قضايا وآراء

الجنوب السوري على صفيح التحرير

| ميسون يوسف

كما كان مرتقباً ومخططاً له اتجهت سورية إلى الجنوب لتحريره من الإرهاب وبتر اليد الإسرائيلية التي تعبث بأمن البلاد واستقرارها متكئة على مجموعات إرهابية احتضنتها وأعدتها لهذه الغاية.
لقد ظن رعاة الإرهاب من الأميركيين والصهاينة وأدواتهم في الخليج، أن التهويل والخداع والمناورات والمسرحيات الملفقة ستثني سورية عن تحرير أرضها، لكن الرئيس بشار الأسد كان قاطعا في كل مواقفه ولاسيما تلك التي أعلن فيها في الأسابيع الأخيرة أن الجنوب السوري كما الشمال سيحرر ويستعاد إلى كنف الدولة مهما كانت التكلفة والأثمان، ومع أن سورية تجهد لأن تكون الاستعادة عبر المصالحات فإنها لا تسقط من الحساب التحرير بالقوة.
هكذا كان الحال في الجنوب حيث شجعت الدولة المسلحين على المصالحة وسلوك طرق النجاة سلما والعودة للوطن والشرعية القائمة فيه، واستجاب البعض رغم العراقيل والتهديدات التي وجهها إليهم رعاة الإرهاب من القوى الخارجية، ومع هذا سجل نجاح ظاهر في المصالحات، أما من أصر وتمسك بمواقفه العدوانية ضد الدولة والشعب، فقد كان الميدان علاجه.
لقد ظن هؤلاء الإرهابيون من شتى العناوين والتصنيفات أن أميركا بتهويلها ستمنع عملية عسكرية سورية تطهر الأرض منهم، ونسي هؤلاء ما حصل في الغوطة الشرقية حيث لم تنفع كل التهويلات والمناورات الأميركية في ثني الجيش العربي السوري عن تحرير المنطقة وتطهير الريف الدمشقي من الإرهاب، ظن هؤلاء أن أميركا ستحميهم، لكن حساب الميدان كان خلافا لظنونهم، فمن جهة مضت سورية قدما في عملية التحرير مع اتخاذ التدابير المناسبة لكل سلوك، ومن جهة ثانية تنصلت أميركا من دعم هؤلاء وأبلغتهم أن لها حسابات أخرى لا تتيح لها التدخل عسكريا لحمايتهم.
لقد شكل الموقف الأميركي، رغم أننا لا نثق بمواقف أميركا ولا بقراراتها، صدمة لهؤلاء، وهو موقف لا يمكن اعتباره يقظة ضمير أميركية، والضمير الأميركي في حالة سبات إن لم يكن في حالة وفاة، بل هو موقف أملته اعتبارات موضوعية وذاتية أجبرت أميركا عليه، ومع هذا فإن سورية وحلفاءها ماضون قدما في عملية التحرير ومتمسكون بالإستراتيجية الأساسية الموضوعة لها، التحرير هو المصلحة وهذا له الأولوية وإن لم يتحقق المطلوب فإن القتال هو الحل، ليكون المشهد النهائي هو المشهد الذي حدده الرئيس الأسد لسورية كلها، سورية موحدة لكل أبنائها ومن دون أن يكون للإرهاب أو رعاته محل فيها. ومن ثم يمكن القول وبعد أن بدأت معركة الجنوب وحققت النتائج الباهرة في ساعاتها وأيامها الأولى، إن المعركة ماضية قدما حتى الحدود مع الأردن لفتح المعابر معها وحتى خط وقف الاشتباك في الجولان ليكون بعده كلام آخر وللعاقل أن يدرك ماذا تحضر سورية هناك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن