ثقافة وفن

اليوم.. افتتاح معرض الكتاب الثلاثين … وزير الثقافة: التركيز على جودة ونوعية الكتاب الذي يتماشى مع ثقافة المواطن السوري

| الوطن- تصوير: طارق السعدوني

برعاية الرئيس بشار الأسد، تنطلق اليوم فعاليات معرض الكتاب الدولي بنسخته الثلاثين في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق، في أول فعالية ثقافية في الهواء الطلق بعد تحرير العاصمة من دنس الإرهاب على أيدي أبطال الجيش العربي السوري، ويستمر المعرض لغاية الحادي عشر من آب المقبل.
وفي هذه المناسبة، عقد وزير الثقافة محمد الأحمد مؤتمراً صحفياً، قال فيه: إن الهم الرئيسي في هذه الدورة كان التركيز على جودة الكتاب ونوعيته، وهو الكتاب الذي يتماشى مع ثقافة المواطن السوري الذي لا يعرف إلا الانتماء للوطن، وبالتالي لا مكان للكتاب الذي يسيء لثقافة سورية ولتضحيات شعبها وما قدمه من شهداء، وكذلك الإصرار على أن تكون الكتب المعروضة حديثة وبعناوين جديدة، وهو أمر أزعج بعض الناشرين، بسبب أن الهدف من المشاركة في معرض الكتاب ليس عرض ما في مستودعات دور النشر، وإنما تعريف رواد المعرض بكل شرائحهم بالكتب الصادرة حديثاً.

وأضاف: تعقد هذه الدورة تحت شعار «مجتمع يقرأ مجتمع يبني» انطلاقاً من الظروف التي عاشتها سورية بلد الحضارة والثقافة، ولأن أي مجتمع مثقف وقارئ هو مجتمع متطور قادر على أن يكون لديه محاكمة عقلية سواء في حياته العملية أو في تفكيره ورؤيته المستقبلية، فالإنسان عندما يقرأ يرتقي ويتطور ويصبح أكثر شفافية وقدرة على الانفتاح والحوار مع الآخر وعلى بناء نفسه أولاً ومن ثم أسرته ومجتمعه لاحقاً، وبالتالي فإن العلاقة مترابطة بين القراءة والبناء والتطور الذي نحن بأمس الحاجة إليه.. من هنا فإن معرض الكتاب في أي دولة هو فرصة للاطلاع على أحدث الإصدارات من الكتب، وعلى الجديد في مجالات العلوم المختلفة، وبالتالي فإن معرض الكتاب يحدث صدمة إيجابية وينبه دائماً إلى أهمية الكتاب وضرورته ويحرض على أن يكون في متناول أيدي المهتمين، ولتحقيق ذلك كانت نسبة الحسم في هذه الدورة تتراوح بين ٢٥-٤٠ بالمئة.
وأشار إلى أن التواصل مستمر وحثيث مع الكثير من الجهات حتى تكون مشاركتها وحضورها لفعاليات المعرض أغنى وأكثر.
وبيّن الوزير أن من يراقب التحضيرات الجارية يتلمس حجم الجهود الكبيرة التي تبذل، وقد تحولت المكتبة إلى خلية نحل يعمل موظفوها دون كلل منذ الصباح وحتى المساء لإنجاح فعالية أصبحت علامة فارقة في دمشق..
وتابع: يُعقد المعرض في ظل حالة الاستقرار والأمن اللذين تحققا بفضل جيشنا الباسل، ودماء أبطال قواتنا المسلحة وانتصاراتها التي انعكست إيجاباً على التحضيرات للمعرض، والتي كانت قد بدأت بشكل مبكر بعد أن تم تشكيل لجنة تنظيمية عليا أكدنا من خلالها أهمية التشاركية في العمل مع الوزارات والجهات المعنية لإنجاز عمل متكامل بحرفية عالية، ودراسة العناوين المرسلة من المشاركين وتنظيم دخولها إلى المعرض.
وكشف طبيعة اللجنة العليا الخاصة بالمعرض التي تضم ممثلين عن مجموعة من الوزارات والمؤسسات المعنية بالشأن الثقافي والتي اجتمعت عدة اجتماعات ووضعت أسس تنظيم الدورة ٣٠ لمعرض الكتاب، وأنجزت اللجنة بناء هيكلية المعرض من الناحية الفنية على مساحة ازدادت في هذه الدورة عن العام الماضي بنسبة لا تقل عن 45 بالمئة من حجم بناء المعرض واستكمال للإجراءات لاستقبال دور النشر المشاركة والتي يزيد عددها 200 دار نشر محلية وعربية، وبالتالي يفوق هذا العدد عدد الدورات الماضية بنسبة 100 بالمئة تقريباً بازدياد عدد المشاركات الخارجية، فهناك مشاركات من لبنان ومصر والمغرب والعراق وإيران وروسيا والدنمارك.
وأردف: إن التحضير لأي فعالية كبيرة مثل معرض الكتاب لا بد أن تعترضه بعض المشكلات ولاسيما في طبيعة العلاقة مع الناشر الذي مازال يعتمد الأسلوب التقليدي في العمل بإنجاز ما هو مطلوب منه في اللحظات الأخيرة، فهناك دور نشر كثيرة كانت بحاجة لعشرات الاتصالات لترسل قوائم الكتب المشاركة بها، وهذا أضاع وقتاً كان يمكن استثماره بشكل آخر، مع إشارته إلى التعاون الكبير مع رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم حافظ المعروف بديناميكيته ودأبه الكبيرين.
ووعد جمهور معرض الكتاب ببرنامج ثقافي غني ومتنوع سيقدم خلال فترة المعرض، مع الإشارة إلى وجود مهرجان سينمائي مرافق لمعرض الكتاب يتم من خلاله بشكل يومي عرض أحدث إنتاجات المؤسسة العامة للسينما، كما يتم لأول مرة في هذه الدورة اختيار شخصية تاريخية يُحتفى بها ضمن المعرض، وهذا العام وقع الاختيار على الفارابي وهو أحد أهم أعلام الفكر الإنساني وشخصية منفتحة ومبدعة في الفكر والموسيقا، وسوف يحتفى به من خلال معرض تُعرض فيه مجموعة من المخطوطات التي تحتفظ بها المكتبة للفارابي، إضافة إلى محاضرة تتناول سيرة حياته من خلال أحد المحاضرين المشاركين في الفعاليات الثقافية.
وعن حفلات توقيع الكتب أوضح الوزير أن المعرض سيشهد حفلات توقيع كتب لشخصيات مهمة في عالم الفكر والسياسة والثقافة والأدب، وقد بلغ عدد هذه الحفلات حتى ساعة إجراء هذا الحوار نحو 70 حفل توقيع، وهو عدد قابل للزيادة.
ثم تحدث عن حرص مكتبة الأسد على وجود جناح كامل لكتب الأطفال الصادرة عن دور النشر التي تنشر هذه النوعية من الكتب وتخصيص يوم للأطفال ضمن الفعاليات الثقافية من الصباح حتى المساء حيث ستقام ورشات تفاعلية لهم، ومجموعة من نوادي القراءة والمطالعة ضمن الأجنحة وأبهاء المعرض طوال فترة المعرض، تجدر الإشارة إلى أنه بعد الانتهاء من المعرض سيتم التحضير لمعرض دولي آخر يقام في الشهر العاشر لأول مرة مخصص بكتب أطفال بالتعاون مع اتحاد الناشرين السوريين ومديرية ثقافة الطفل، والهدف منه تشجيع كتاب الطفل وتعويد طفلنا على القراءة منذ الصغر لبناء جيل يقرأ، لأن الطفل الذي لم يتعود أن يقرأ منذ صغره لا ننتظر منه أن يحمل كتاباً عندما يكبر، لذلك يجب زرع بذرة الكتاب لدى الطفل منذ الصغر إذا أردنا مجتمعاً يقرأ.
وتابع الوزير حديثه: أشعر بأسف أن الأزمة أثرت في الكثير من دور النشر التي كانت مقراتها ومستودعاتها في الأماكن الساخنة، في حين نجا بعضها الآخر من التخريب والدمار، أما اليوم فتعيش دور النشر السورية حالة تعاف وعودة إلى نشاطها وفعالياتها، وقد تم تقديم كل التسهيلات الممكنة لتحقيق أفضل مشاركة لدور النشر السورية والعربية، وإن ما يؤخذ مقابل الاشتراك في معرض مكتبة الأسد رمزي وهو مجاني مقارنة مع دول الجوار، وبالتالي فإن المكتبة تقدم من الخدمات أكثر بكثير ما يأتيها من إيرادات بهدف دعم الكتاب السوري والعربي وتشجيع القراءة والمطالعة.
وأكد أهمية سورية التي كانت عبر التاريخ وما زالت مصدراً للكتاب والإلهام الثقافي والوعي، وبقليل من التنظيم والتعاون وتطوير وسائل وآليات العمل يمكن أن نرتقي ونصبح في المكان الأول عربياً على صعيد النشر، وهذا لا يتحقق إلا بمزيد من التنظيم والتعاون وتطوير أدواتنا، ولاسيما أن الكتاب السوري مازال مرغوباً في الوطن العربي لأنه يحمل الكثير من الجدية والالتزام، وهو مادة ثقافية غنية، والجميع فخور بذلك، وكل ما نتمناه أن يتاح له المجال بأن ينتشر ويتعمق حضوره في كل أرجاء الوطن العربي، لأنه ما زالت اللغة التي يُكتب بها هي اللغة العربية بشكلها السليم، في الوقت الذي أصبحت فيه جودة طباعته على المستوى الفني توازي أفضل دور النشر في المنطقة.
وختم الوزير مؤتمره بالحديث عن مقاييس النجاح في المعرض فقد يكون بالنسبة للناشر هي حجم المبيعات، وهذا حقه، أما بالنسبة لإدارة المعرض فالمهم المشاركات الناجحة للناشرين ليحققوا نسبة مبيعات جيدة، والأهم نسبة الحضور وتفاعل الجمهور معه ومع الفعاليات المقامة فيه وتشجيع القراءة ليكون دخول أي أب أو أم أو ولد أو طالب أو باحث أو دارس وشعوره بالرضا عن المعرض هو أهم نجاح وللآن: وسائل القراءة تطورت وقد أصبحت القراءة الالكترونية والنشر الالكتروني واقعاً عالمياً هو اليوم ينافس بشكل كبير الطباعة الورقية فمن الممكن أن تقيم المكتبة في المستقبل معرضاً للكتاب الالكتروني وإذا أتيح الوقت وظروف العمل، لأن مكتبة الأسد هي مكتبة وطنية لديها ظروف عملها، والمعرض هو جانب من جوانب عملها وليس كل عملها، وبالتالي فإن الطموحات كثيرة والمشاريع المستقبلية عديدة، وأتمنى أن تتيح الظروف تحقيقها لتلبية رغبات الجميع.. كلنا أمل أن يكون المعرض ناجحاً ويحقق الفائدة المرجوة منه، وأن يكون مبهراً ثقافياً وحضارياً بامتياز.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن