد مع السويسري إلى ركلات ترجيح فابتسمت لرفاق ليفاندوفسكي ليصلوا إلى ربع النهائي، وقابلوا البرتغالي الذي تخطاهم بالترجيح.

العودة المنتظرة
النتائج المقبولة في يورو 2016 وضعت أهدافاً جديدة للمنتخب ومدربه آدم نوالكا الذي تسلم المهمة عام 2013، وأولها العودة إلى النهائيات العالمية، ودخل ليفاندوفسكي ورفاقه التصفيات بخطوات ثابتة، فرغم التعادل الافتتاحي بأرض كازاخستان إلا أنه لم يكن سوى كبوة حصان، فقد حصدوا بعدها 15 نقطة كاملة حتى الجولة السادسة، ما زاد حظوظهم عن المجموعة الأوروبية السادسة، وفي الجولة السابعة حدثت العثرة الأولى الحقيقية بالخسارة القاسية أمام المنافس (الجدي) الدانماركي برباعية، فتوجس الأنصار خيفة، لكن أولاد (الستيني) نوالكا استعادوا زمام المبادرة بانتصارين ثانيهما بأرض أرمينيا، فوضعوا البطاقة المونديالية في جيوبهم.

جوقة «ليفا»
إذا كان الهداف لاتو رمز السبعينيات قد تسلم رئاسة الاتحاد البولندي في الفترة التي شهدت المشاركة الأوروبية الأولى، فإن خلفه بونييك في منصبه الإداري كان له فضل في عودة المنتخب إلى المونديال، ويمكننا وصف الجيل الحالي بجيل (ليفا)، وهو اختصار للهداف الأعلى روبرت ليفاندوفسكي، وأحد هدافي التصفيات بـ16 هدفاً، ويعد هداف بايرن ميونيخ أحد النجوم المنتظرين في روسيا.
ويعتمد المدرب إلى جانب (ليفا) على نجوم متألقين أمثال: بيوتر زيلينسكي (نابولي) وكارول لينيتي وبيرتوز بيرزونيسكي (سامبدوريا) ولوكاز بيزيشك (دورتموند) وبلازيكوفسكي (فولفسبورغ) وتيودورزيك (أندرلخت) وكامل غليك (موناكو) إضافة إلى حارسي المرمى تشيزني وفابيانسكي، وهناك أيضاً ميليك ولوشيك وكابوستيكا وفيلزيك.

السنغال
عودة أسود التيرانغا من بوابة أوروبية
في مونديال 2002 ظهر منتخب السنغال الملقب بأسود التيرانغا حصاناً أسود، فأسقط بطل العالم افتتاحاً، قبل أن يبلغ ربع النهائي، واللافت يومها أن المنتخب الذي قاده المدرب الشهير برونو ميتسو تميز بتشكيلته المحترفة كلها تقريباً في فرنسا، ما اعتبره بعض النقاد أن منتخباً فرنسياً أجنبياً يقوده جهاز فني فرنسي فاز على منتخب فرنسي محلي (ونصفه من المجنسين).
واليوم بعد 16 عاماً من الإنجاز غير المسبوق للنجم الأبرز حجي ضيوف ورفاقه، يسجل تلاميذهم بقيادة نجم لا يقل أهمية يدعى ساديو ماني وبتشكيلة أوروبية بحتة أيضاً عودتهم إلى العرس، بعد مشوار حافل لم يخسروا فيه أي مباراة، وبقيادة طاقم فني محلي الصنع، يقوده لاعب دولي سابق كان له يد طولى في المشاركة الأولى بالمونديال، ويدعى أليو (عليو) سيسيه، وصفته يومها (كابتن المنتخب).

بدايات متأخرة
مثل كل دول الساحل الغربي عرفت السنغال كرة القدم عبر جنود الاحتلال الفرنسي والمسافرين الأوروبيين الذين ارتادوا شواطئها، إلا أنها بقيت على المستوى الشعبي البسيط، حتى نالت الاستقلال عام 1960، عندها انتظمت اللعبة وظهر المنتخب الوطني وانضم إلى الاتحاد الإفريقي عام 1962 والاتحاد الدولي 1963، إلا أن ظهوره الرسمي تأخر حتى مطلع 1965، وبالطبع لم يشارك في تصفيات مونديال 1966 لانسحاب الاتحاد الإفريقي منها.
وجاءت مشاركته المونديالية الأولى عبر تصفيات 1970، وتبادل الفوز مع المغرب قبل الخسارة بمباراة فاصلة، وكان قبلها خرج من الدور الأول لكأس إفريقيا 1968، ثم غاب بعدها عن النهائيات القارية حتى منتصف الثمانينيات.

صفوف متأخرة
بقي أسود التيرانغا بين المنتخبات الضعيفة قارياً فترة طويلة حتى إنه فشل بالتأهل إلى النهائيات القارية قرابة عقدين، وبفضل الانفتاح الأوروبي على المواهب الإفريقية مطلع الثمانينيات ارتفع المستوى العام، وبالطبع استفاد منتخب السنغال كما غيره فعاد إلى البطولة الإفريقية في مصر 1986 تحت قيادة رمز تلك الحقبة يوليوس بوكاندي، وفي القاهرة فاجأ الجميع بالفوز على مصر افتتاحاً، ثم سجل فوزاً ثانياً على موزمبيق، إلا أن الخسارة من ساحل العاج جعله أول منتخب يخرج من الدور الأول بعد فوزين.
خلفاء بوكاندي شاركوا في البطولة ثلاث مرات متتالية بعد فشلهم بتصفيات 1988، فحلوا رابعاً عام 1990 بالخسارة أمام الجزائر بنصف النهائي، وزامبيا بمباراة الترتيب، وفي أرضهم 1992 خرجوا من ربع النهائي أمام الكاميرون، والشيء ذاته حدث في تونس 1994 أمام زامبيا، وقاد الفريق خلال البطولات الثلاث المدرب الفرنسي الشهير لوروا، وقد خلفه الألماني شينتغر الذي انتهت مهمته مع ربع نهائي كأس إفريقيا 2000، وهذه المرة أمام نيجيريا بعد وقت إضافي.

حقبة ميتسو
عامان فقط تسلم خلالهما المهمة الفرنسي برونو ميتسو، فصعد بالسنغال إلى القمة، وبات أسود التيرانغا حديث القارة والعالم أجمع، حيث بلغوا المونديال للمرة الأولى، ولم يكن الطريق سهلاً وقد تفوقوا على المغرب بفارق الأهداف فقط.
في تلك الأثناء ضمن حضوره النهائيات القارية بعدما لعب 4 مباريات فقط بعد انسحاب غينيا من الدور النهائي، وفي النهائيات بمالي سجل أفضل إنجازاته ببلوغه النهائي، وبهدف يتيم بشباكه بعد 5 مباريات جاء في نصف النهائي أمام نيجيريا، وفي النهائي اصطدم بفريق أكثر صرامة دفاعية هو الكاميرون، وكان الحكم يومها لركلات الترجيح التي ابتسمت لرفاق ريغوبرت سونغ.

قاهر الأبطال
رغم ذلك الإنجاز غير المسبوق قارياً، إلا أن ميتسو ذهب إلى المونديال بآمال ضعيفة، بل إن الجميع ترأف بحاله عقب وقوعه مع بطلين سابقين (فرنسا والأورغواي)، وبطل أوروبي (الدانمارك)، وبتشكيلة ضمت 20 لاعباً ينشطون في الأندية الفرنسية فاجأ الجميع وأولهم ديوك بلاده بالفوز عليهم، ثم تعادل مع الآخرين، ليتأهل إلى ثمن النهائي، وفي دور الـ16 واصل مفاجآته فأخرج السويد بهدف ذهبي، ليلتقي تركيا في ربع النهائي، حيث توقفت رحلته بهدف ذهبي أيضاً، وقد أصبح لاعبون مثل ضيوف وكامارا وبابا ديوب وحبيب باييه وسيلفين ندياي وساليف دياو يتصدرون عناوين الإعلام.

ضريبة النجومية
رحل ميتسو وتفرق النجوم، وكعادة الأفارقة فقد شغلتهم الأضواء، ليتراجع المنتخب، لكنه واصل الحضور بين كبار القارة في بطولتها، فخسر ربع نهائي 2004 أمام المضيف التونسي، وحل رابعاً عام 2006، قبل أن يغادر من الدور الأول 2008، وغاب عن 2010 و2013 واكتفى بالدور الأول 2012 و2015 قبل أن يتأهل إلى ربع نهائي 2017، وخسره بالترجيح أمام الكاميرون.

حلم ماني
اعتبر السنغاليون ما حققه فريقهم في بطولة الكاف فألاً حسناً ومقدمة جيدة للتصفيات المونديالية، وجاء ذلك بفضل جيل جديد يضم الكثير من المواهب، وتحت قيادة المدرب سيسيه كانت البداية جيدة بالفوز على الرأس الأخضر إلا أن خسارة ظالمة أمام جنوب إفريقيا صعّبت الأمور، لكن قراراً من الفيفا بإلغاء النتيجة وإعادتها أنعش ماني ورفاقه الذين عادوا ليتعادلوا مرتين مع بوركينا فاسو، ثم جددوا الفوز على الرأس الأخضر.
ثماني نقاط كانت كافية ليكبر الحلم، فبات الفوز على البافانا بافانا في مباراة أولى كافياً لقطع بطاقة المونديال، وهو ما تحقق بالفعل، فكانت العودة الثانية.
في مونديال 2002 كان أسود التيرانغا محترفين في فرنسا، واليوم تغير الوضع كثيراً، فقد اتسعت رقعة أنديتهم على طول القارة الأوروبية، ولعل أشهرهم نجم ليفربول ساديو ماني، ومدافع نابولي خاليدو كوليبالي، ومهاجم تورينو مباي نيانغ، وإلى جانبه موسى سو (الأهلي الإماراتي)، وكيتا بالدي دياو (موناكو) وفي الوسط: إدريسا غوييه (إيفرتون) وشيخو كوياتيه (ويستهام) وهنري سيفيه ومحمد ديامي (نيوكاسل) ومامي ضيوف (ستوك سيتي) وشيخ مبونجي (سانت إيتيان)، وفي الدفاع كارا مبوج (أندرلخت) وأداما مبونجي (كان) ويوسف سابالي (بوردو).

كولومبيا
الكوفيتيروس يطمعون بمربع الكبار
عاشت كولومبيا كروياً في ظل تفوق عمالقة الكونميبول (البرازيل والأرجنتين والأورغواي)، فلم تفلح باختراق هذا الثلاثي سوى مرة يتيمة عام 2001 عندما توج منتخبها الملقب بالكوفيتيروس بلقب كوبا أميركا على أرضه، مستفيداً من غياب أبناء التانغو وارتباك السيليساو وتراجع السيليستي، والطريف أن اللقب الوحيد في سجل المنتخب الكولومبي كان شؤماً عليه، فغاب عن المونديال في ثلاث نسخ لاحقة، قبل أن يعود عام 2014، وفيها عاش خاميس رودريغيز ورفاقه أياماً هي الأجمل عندما بلغوا ربع النهائي، قبل أن يخرجهم أصحاب الأرض، ويعود الكوفيتيروس للمشاركة بالمونديال بطموحات أكبر رغم المشوار الصعب نحو روسيا.

حضور متأخر
تعرف الكولومبيون إلى كرة القدم متأخرين نوعاً ما، ولذلك لم نشاهد المنتخب الكولومبي إلا في عام 1938 وشارك للمرة الأولى بمونديال تشيلي، وخرج من الدور الأول، وكان ظهوره في البطولة القارية الأقدم متقطعاً فاحتل مراكز متأخرة، وعلى مستوى المونديال بدأ المشاركة منذ تصفيات 1958، فكان تاسع منتخبات أميركا اللاتينية الذي يشارك فيها، ولم يسبق سوى منتخب فنزويلا الذي انسحب من تلك التصفيات، وفي النسخة التالية كان حضور الأول في المونديال بعد مباراتين فقط بالتصفيات أمام البيرو، ففازوا بالأولى بهدف وتعادلوا بالثانية 1/1، ومن هناك بدأت حكاية أخرى من النتائج المحزنة.

قصة قصيرة
المشاركة المونديالية الأولى كانت على أرض الجارة تشيلي، فوقع بالمجموعة الأولى وبدأها بخسارة 1/2 أمام الأورغواي، وأنهاها بخسارة بقيت الأثقل في سجلاته المونديالية أمام يوغسلافيا، وما بينهما قدم مباراة للذكرى أمام السوفييت، وتأخر بثلاثية قبل أن ينهي المباراة بالتعادل 4/4.

بعد 28 سنة
غاب الكولومبيون عن العرس العالمي حتى 1990، بفضل فريق يقوده النجم الشهير فالديراما، والحارس المجنون هيغويتا، وجاء التأهل يومها امتداداً للتألق في كوبا أميركا 1987، ويومها حل ثالثاً في أفضل مركز له في البطولة حتى ذلك الحين، وكذلك تألق نادي ناسيونال وتتويجه بطلاً لكوبا ليبرتادوريس كأول ناد كولومبي يفعلها.
وجاءت المشاركة في النهائيات كما أحب الكولومبيون، فقد بلغ الدور الثاني عن المجموعة الثالثة من المركز الثالث بعد فوزه على الإمارات، وتعادله مع الألمان، وخسارته بهدف من يوغسلافيا، وفي الدور الثاني التقى الكاميرون، ولأن غلطة الشاطر بألف فقد ارتكب هيغويتا خطأً فاحشاً أمام الثعلب العجوز ميلا تسبب بالخسارة 1/2 والخروج.

نمر من ورق
في تصفيات 1994 استطاع رفاق فالديراما واسبريللا التفوق على منتخب الأرجنتين بهزيمته الأثقل في بوينس آيرس (5/صفر)، فحجزوا بقوة مقعدهم في مونديال أميركا، حتى إن البعض رشحهم للمنافسة على اللقب هناك، إلا أن الفريق ظهر كوحش وديع، فخسر من رومانيا وأميركا، ولم ينفعه الفوز على سويسرا وتكرر هذا الأمر تماماً في مونديال فرنسا 1998.
وفي عام 2001 حقق أفضل ألقابه على الإطلاق بتتويجه بطلاً لكوبا أميركا وبشباك نظيفة عقب فوزه على المكسيك بالنهائي بهدف، إلا أن الكأس جاءت بالشؤم عليه، ففشل بالحفاظ عليها مكتفياً بالمركز الرابع في 2004، وقبلها فشل بدخول المونديال، وبعدها تراجع مستواه كلياً ليتواصل غيابه عن العرس حتى 2014.

ثلاث عجاف وعودة مظفرة
وبعد ثلاث بطولات من كأس العالم عاد المنتخب الكولومبي إليها من الباب العريض في النسخة الأخيرة التي أقيمت في البرازيل الجارة الشرقية، بعدما احتل المرتبة الثانية في التصفيات اللاتينية، وهناك سجل أفضل نتائجه في العرس الكبير بعد 4 مشاركات سابقة، فوصل ربع النهائي بأربعة انتصارات، وتصدر المجموعة الثالثة بالعلامة الكاملة على حساب اليونان (3/صفر) وساحل العاج (2/1) واليابان (4/1)، قبل أن يتخطى الأوروغواي بهدفين لنجمه رودريغيز، قبل أن يصطدم بصاحب الأرض السيليساو الذي أوقف المغامرة الكولومبية بالفوز عليه بهدفين لهدف جاء من جزاء لرودريغيز، وبه توج هدافاً للمونديال برصيد 6 أهداف.
الإبقاء على المدرب الأرجنتيني بيكرمان ونضوج اللاعبين جعل أنصار الكوفيتيروس يتفاءلون بتكرار التتويج بلقب كوبا أميركا 2015 على الأراضي التشيلية، إلا أنه توقف في ربع النهائي أمام التانغو بركلات الترجيح، وفي البطولة المئوية بعدها بعام سار رفاق فالكاو أبعد من ذلك فبلغوا نصف النهائي، حيث خسروا أمام اللاروخا بهدفين، ثم ظفروا بالمركز الثالث بالفوز على أبناء العم سام بهدف.
البطولة الأخيرة جاءت بعد ثلث الطريق نحو روسيا 2018 وكان الكوفيتيروس جمع 10 نقاط من 6 جولات، وبقي وضعه جيداً حتى الجولات الأخيرة من التصفيات، لكن أمر التأهل ظل معلقاً حتى الجولة الأخيرة، وخاصة بعد الخسارة المباغتة أمام البارغواي في بوغوتا، وفي ليما كان اللقاء الأخير مع البيرو، وكان الكولومبي بحاجة للفوز من أجل حسم تأهله، لكن خسارة تشيلي والبارغواي جعل التعادل كافياً لوصوله إلى المونديال مباشرة.

بلهجة التانغو
لاشك في أن بقاء بيكرمان الذي تسلم دفة المنتخب منذ 2012 أعطى طمأنينة لعشاق المنتخب، فباتوا يتطلعون إلى تجاوز ما حققه في النسخة الفائتة، وسيكون اعتماد المدرب الذي قاد الأرجنتين للتتويج بمونديال الشباب 3 مرات على المجموعة التي رافقته في البرازيل 2014، وعلى رأسهم رباعي المقدمة رادوميل فالكاو وخاميس رودريغيز وكارلوس باكا وخوان كوادرادو، ومعهم توفيلو غوتيريز ولويس موريال، وفي الخطوط الخلفية هناك الحارس الخبير ديفيد أوسبينا وكريستيان زاباتا وكارلوس سانشيز وسانتياغو أرياس وفرانك فابرا وفيلمار باريوس.

اليابان
بأفكار المخترعين وعزيمة المقاتلين
قبل قرابة قرن ونصف القرن عرفت بلاد الأرخبيل كرة القدم عبر الإنكليز كما هو معروف وإن كان اليابانيون يعتبرون أنفسهم أحد مخترعي اللعبة عندما زاولها أبناء الطبقة الراقية هناك تحت اسم الكيماري ولأن ألعاباً أخرى شغلتهم ووجدوا فيها متعتهم الأكبر فقد تأخروا كثيراً بالتعرف إليها، وشيئاً فشيئاً تعلقت الأجيال المتلاحقة بمتعة متابعة الكرة، ومطلع الثمانينيات وضع أبناء الإمبراطورية اللعبة في روزنامة الأمور التي يجب عليهم الإجادة فيها بعدما أدركوا أن الاحتراف سبيلهم للرقي، وما هي إلا سنوات قليلة حتى أضحوا لاعبين أساسيين في البطولات القارية، وفي خريف 1992 نظمت بلادهم النهائيات القارية ونجحوا باعتلاء منصة التتويج وبعد ست سنوات فقط بلغوا المونديال للمرة الأولى ثم سن الرشد في العرس العالمي بعد أن واصلوا الحضور الدائم، وبات هدفهم السير بعيداً في البطولة وهم الذين وصلوا دورها الثاني في مناسبتين سابقتين إحداهما في أراضيهم.

فن العمل والإتقان
لم تكن الرياضة بعيدة عن التقدم الذي شمل مناحي الحياة عقب الحرب العالمية فشارك منتخب اليابان بالتصفيات المونديالية منذ 1954، وفي الثمانينيات عرفت البلاد الطفرة الأولى للعبة بدخول الاحتراف ثم أقيم أول دوري للمحترفين مطلع التسعينيات بعد خوض المنتخب نهائيات أول بطولة للأمم الآسيوية 1988، ويومها حصد نقطة من ثماني نقاط قبل أن تستضيف اليابان النسخة العاشرة، ومن النقطة في الدوحة إلى بطولة القارة في 1992 ليصبح مقاتلو الساموراي قوة قارية من النخب الأول ودائمي الظهور في البطولات الآسيوية.

سفير معتمد
لم يكتب لمقاتلي الساموراي بلوغ مونديال 1994 إلا أنهم واظبوا على الظهور العالمي منذ 1998 ويومها اكتفوا بالدور الأول بثلاث هزائم كلها بفارق هدف ثم تأهل إلى الدور الثاني على أرضه وهناك سقط بصعوبة أمام الأتراك، وكان قد أضاف ما بينهما لقباً ثانياً على مستوى أمم آسيا ورفع ألقابه القارية إلى ثلاثة عام 2004.
في ألمانيا 2006 عاد لسيرته الأولى بالخروج من الدور الأول، وفي جنوب أفريقيا 2010 استعاد بعضاً من الصورة الجميلة بتجاوز الدور الأول قبل أن يخسر في دور الـ16 أمام البارغواي بالترجيح مودعاً برأس مرفوعة، وفي البرازيل 2014 لم تكتمل أفراح اليابانيين بالوصول إلى النجمة الرابعة قارياً والانفراد بزعامة آسيا فكان السقوط في الدور الأول صادماً.

شكوك وعودة
طوال قرابة 70 عاماً اعتمد اليابانيون على مدربين وطنيين إلى أن جاء الهولندي هانز أوفت عام 1992 كأول مدرب أجنبي وقد نجح بقيادتهم إلى أول إنجاز بتاريخهم قبل أن يغادر مع نهاية تصفيات مونديال أميركا 1994، ومذاك قاده العديد من الأجانب وأشهرهم الفرنسي تروسيه والبرازيلي زيكو، وفي مونديال 2014 كانت القيادة للمدرب الإيطالي زاكيروني.
وبعد الخروج من الدور الأول لمونديال البرازيل بنقطة يتيمة جاء تعيين أغييري مدرباً ومعه حاول الدفاع عن لقبه الآسيوي وبعد دور أول مثالي تصدر المجموعة الرابعة برصيد 7 نقاط وشباك نظيفة خرج من دون خسارة عقب التعادل مع الإمارات وركلات ترجيح عبست بوجهه ليتم الاستغناء عن المكسيكي وتعويضه بخليلوزديتش الذي أصبح ثاني بوسني يقود اليابان بعد إيفكا أوسيم (2006– 2007).
الدولي اليوغسلافي السابق بدأ الجد سريعاً من خلال التصفيات المشتركة المؤهلة إلى كأس آسيا 2019 ومونديال 2018 ورغم التعادل الافتتاحي على أرضه مع سنغافورة إلا أنه أنهى المرحلة الثانية متصدراً برصيد 22 نقطة بعد 7 انتصارات متتالية و27 هدفاً بشباك نظيفة وفي بداية المرحلة الثالثة الحاسمة واجه بعض الصعوبات فخسر على أرضه من الإمارات لكنه عاد وحصد 16 نقطة في 6 مباريات ومنها ثأره من الأخير بأرضه قبل أن يتعادل مع العراق وفي الجولة قبل الأخيرة كان يتحتم عليه الفوز على ضيفه الأسترالي وهكذا كان.

كتيبة البوندسليغا
مطلع التسعينيات ومع انطلاق دوري المحترفين استقطبت اليابان عدداً من نجوم الكرة العالمية القريبين من الاعتزال أمثال زيكو وليتبارسكي ولينيكر وبعضهم أعطي الجنسية ليمثل المنتخب الياباني مثل البرازيلي روي راموس، ومع بدء المشاركات في كأس العالم بات نجوم المنتخب محط أنظار الأندية الأوروبية فلعب عدد منهم في أوروبا حتى بلغ عدد المحترفين خارج البلاد 14 لاعباً من أصل 23 هم قوام البعثة المشاركة في مونديال 2014، واليوم ينتشر قرابة تشكيلة كاملة للاعبين الدوليين في ملاعب أوروبا وآسيا وحتى المكسيك ستكون تحت إمرة المدرب المحلي أكيرا نيشينو الذي حل مكان خليلوزديتش مؤخراً.
ولعل أبرزهم الكابتن كيسوكي هوندا (باتشوكا المكسيكي) ويحيط به ثمانية لاعبين ينشطون في البوندسليغا وهم شينجي كاغاوا (دورتموند) وهاراغوشي (هيرتا برلين) وتاكومو أسانو (شتوتغارت) ويايا أوزاكو (كولن) وساكاي (هامبورغ) يوشينيوري موتو (ماينز) وتاكاشي أوسامي (أوغسبورغ) وهاسيب (اينتراخت)، ومعهم يوشيدا وأوكازاكي لاعبا ساوثمبتون وليستر في إنكلترا ومن ورائهم جميعاً حارس ميتز الفرنسي كاواشيما وأمامه مدافع مرسيليا هيروكي ساكاي، وبالطبع لن يغيب العنصر المحلي والأشهر هنا ثلاثي أوراوا ريد (أوجايين وإيندو وماكينو) ونجم غامبا أوساكا شو كوراتا.
الأحلام كبيرة وقد استبق اليابانيون مونديال 2006 بالتخطيط للفوز بالمونديال عام 2050 وبانتظار ذلك لابد من بعض العلامات وإن كان الحديث عن هذا الأمر مبكراً لكن لا مانع من إنجاز صغير يسبق الحلم الأكبر فهل تكون روسيا محط أنظار الساموراي؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن