رياضة

شغل إيطاليا كلها بالصفقة الأغلى بتاريخ الريال واليوفي … هل ينسج رونالدو «الكالشيو» على المنوال ذاته؟

| خالد عرنوس

بعد تسع سنوات كاملة قضاها في إسبانيا شغل خلالها العالم بصراع ثنائي مع ليونيل ميسي هاهو كريستيانو رونالدو يرحل نحو إيطاليا، فحط رحاله في زعيم أنديتها يوفنتوس بعقد مدته أربع سنوات فاتحاً سوقاً جديدة لعرض بضاعته التهديفية وواضعاً كل إنجازاته مع ريال مدريد وقبله مع مانشستر يونايتد على المحك في أجواء تعشق اللعب الدفاعي وهو ما يجعله أمام امتحان صعب وقاس على أبواب الرابعة والثلاثين من عمره.
بالأرقام الشخصية لا يمكن مقارنة مسيرة «الطوربيد» البرتغالي في مانشستر يونايتد بتلك القياسية التي سجلها بقميص النادي الملكي لكنه صنع أمجاداً لاتنسى مع زعيمي إنكلترا وإسبانيا وهاهو يحاول السير على الدرب ذاته عندما يرتدي قميص «حمار الوحش» البيانكونييري لكن دون نجاحه صعوبات كثيرة سنأتي على أهمها في السطور التالية.

الباكي الذي أصبح أسطورة

في صيف 2003 لعب رونالدو المراهق بصفوف سبورتنغ لشبونة مباراة ودية أمام مانشستر يونايتد الإنكليزي ولفت الأنظار إلى موهبته فكان أن طلبه أليكس فيرغسون ليرتدي قميص الشياطبن الحمر، وفي العام التالي كان ضمن منتخب البرتغال الذي خسر نهائي يورو 2004 على أرضه أمام اليونان واشتهر رونالدو ببكائه الذي استعطف الجميع حتى إنه اشتهر يومها بـ«الطفل الباكي»، إلا أن الشاب اليافع تألق في صفوف اليونايتد على مدار ستة مواسم حصد فيها الكثير من الألقاب الفردية والجماعية فأضحى أحد نجوم الصف الأول عالمياً وبعد خلاف مع فيرغسون قرر رونالدو الرحيل وكانت الوجهة إسبانيا حيث ريال مدريد برقم اعتبر الأغلى يومها (106 ملايين دولار) ولم يخيب «الدون» كما بات يلقب آمال أنصار الملكي فأبهر الجميع من خلال سباق خاص مع ميسي حيث تقاسما الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم على مدار السنوات العشر المنصرمة، وحقق الكثير من الألقاب والأرقام الشخصية فأضحى الهداف التاريخي للميرينغي والهداف الأعلى لدوري الأبطال، لكن في الموسمين الأخيرين واجه صعوبات عديدة منها على أرض الملعب عندما أصيب غير مرة وأهمها خارج أرض الملعب.

القرار الصعب

لقد اتخذ رونالدو قراره قبل وقت ليس بالقصير وهو الذي أوحى به يوم توج بكأس دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي، وذلك لأكثر من سبب أهمها الضغوط التي واجهها في الموسم الفائت عندما تأخر بالتسجيل حتى مطلع 2018 وتزامنت هذه الضغوطات مع المواجهة القضائية مع مصلحة الضرائب في إسبانيا والتي اعتبرته متهرباً من دفع مبلغ ناهز 14 مليون دولار وهو ما هدده بالسجن وبعد مصالحة دفع جراءها المبلغ المرقوم كان لا بد من قرار حاسم.
في مطلع الشهر الحالي ذكرت صحيفة معروفة في تورينو مقربة من يوفنتوس أن النادي يفكر بالتعاقد مع رونالدو الشيء الذي اعتبره الكثير من القراء مزحة أو خبراً لرفع معنويات وخاصة بعد رفع أسعار التذاكر الموسمية بنسبة لم تحدث في العقد الحالي، ولم يكن الكثيرون ليتخيلوا أن مصادر الصحيفة كانت تمهد لخبر تعاقد اليوفي مع أحد المهاجمين الكبار وحسب رئيس النادي «أندريا أنييلي» فقد كانت الجهود الحثيثة من أجل جلب ليفاندوفسكي أو كافاني، لكن المصادفة وحدها وضعت رونالدو في أذهان إدارة السيدة العجوز.

الصفقة الأغلى

فقد تم عرضه من مدير أعماله الذي سبق أن تعامل مع اليوفي في صفقة سابقة ولم تكن إدارة النادي لتفكر طويلاً فقد حولت بوصلتها باهتمام نحو النجم البرتغالي وبحسبة بسيطة جاءت الموافقة على شروط ريال مدريد المادية وتم الإعلان عن الصفقة سريعاً على أن يقدم رسمياً في اليوم التالي لنهائي المونديال.
117 مليون دولار هي قيمة الصفقة الأغلى في تاريخ الناديين، فلم يسبق لزعيم الكالشيو أو أحد أندية السييرا A أن دفع مثل هذا المبلغ وبالمقابل لم يسبق لزعيم الليغا أن قبض مثل هذا المبلغ من قبل وهو الذي تعود على دفع المبالغ الطائلة مقابل النجوم ومن ثم التخلي عنهم بأرخص الأسعار.
ولم يكن اليوفي ليتأخر كثيراً في جني أرباح الصفقة فيكفي أنه باع أكثر من نصف مليون قميص يحمل الرقم «7» وعليه اسم رونالدو خلال 24 ساعة فقط من إعلان التعاقد مع الطوربيد، وماهي إلا ساعات أخرى حتى أعلن النادي مبيع كامل المقاعد المخصصة لجمهوره في ملعب يوفنتوس أرينا للموسم القادم، وقس على ذلك.

المهم والأهم

قد يكون من الأهم لإدارة اليوفي أن تكون الصفقة رابحة مادياً وهذا مهم للمناصرين ذلك أن نجاح مثل هذه الصفقات سيتيح للفريق تكرار التجربة مع نجوم الصف الأول وقد يكون التعاقد مع نجم من حجم رونالدو فاتحة خير لعودة النجوم إلى الكالشيو، ولكن يبدو أن الأهم للجماهير هو المردود الفني للنجم البرتغالي وأول الطلبات بالطبع هو التألق في الشامبيونزليغ كما تعود في الريال وبالتالي العودة إلى منصة التتويج فيها.
فبطولة الدوري الإيطالي وبطولة الكأس تعوّد الفريق على الفوز بها وربما لا يحتاج إلى لاعب من حجم كريستيانو للاحتفاظ بالبطولتين، وليس مهماً لجماهير البيانكونييري أن يتوج الأخير بلقب الهداف ولن تبحث هذه الجماهير العريضة حول العالم عن جوائز فردية لأنها بالنهاية تحصيل حاصل لأمجاد أهم، فهاهو اليوفي توج بالألقاب المحلية دون النظر للأرقام الفردية وعليه فإن الهدف الأول بالنسبة لها والذي لن تتنازل عنه هو التتويج مجدداً باللقب الأوروبي.

صعوبات جمة

عند التوقيع على العقد وفي أول تصريح له وعد رونالدو بالنسج على المنوال ذاته مع اليوفي، وهو بالتأكيد ما يطمح له النجم البرتغالي وجماهير النادي ويدل على ثقة كبيرة من نجم كبير يعرف إمكانياته جيداً، إلا أنه ربما لا يدرك ما ينتظره من صعوبات جمة في الكالشيو.
وأولها طبيعة الكرة الإيطالية القاسية والخشنة بسبب الطرق الدفاعية التي تنتهجها معظم الأندية وخاصة عندما تواجه الزعيم، وعليه فإن الخشونة التي واجهها الطوربيد في الليغا والبريميرليغ لا تقارن بنظيرتها بالسييراA وسيصعب بالطبع على كريستيانو إظهار مهاراته بالمراوغة والانطلاق السريع بالكرة والتسديد وخاصة مع تقدمه بالسن ولاسيما أنه أصيب أكثر من مرة في الموسمين الأخيرين، ولن يخفى أيضاً تأقلمه مع الأجواء الإيطالية ومع طريقة لعب زملائه أولاً.
ولا ننسى المقارنة التي ستلاحقه مع كل مباراة والأرقام التي كان يسجلها كل موسم في الريال، ففي إيطاليا ربما لن يكون مطلوباً منه تسجيل 40 هدفاً كما كان يفعل في مواسمه التسعة مع الريال لكن المراد منه أن يكون حاسماً في عدد أكثر من المباريات ولاسيما في أدوار الإقصاء من المسابقة القارية.

وأسباب للنجاح

مقابل كل ذلك فإن الجميع يعرف أن رونالدو لاعب محترف من الطراز الرفيع وخبرته الطويلة في الملاعب ستكون عاملاً مساعداً ولاسيما أن الفحوصات الطبية التي أجراها في تورينو أسفرت عن اكتشاف أنه مازال في كامل قوته البدنية، وإذا «الدون» تقدم به السن فإنه يواجه منافسين عواجيز (بمعظمهم) فالمعروف عن الأندية الإيطالية أعمار لاعبيها الكبيرة، وقد يكون من مصلحة رونالدو أيضاً تغيير خطة اللعب أو الاعتماد على لاعبين يناسبون أسلوبه وهذا الأمر بعهدة المدرب الخبير أليغري، وتبقى روح التنافس الكبيرة التي يتمتع بها البرتغالي وقد لمس العالم هذا الجانب عندما كان التنافس محتدماً مع ميسي.
هل ينجح رونالدو بالتحدي الجديد؟.. ربما ينجح ولكن علينا التذكر دائماً أن عجلة الزمن لاتعود إلى الوراء أبداً ولابد أن عقداً لمدة أربع سنوات يعتبر طويلاً للاعب على أبواب الرابعة والثلاثين وإن كان رونالدو صرح قبل فترة عن نيته الاستمرار حتى الأربعين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن