رياضة

كرتنا عجوز ولابد من تجديد دمائها … هجرة المدربين واللاعبين تستنزف قدرات الدوري

| ناصر النجار

زحمة في المواعيد والاتصالات تشهدها أنديتنا اليوم وهي تستقبل الموسم الجديد، بعض الأندية عينت طواقمها الجديدة وتواصلت مع بعض اللاعبين من أجل كسب ودّهم، وبعضها الآخر ما زال غارقاً في العسل.
أصحاب الإمكانيات الجيدة يلعبون بشطارة وهذا الكلام لا ينطبق على اللاعبين فقط بل على المدربين والأندية على حد سواء.
فالأندية الغنية يزحف إليها اللاعبون زحفاً من كل حدب وصوب وصولاً إلى العقد الأدسم، ولأن اللاعبين النخبة هم قليلون فترى التنافس على اللاعبين مقتصراً على أندية لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
أما بقية الأندية فتنتظر خيارات الأندية الكبيرة لتتنافس بينها على بقية اللاعبين.
والمشكلة التي تواجه كرتنا ملخصة بعدة أسباب لا تساهم في تطورها وتطور الدوري، بل تساهم بالنقيض الذي وضع كرتنا في حالة العجز، ونستطيع أن نقول إن كرتنا على صعيد الدوري (عجوز) وذلك لأن أغلبية اللاعبين باتوا من كبار السن، بينما الدماء الجديدة لا تضخ إلى شريان كرتنا لتغطي ما تفقده الأندية سواء من لاعبي النخبة المهاجرين أم من الذين انتهت صلاحيتهم فعلياً.

المزيد من الخسائر

وفي كل موسم نخسر المزيد من اللاعبين بمستوى يوسف قلفا وأسامة أومري وعمرو ميداني وهادي المصري وأمثالهم من دون أن نجد البديل المناسب.
وهذا النزيف من اللاعبين مستمر، فخسرنا هذا الموسم حسن عويد ومحمود البحر وعلاء الدين دالي وأيهم سودان وغيرهم، والحبل على الجرار، لأن فترة الانتقالات ما زالت في بدايتها ولم تغلق أبوابها.
والحال نفسه ينطبق على المدربين، فخسرنا هذا الموسم كلاً من: رأفت محمد وأنس مخلوف وماهر بحري ومعهم مجموعة من المدربين المساعدين ومدربو حراس المرمى، وأيضاً الباب ما زال مفتوحاً أمام المزيد.
والمشكلة الحقيقية تكمن بالتعويض، وللأسف السوق الكروية فقيرة باللاعبين، قد تستطيع بضعة فرق ترميم صفوفها بلاعبين جيدين، لكنه من الصعب سد فراغ المهاجرين، بينما فرق الوسط والظل تسعى إلى بيع المبرزين من لاعبيها لتأمين نفقات الدوري لأن همها من المشاركة البقاء وعدم التنافس، ودليلنا على ذلك جدول ترتيب الفرق في الموسم الماضي حيث كانت الفرق الأربعة الأولى في طابق، وبقية الفرق في طابق آخر، وفارق النقاط الشاسع بين الطابقين يتكلم بصراحة ووضوح عن هذا الأمر.
بمثل هذه الصورة الضبابية نستبعد أن نرى دورياً متميزاً بمستواه الفني وهو أمر اعتدناه في المواسم السابقة، لأن الأندية لا تبحث عن الحلول.
والحل يكمن بالتجديد لا بالشراء والتجديد يكون برفد الفريق الأول بعدد جيد من اللاعبين الشبان، وحتماً لن يكونوا أسوأ من اللاعبين الذين تجاوزا الثلاثين بسنوات وقد وجدناهم الموسم الماضي مترهلين وعالة على فرقهم، وهذا الكلام يصلح لكل الفرق التي لا تستطيع المنافسة، فبناء فريق جديد، أفضل بكثير من الاعتماد على كبار السن بداعي الخبرة.
ومع أن اتحاد كرة القدم جعل دوري الشباب إلزامياً وهو حل مطلوب، إلا أن زج بعض الشباب مع الرجال هو مطلب أكثر نفعاً في الوقت الحاضر، ولا مانع أن يلعب البعض بدوري الرجال، ودوري الشباب معاً، على أن تكون الفواصل بين الفئتين واسعة ومريحة.

أسعار فلكية

المشكلة الأخرى التي يتأثر منها الدوري بشكل عام هي الأسعار الفلكية التي يطلبها أغلب اللاعبين كل حسب مستواه، والأسعار هذه لا تستند إلى أي واقع ولا تعتمد على المنطق، والأندية تقع ضحية الجهل والسماسرة وذكاء اللاعبين الذين يحتالون على الأندية بادعائهم وجود عروض كبيرة من هنا وهناك.
ومن المفترض أن تكون اللجنة الفنية في كل ناد أكثر وعياً وإدراكاً لهذه الحقيقة حتى لا تقع في الفخ، فالقانون هنا لا يحمي المغفلين.
من جهة أخرى نستغرب (كإعلام) التعاقدات الكبيرة مع بعض اللاعبين الذين لا يستحقون هذه العقود، والأندية لا تستطيع تعويض ما تدفعه لهذا اللاعب أو ذاك من إعلان واستثمار، وأمام هذا فإما هذه اللجان جاهلة وتعود قراراتها على الأندية بالخسائر وإما أنها مستفيدة من هذه العقود فربما (وراء الأكمة ما وراءها) فكم لاعب على سبيل المثال تم التعاقد معه وهو مصاب، وكم لاعب من هؤلاء لم نره إلا على مقاعد الاحتياط، والأمثلة كثيرة وبكل الأندية!
لا نستطيع المطالبة بوضع سقف للتعاقدات، لأن العقد شريعة المتعاقدين، لكن تعاون الأندية فيما بينها قد يخفف كثيراً من أسعار السوق.

أخيراً

من كل ما سبق نجد أن التضحية أمر ضروري، وعلى الأندية أن تغامر بزج الشباب وتستغني عن العجائز والأسماء الرنانة غير المفيدة.
وهذا الأمر سيكون خيراً لها ولكرتنا الوطنية، وسيعوضنا ولو بعد سنوات عن اللاعبين المتميزين المهاجرين، ولنتذكر أيضاً أن لاعبي النخبة أيضاً بدؤوا يدخلون في سنواتهم الأخيرة من العطاء الكروي فمن سيعوّض كرتنا عنهم؟
وعلينا أن ندرك أيضاً أن جلّ لاعبي المنتخب من المهاجرين فمن سيعوض هؤلاء إن اعتزلوا أو أصيبوا؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن