ثقافة وفن

الإشراف بدعة سورية..

إسماعيل مروة : 

في عدد لا يستهان به من برامج التلفزيون السوري بقنواته العديدة، وفي الإذاعة نقرأ عبارة: الإشراف، أو الإشراف العام، وغالباً ما يكون الإشراف مسجلاً باسم المدير، مدير القناة أو من يحل محله، ولو بحثنا فلن نجد معنى لهذا الإشراف، فقد يسجل البرنامج في غياب المدير، وقد لا يراه أصلاً، وقد لا يتناقش مع المعد والمقدم والمخرج في أي شيء وأزعم أن بعض حالات الإشراف يجهل فيها المشرف أسماء العاملين فيما يحمل كلمة الإشراف العام، ربما كان المراد من كلمة الإشراف العائد المادي، فهو له حصة من هذا البرنامج أو ذاك، وله مكافأة مادية! ومع الاعتراض على هذه السياسة المادية، إلا أنها تخضع للنقاش، فالشخص الذي استلم الإدارة هو بصورة تلقائية يشرف على كل البرامج، ويحمل مسؤولية هذه البرامج، والأمر لا يقتضي أن يسرق جهد سواه ليحصل على قيمة معنوية، وقيمة مادية، فإذا كان هذا من مهامه لم يأخذ من جهد الآخر معنى ومادة؟ وهل من حق أحدهم أن يفعل ذلك لمجرد أن صار مديراً أو مديرة؟! وإن تغير المدير، ففي لفتة عين يتم التغيير للإشراف، مع أنه لم يتسلم مقاليده بعد في المنصب الجديد!
أنا أفهم الإشراف تخصصاً، ففي برنامج في السياسة يشرف أحد الخبراء والمحللين- إن وجدوا-! وفي الدراما أن يشرف مخرج مهم أو كاتب أو درامي مخضرم! لكن أن يكون الإشراف لمدير محترم لا علاقة له بالموضوعات المطروحة، فهذا أمر مختلف! فليسجل أحدهم إشرافه على قسائم المال، ولا داعي لوضعه في حالة تندر في الشارة، لتبدو كل البرامج من بنات أفكار هذا المدير أو ذاك..
واليوم في الإذاعة في البرنامج الصباحي، وفي عدد من البرامج نسمع عبارة الإشراف العام، من مبدأ ما حدا أحسن من حدا، ولكن الطريف أنه إن لم يكن أمام المذيع من اسم مشرف، نسمع عبارة الإشراف والإعداد والتقديم فلان أو فلانة، ولننظر إلى هذه العبارة التي يقولها المذيع أو المذيعة، ومدى منطقيتها وسخفها واستخفافها بالمستمع، فالمشرف العام هو المذيع الذي يعد فيشرف على ما أعده، ويقدم فيشرف على ما يقدمه بنفسه! أرأيتم إلى هذا الأسلوب العلمي الديمقراطي الإعلامي وهو لا يوجد إلا في إعلامنا، ففي الإعلام الآخر سواء كان مغرضاً أم غير مغرضٍ نجد كادراً للإعداد المتخصص، وكلهم من الأساطين، ولا يجوز للمقدم أن يتحرك إلا وفق رؤى الإعداد، هذا الإعداد الذي يحدد وفق دراسات علمية الشرائح المستهدفة قبل أن تصل المادة البرامجية أو الفيلمية إلى المقدم، لذلك تأتي تلك البرامج المدروسة بعناية فائقة بالنتائج الموضوعة، ويقبل المعدون إخضاعها للإحصائيات وقياس ردود الأفعال من المتخصصين والرأي العام، أما لدينا فالأمر أهم، جاء على بال المذيع وهو في طريقه أن يتحدث عن ظاهرة ما، لذلك يقوم بالحديث عنها، ويشرف على نفسه، ليشكر لنفسه أنه ثرثر على المذيع، وغالباً- والعارفون يدركون- يكون هذا التقديم بلا ورق مكتوب، فلا يعرف أحدهم ما يقول، وإلى أين يصل! وإن جابهه أحد المستمعين أو المشاهدين بأمر أشكل عليه، ليس أمامه سوى انقطع الاتصال..!
المطلوب فقط احترام الآخر والذات أولاً، وألا نضع المهام بشكل اعتباطي، فالإشراف يعني الإشراف والمسؤولية، وهو ليس كلمة تقال هكذا.. عذراً من أصدقائي المديرين الذين يظنون أنفسهم معنيين بما أقول، وهم حتماً معنيون..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن