الأخبار البارزةثقافة وفن

أغار على هويّتي الفنيّة السوريّة…مازن عبّاس لـ«الوطن»: الرهان عليّ بأنّني شخصيّة كوميديّة هو خيار كسول من المنتج أو المخرج

 عامر فؤاد عامر : 

قدّم موهبته في أكثر من عشرين عملاً فنياً درامياً، وعرفه الناس في تجربة أولى ضمن مسلسل «مشاريع صغيرة»، لتتالى الأعمال عليه ومنها، «حارة عالهوا»، و«خالد بن الوليد»، و«لورنس العرب»، و«قمر بني هاشم»، و«تحت المداس»، و«أبو جانتي»، و«حدود شقيقة»، و«أيام الدراسة»، و«طوق البنات»، وغيرها، ومشروعه في التمثيل لم يكن ضمن الدراما التلفزيونيّة فقط، بل لديه أدواره السينمائيّة في فيلم «المهد» لمحمد ملص، و«مطر أيلول» لعبد اللطيف عبد الحميد، و«صديقي الأخير» لجود سعيد، و«نخاع» لوسيم السيد، الذي حاز جائزة الامتياز والتفوق الذهبيّة في مهرجان best shorts competitions في كاليفورنيا، كما لديه هاجس في الإخراج، فقدّم في مسرح الطفل مجموعة من المسرحيّات، وهو حائز شهادة دبلوم دراسات عليا في التمثيل والإخراج المسرحي من الجامعة اللبنانيّة. الفنان «مازن عبّاس» يتحدّث إلينا في صحيفة «الوطن» عن تجربته التمثيليّة والفنيّة.

تأطير الشخصيّة
يتمّ غالباً تنميط الممثل لدينا في كاركتر أو شكل فنّي يرتبط به، والممثل «مازن عبّاس» يراه الكثيرون في الشخصيّة الكوميدّية أكثر من غيرها من أنواع الشخصيّات الفنيّة، فهل هذا الأمر إيجابي له أو أنه يحتمل نظرة مختلفة عن المعتاد، وحول هذه الفكرة كانت إجابته الأولى: «دافعت عن شكل الأداء أكاديميّاً، فأنا أصررت على دراسة مهنة التمثيل اكتمالاً للموهبة، وشخصيّاً أنا امتلك هويّة وليس كاركتر، فأنا ممثل من حيث المبدأ الأساسي ثم عملت على تطوير الحالة من خلال الدراسة، وأنّ يرتبط اسم معين بخط الكوميديا فهذا شيء مهمّ لأنه فنّ صعب الأداء، ومع ذلك فقد أديت شخصيّات غير كوميديّة مثل مسلسل «بعد السقوط» للمخرج «سامر برقاوي»، ومسلسل «تحت المداس» الذي أخرجه الفنان «محمد الشيخ نجيب»، ومسلسل «أبو خليل القباني» للمخرجة «إيناس حقّي»، وغيرها من الأدوار غير الكوميديّة، فالرهان عليّ بأنني شخصيّة كوميديّة هذا رهان يسعدني، لكنه خيار كسول من الجهات المنتجة أو المخرجة، فهو تنميط تقوم به إحدى الجهتين تحقيقاً لراحتها، فيكون فلان فقط لدور محدد، وشخصيّاً لا شأن لي في كلتا الجهتين، فما عليّ أن أفعله هو أن أبحث عن نفسي كفنان، وعن أدواتي، على الرغم من الظروف الصعبة».

بين نجاح وآخر
تفوق الفنان «مازن عبّاس» في دراسته الأكاديميّة في لبنان، وأثبت حضوره التمثيلي في الدراما السوريّة، لكن لم تتقدمه أدوار تمثيليّة واضحة تبرز وتبين ما يمتلكه من مواهب، وعن الموازنة بين الأمرين والمقدرة في المحافظة على ما يملك من مقدرات وانتظار فرصة يقدّم نفسه من خلالها يقول: «ما يُثلج صدري قليلاً، هو مقياس شخصي اعتمده على ردّة فعل الناس، بعد أن قدمت عدداً ليس بالقليل من الأدوار، فأينما كنت أجدهم أكثر لطفاً وقرباً مني، ويشجّعوني دائماً بمحبّة، ويرغبون في التعامل معي، ولكن في الحقيقة، وبعد تخرجي في لبنان، كنت أعتقد بأنني سأحقق نجاحاتٍ خلال فترة قصيرة من الزمن، لكن ما يحصل على أرض الواقع صعب كثيراً، ويخلق حالة إمّا أن تمنح الممثل تحديّاً جديداً، أو فشلاً والوقوف عند نقطة ثابتة، لن يتطور بعدها. وعموماً ما يسرّني اليوم هو أنني أمام نقطتين واضحتي المعالم، الأولى أنني لم أُحرق بعد، والثانية أنه ما يزال هناك من يراهن عليّ، على الرغم من أنه لا يمكنني القبول بأي دور يتقدّمني، وفي السنوات الثلاث الأخيرة لم تعرض عليّ أدوار كما كان في السابق، فهناك خلطة جديدة غريبة لا يمكنني فهمها، ولذلك أبقى على تركيزي في الجانب العلمي المهني بما يتعلق بشخصيّتي الفنيّة ولا اهتم كثيراً للعوامل الخارجيّة فهي لا تدوم كثيراً، وهذه الناحية اكتسبتها من المسرح والتعامل مع اللغة المسرحيّة، فأنا في الأساس مسرحيّ، وكان لي الشرف في المشاركة والعمل في أهم مسرح عالمي «دوسوليه» الفرنسي «مسرح الشمس» من العام 2005 إلى العام 2008، ومن المسرح جئت إلى التلفزيون».

وعي المنتج والتاجر
ما الحلّ للمحافظة على الدراما والخروج بها من الانحطاط، فلكلّ العاملين والمهتمين بالدراما السوريّة رؤية حقيقيّة لهذا الجانب الذي ارتقى باسم البلد عالياً في مرحلة من المراحل، وقد وضح الفنان «مازن عبّاس» رأيه عن هذه النقطة في نقاط كثيرة ومنها: «في الأزمة اتجه الإنتاج التلفزيوني نحو الانحطاط والجميع معترف بذلك، والحلّ واضح فهو مرتبط في وعي القيمين على هذا الإنتاج، واليوم هؤلاء إمّا سافروا خارج البلد، أو قسم منهم توفي كالمنتج «أديب خير» مثلاً، وبالتالي تعميم لغة التجارة في الداخل أصبح هو السائد، فلا تفريق بين المنتج والتاجر، والمنتج يبحث عن العامل الفني والجمالي، وليس التفكير بالتجارة فقط، أو جعلها أولويّة، ولست ضدّ الربح ولكن أن نلغي الفكر الفني أمام مسألة الربح المادي! فهذا لا يجوز، وهذا ما نلاحظه من مؤسسات الدولة أو المؤسسات الخاصّة، فهذا المنتج الوطني– الدراما السوريّة- أفتُخِرَ به منذ سنوات وقدّم البلد بصورة حضاريّة عشقتها الناس وتعلقت بها، فلماذا نقوم بتشويهه اليوم؟!».
جلجامش وتجارب جديدة
للفنان «مازن عبّاس» تجربة مسرحيّة مهمّة بدأها من مسرح عالمي عبر مسرحيّة «جلجامش» التي انطلقت لتُعرض في كلّ أنحاء العالم، وعن هذه التجربة كان سؤالنا وإجابته التالية: «في المسرح الفرنسي وبقيادة «آريان منوشكين» لديهم هناك مشاريع في كلّ فترة يقومون بها، وفي تلك المرحلة التي جاءت بعد تخرجي فوراً، كان هناك مشروع للمسرح العربي، فاستقطبوا مجموعة من الممثلين العرب، أغلبهم من سورية، فكنت من بينهم ومنهم الفنانون «أمل عمران»، و«أحمد الأحمد»، و«رافي وهبة»، و«جمال شقير» وآخرون، وقدّمنا من خلالهم مسرحيّة «جلجامش» والتي عرضناها في دار الأوبرا السوريّة فيما بعد، وفي عدد من المدن السوريّة، ثم قُدّمت في مسارح كثيرة من العالم، وهي وإنّ كانت تابعة لمشروع المسرح الفرنسي إلا أنها في الحقيقة مسرحيّة سوريّة مستفيدة من تجارب المسرح الفرنسي، كتجارب الارتجال، ومسرح ديلارتي، وغيرها». وعن المشاريع المسرحيّة القريبة القادمة يضيف: «لديّ اليوم «مسرحيّة «سورية لي» من تأليف «شادي كيوان»، وهي تتحدث عن الأزمة، وعن وجع السوري خلال الفترة السابقة إلى اليوم، وسنبدأ العمل عليها قريباً».

عمل مستمر واكتساب دائم
بعد الدراسة يجب على الممثل الحقيقي أن يبقى على صقل أدواته وتعلّم واكتساب جديدين، وحول هذه الفكرة يشير «مازن عبّاس»: «أنا ناقد قوي لنفسي، فمع كلّ دور أقوم به أضع كثيراً من النقاط التي تحفزني للعمل على نفسي وتطوير أدواتي كفنان، ودائماً أسعى للتعلم، فأشعر بأنّني صاحب هويّة فنيّة سوريّة أغار عليها، فقد شاركت في الكثير من المهرجانات المسرحيّة مثل: الجزائر، وبلجيكا، والمغرب، وفرنسا، ومصر، وغيرها، فكانت سمعة الممثل السوري مميّزة ومتفوّقة دائماً، وقد التقيت المخرج الفرنسي «جان جاك إينوه» وقال لي حينها: ما سرّ الممثل السوري؟ فعندما نريد التواصل مع ممثل عربي فوراً نفكر بالسوري أولاً، وقد كان لي مشروع مسرحي معه لكنه لم يكتمل للأسف لظروف خاصّة، فأنا دائماً على اطلاع على تجارب الناس وأعمالهم سواء مباشرة أم من خلال الكتب والقراءات».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن